هل يجوز أختزال المشكلة السياسية بشخص الدكتور الجعفري؟

المهندس صارم الفيلي
sarimrs@hotmail.com

تشير التقارير أن بعض المراكز الستراتيجية لتقديم المشورة الخاصة بسياسة أميركا في العراق , تتبنى طرح يعود بالبلد الى حالة الدكتاتورية لكن بمعاطف جديدة .

أذا ما وصلت الأدارة الأميركية الى قناعة بأن مثل هذا السيناريو يخدم خططها الآنية ومتوسطة المدى في العراق .

 حيث اننا لم نعد نسمع الدوي الأعلامي السابق في " دمقرطة المنطقة "بسبب فشل السياسة الأميركية في العراق لقصورها عن أيجاد مقاربات واقعية تحلل جميع عناصر المجتمع العراقي,بأبعادها الجغرافية والسكانية وحتى النفسية وبأمتاداتها التاريخية والتأثير الجيوسياسي في الحالة العراقية الدقيقة .

 كخطوة أولى للتأسيس لهذا الأنقلاب " ونحن لسنا هنا مع أوضد نظرية المؤامرة رغم ضرورة أنفتاح العقل البشري على كل الأحتمالات الواردة " هو وصول البلد الى حافة الهاوية وتولد قناعة عند النخب السياسية وعامة الناس بأن ما وصلنا اليه هو طريق مسدود لا يمكن الأستمرار فيه والبديل هو الرجوع الى الخلف للبحث عن منافذ أخرى .

 ماهي مؤشرات وممهدات هذا الألتفاف على النهج الديمقراطي؟ - قبل شهور كشفت مصادر عربية " وهذا موثق" عن وجود مشاورات "ما زالت حينها قيد التداول" وتتصل بمخرج أمني استراتيجي للحالة في العراق "يقوم على اساس اعادة بناء الجيش العراقي السابق واسناد هذه المهمة الى جنرال كبير من نوعية وزير الدفاع السابق سلطان هاشم احمد الموجود قيد الاعتقال حاليا".

وهذا مع وجود الضباط الآخرين كالشهواني , واخيرا مدير الأستخبارات العسكرية الصدامية الأسبق " في عصر الثرامات البشرية " وبحسب تلك المصادر فان ما يبحثه الاميركيون مع دول عربية ذات صلة واهتمام شديدين بالشأن العراقي "هو بقاء العملية السياسية الجارية كما هي ولكن مع فارق يتمثل بمنح فترة طوارئ لحكومة عسكرية تحكم قبضتها على البلاد وتلتزم في الوقت نفسه باتمام العملية السياسية عند أستتباب الأمور الأمنية .

 وهذا يأتي عبر أيصال البلاد الى حالة واضحة من الفلتان الأمني , والضغوط السياسية ذات الأبعاد النفسية بأن البلاد على حافة حرب أهلية "من جانين أو أكثر " وان الأميركان سوف لا يتدخلون حينها كما صرح رامسفيلد قبل يومين .

 - يساعد على هذا, الصورة المشوهة والمغلوطة بل المدسوسة التي يرسلها وبأستمرار دبلوماسيون عرب الى نظرائهم الغربيين , بقيام الشيعة بتهمبش السنة بل القيام بالتصفيات الجسدية ضدهم , هذا مع الأستعداد المسبق لبعض هذه العقول واقصد الغربية لتقبل تلك الأكاذيب مباشرة ودون اخضاعها لمناهجهم في البحث أو الأستخبار حول صحة هذه المعلومة أو تلك , ان تفسيرنا لهذه الظاهرة الغريبة لاتخرج من دائرة المصالح ألأميركية الضيقة أو قل المصالح الأوسع لكنها تبقى ضيقة هنا في قصورها من جهة تقييم الآثار المترتبة عليها سلبا كمواقف مستقبلية لشيعة العراق اصحاب النفط والسكان والتاريخ , دون نفي كل تلك الصفات والميزات أو بعضها عن الآخرين .

 - كما كانت هناك تحركات لوفيق السامرائي بأتجاهين , التيار السلفي وتيار البعث الصدامي , لتنظيم نوع من العلاقة بالجانب الأميركي عن طريق أيهم السامرائي وزير الكهرباء في حكومة الدكتور أياد علاوي .

 وما يعزز من نضوج هذا السيناريو هو أصرار السنة العرب على ضرورة تغيير الدكتور الجعفري , رغم أن التداخل وربما التقاطعات الجغرافية الأقتصاديةوملاحقها هي أكثر حدة بين العرب السنة والجانب الكردستاني , أذا قارنا نفس العامل مع الشيعة الممثلين بقائمة الأئتلاف العراقي الموحد .

 حيث نجد أن قائمة التحالف الكردستاني لها مأخذ على الدكتور أبراهيم الجعفري في مسألة كركوك .

 لنفرض لو لم تكن هذه موجودة , هل عندها يقبل العرب السنة بأنضمام كركوك الى أقليم كردستان ؟ وما هي المساحة الجغرافية لمحافظة التأميم التي ستنضم الى أقليم كردستان ؟ .

 نلاحظ أن صالح المطلق أكثر صراحة في أظهار هذا التناقض من قائمة التوافق , ولذلك لم يبدي معارضة واضحة لترشيح الجعفري .

 أذن على ماذا يراهن تحالف عدنان الدليمي وطارق الهاشمي ؟ .

 على أمرين ,الأول التمهيد لشق صف الأئتلاف العراقي الموحد , والثاني على الأقل الحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات لصالحهم .

 وعلى كل حال العملية تقع في دائرة حفر الخنادق لمنع تقدم العملية السياسية , تمهيدا لأنجاح خطة الألتفاف الأميركية السعودية على الأئتلاف العراقي الموحد .

 انها ستراتيجيات تتعدى حدود العراق كما هو معروف .

 ماهو متاح هنا من خطوط دفاعية للشيعة ؟.

 -في البدء الحوار ثم الحوار مع كافة الأخوان في الوطن العراقي لتبديد المخاوف أو رفع الذرائع .

 لأن الحوار هو الأرضية الطبيعية التي تتحرك عليها كل عناصر الأجتماع البشري , ناهيك عن الأجتماع الوطني .

 -ارسال رسائل بشتى الطرق الى اميركا بأن محاولاتها الجارية بمشورة بعض الدول الطائفية لتهميش الشيعة سوف تأتي عليها وعلى المنطقة بنتائج كارثية , وذلك بأنهم سوف يخذلون المنهج المعتدل عند الشيعة والمتمثل بالأحزاب والتنظيمات المشاركة , بل التي تقود العملية السياسية بكل تعقيداتها , بكفاءة وحكمة واعتدال واضح للقاصي والداني مما يوفر للمنهج الآخر الذي شارك بالعملية السياسية الأخيرة " اقصد داخل الشيعة " أو لم يقف في طريق الأنتخابات الماضية .

 بل اختار وفق ما يؤمن به منهجا سياسيا قل فيه نوع من الهدنة , ولآخرين وان كانوا قلة داخل التشيع لكن لهم طرق في التفكير يتبنوها وهم يستدلون على متبناهم بنصوص من القرآن والسنة بطريقة تجزيئية, أو من خلال فهم تجزيئي للسيرة والتاريخ الاسلامي في التعامل مع الآخرين على اساس الغاء كل ما هو غير اسلامي من الساحة السياسية عند توفر امكانات الالغاء, باعتبار انهم يفكرون ان الآخرين لايمثلون حالة شرعية يسمح بتواجدها الأسلام , هؤلاء سوف تكون لمتبنياتهم نوعا من المصداقية , عند بعض الشيعة , وخاصة البسطاء , عندما يرون ان اميركا التي كانت لهم صديقا برفع الكابوس الصدامي الذي جثم على صدورهم واذاقهم كل تلك الويلات , هذه القوة العظمى " الصديقة " سابقا ساهمت بل عادت لتخطف احلامنا التي اصبحت واقعا ملموسا , لتعيد البعث " حفاري مقابرنا الجماعية " من جديد ولو بحلة معدلة .

 أما الدول الأخرى فلهم أقليات شيعية كبيرة كالموجودة في المنطقة الشرقية من السعودية وهي صاحبة الأرض التي يوجد تحتها معظم المخزون النفطي للمملكة , وسوف يصاب الشيعة فيها باليأس من كل محاولات أصلاح وضعهم على كافة النواحي ومساواتهم مع أقرانهم في الوطن .

 بعد أن يلاحظوا المؤامرة على شيعة العراق وكيفية تحركها ومن يشارك فيها , بأتجاه أعادة لعملية تهميشهم التاريخية .

 وهنا يكون دور مراجع الدين العظام مفصليا في التأسيس لهذا الوعي السياسي والموقف المنبثق عنه .

 - أن السياسة بشكل عام وعملية التفاوض السياسي بشكل خاص تعتمد على مهارات ذاتية في المفاوض , وهي معروفة , ولا مجال هنا لذكرها .

 وكذلك تعتمد على توفر شروط موضوعية في مقدمتها عناصر القوة على الأرض المملوكة للأطراف المتفاوضة .

 وهذه من شأنها تحقيق التوازن المطلوب .

 بدونها يصبح هناك خللا في ميزان القوة , يؤدي الى سيطرة طرف وتنازل أو خضوع الطرف الثاني عن أستحقاقاته .

 التوازن فقط في هذا الجانب يضمن كل طرف أحترام خيارات وخصوصيات وسلامة وأمن الطرف الآخر.

 هذا ممكن تشبيهه بالتوازن الرادع بين المعسكرين الشرقي والغربي سابقا الذي أختل بسقوط الأتحاد السوفيتي لتتولد نظام الأحادية القطبية وما جلبه من ويلات ومصائب أضافية على العالم .

 اليوم أميركا تفعل ماتشاء بغض النظر عن صواب أو خطأ فعلها ,لأنها بالنتيجة هي الدولة الوحيدة التي لا تحاسب على أخطاءها وفق آلية المحاسبة الموضوعة في مجلس الأمن المسيطر عليه أميركيا لحد كبير .

 هذا يأتي بالتأسيس لثقافة تتحدث عن حاضر ومستقبل شيعة العراق وحقوقهم وواجباتهم .

 والعوامل التي تؤثر وتحرك كل تلك المفردات , مثل تفعيل مستمر للحراك الداخلي من أجل السلطة , والقوة , المنعة , أعادة الحقوق المهضومة , الموقف من الآخر الداخلي وألآخر الخارجي من أجل الحصول على أكبر قدر من الحقوق المشروعة والمنسجمة مع ألأمتداد البشري لشيعة العراق والتضحيات الجسام لهم على كافة المستويات ولمختلف الحقب , وبما ينسجم ويتناسب مع الثروة الهائلة لمناطقهم , بأختيار من السبل أمثلها , مما تحقق وجودهم الفعال , لا حذفهم السابق , وتهميشهم السابق .

 ومحاولات تهميشهم الحالية من قبل بعض الأرادات الداخلية المعيقة بأمتداداتها الخارجية المتآمرة والطامعة .

 بدراسة العامل الدولي وأتجاهاته والقوى المؤثرة في توجيه أو أعادة توجيه تلك الأتجاهات , بوضع خطط وقاية ومشاريع وقاية من كل الكيدييات والعقبات التي توضع للحيلولة دون تمكينهم من التصدي لمسؤوليتهم التاريخية والأجتماعية وحماية بعدهم العقائدي .

 على الشيعة من اليوم فصاعدا عدم الخوف من تهم الطائفية .

 وأثبات النقيض ولو على حساب مصلحتهم .

 لأنهم أثبتوا عكسها وتاريخهم البعيد والقريب يشهد لهم بذلك .

 وأخيرا أود أن أبين أنني كنت , أميل لتفعيل سنة التداول في المواقع داخل الأئتلاف العراقي الموحد , وربما مازلت على هذا الرأي أذا كانت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على رئاسة الوزارة بصلاحياتها الدستورية الكاملة بيد قائمة الأئتلاف العراقي الموحد , لكن بآلية داخلية محضة , ولا أعتقد حينها سيعترض الدكتور الجعفري أذا وصل الى هذا التشخيص .

 الا أني بدأت أصل الى الجزم بأن المشكلة ليست بالدكتور الجعفري , على الأقل فيما يخص أكثر الأرادات الداخلية المعترضة , وكذلك الأرادات الأقليمية الطائفية وقبل كل ذلك , الأرادة الأميركية التي لا تفرق بين شخص وآخر داخل الأئتلاف العراقي الموحد , لأن لديها مشروعها السياسي الذي يتعدى الحالة العراقية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com