الأحزاب السياسية العراقية وسلال عنبها!

حامد الحمداني

h.alhamdany@comhem.se

لم يك في حسبان الشعب العراقي الذي كان تواقاً للخلاص من نظام طاغية العصر صدام حسين وحزبه الفاشي ، والخروج من ذلك الوضع القاسي ، ليصبح  ضحية وضع أشد قساوة وأفضع .

كما لم يدر في خلده أن يشهد هذا الصراع العنيف بين قادة الكتل والأحزاب السياسية على السلطة ، تاركين الشعب تحت رحمة القوى الإرهابية الصدامية والظلامية التي حولت حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق،  جراء الجرائم التي يقترفونها كل يوم بدم بارد ، وعن عزمٍ وتصميم لإنزال اكبر الخسائر البشرية والمادية بالشعب العراقي ، بسياراتهم المفخخة والعبوات المزروعة على الطرق والشوارع ، والأحزمة الناسفة للانتحاريين الظلاميين المجرمين ، حتى بات المواطن العراقي لا يأتمن على نفسه حتى في بيته .

وبدلا من أن توحد القوى والأحزاب السياسية التي عارضت نظام الطاغية صدام جهودها للتصدي لهذا الوباء الخطير الذي يعصف بالبلاد والعباد ، فقد جرى تحويل مجرى الصراع بين هذه القوى إلى صراع طائفي خطير بين الشيعة والسنة !!، ووصل هذا الصراع إلى الحد الذي جرت فيه أعمال القتل الوحشية على الهوية ، ولعب الإعلام المتخلف والمتعصب لهذه القوى دوراً خطيراً في تحشيد العناصر المتخلفة وغير المنضبطة ، وزجها في هذا الصراع الرهيب الذي ينذر بكارثة كبرى إذا لم تبادر هذه القوى على معالجة الأمر قبل فوات الأوان .

لكن المؤسف أن هذه القوى قد تخلت عن وطنيتها العراقية واضعة نصب أعينها الحصول على المكاسب والمغانم من خلال سعيها الحثيث للإمساك بالسلطة حتى لو احتراق العراق بأهله ، ففي حين نشهد كل يوم عشرات بل مئات الضحايا من المواطنين المقتولين خنقاً أو ذبحاً أو رصاصة بالرأس وهم معصوبي الأعين ومكتفي الأيدي على يد العناصر الإرهابية التي لم تبقَ وقفاً على العناصر الصدامية والظلامية ، بل يشاركها اليوم العناصر المحسوبة على الطائفة الشيعية بما فيها عناصر تنتسب إلى قوات الأمن المفروض فيها حماية الأمن والنظام العام والحفاظ على امن المواطنين ،وقد اعترفت وزارة الداخلية بأن عصابات الموت في الأجهزة الأمنية قد مارست هذا العمل الشنيع بحق المواطنين الأبرياء .

إن مصبية هذه القوى التي فقدت ثقة الشعب بها جراء مواقفها الا مسؤولة ، وتخليها عن وطنيتها العراقية ، فقد وضعت قوى سياسية عنبها في سلة إيران ، وأخرى وضعت عنبها في سلة سوريا ، وثالثة وضعت عنبها في سلة السعودية ، ورابعة وضعت عنبها في سلة أمريكا و بريطانيا ، ولكل منها أجندتها وأهدافها البعيدة المدى مستعينة بما تقدمها هذه الدول من دعم مادي ولوجستي لقاء الخدمات التي تقدمها هي لهذه الدول بالضد من مصالح الشعب والوطن .

ولم تتعلم هذه القوى الدرس من تجارب التاريخ ، وتناست كل تلك المؤتمرات التي كانت تعقدها يوم كانت في المعارضة الوطنية خارج الوطن ، وتوافقها على وحدة الجهود لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد ، ينعم فيه شعبنا بالحرية والعدالة الاجتماعية التي حُرم منها لعقود طويلة .

لقد تخلت هذه القوى عن الشعب في أحلك محنة تعصف به ، ولم يعد ما يهمها سوى تحقيق مآربها الأنانية ، وتعطشها للسلطة والاستئثار بها ، والسعي لتحقيق أهدافها الخاصة حتى ولو أدت إلى تمزيق العراق شعباً ووطناً .

الشعب العراقي أيها السادة تنتابه اليوم خيبة أمل كبرى بكم ، فقد تلاشى الأمل الذي كان يحلم به على أيديكم ، وأصابه اليأس من إصلاح الأوضاع المأساوية التي يعيش بظلها ، فلا أمان واطمئنان على الحياة ، ولا خدمات اجتماعية وصحية وثقافية ، والبطالة بلغت أعلى معدلاتها ، والجوع والفقر والأمراض تنخر بالمجتمع ، وانتم عنه لاهون ، وعلى السلطة تتصارعون ، ولخدمة الأجنبي تتسابقون .

الوضع خطير أيها السادة ، ولم يعد هناك متسع من الوقت إلا القليل لتكفروا عن أوزاركم ، وتعودوا إلى شعبكم ، و تدعو جانياً مصالحكم الحزبية والشخصية الأنانية ، ولتكونوا عراقيين أوفياء حقاً وصدقاً ، وليشد بعضكم إزر بعض ، ولتحافظوا على وحدة الشعب والوطن ، وتقفوا وقفة رجل واحد ضد كل من يسعى لإحداث الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد بمختلف قومياته وأديانه وطوائفه ، والحيلولة دون نشوب الحرب الأهلية التي لن ينجُ منها أحد أبداً ، وسيلعن التاريخ كل من يدفع أطياف الشعب العراقي المظلوم نحو الكارثة .


العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com