العراق (ألآن) بحاجة الى نفسانيين لا سياسيين
محمد عيسى
mido_aliraqi@hotmail.com
من المعروف ان الأسرة هي نواة المجتمع وكما ان الأسرة قد تتعرض الى ازمات فأن المجتمع يتعرض الى ازمات ايضا, وبما ان الأُسر العراقية جميعها تعاني حاليا من ازمة فهي بالتالي نواة للمجتمع والشعب العراقي فهو يعاني هذه الازمة .
وهذه الازمة لها عدة جوانب منها فقدان المواطن العراقي للثقة بيومه الذي يحياه الان واما عن غده فان المواطن لم يضعه في حسابه لانه بصراحة لايعلم ولايؤمن ان كان غده سيأتي ام لا, ولو سألت اي مواطن يمشي في الشارع العراقي عن شعوره بالامان لقال لك بكل صراحة وعفوية بانه الان خارج من البيت ولايعلم ان كان سيعود سالماً ام ميتاً وربما لن يعود الى البيت حياً كان ام ميتاً .
وما ازمة فقدان الامن كلياً التي يعيشها المجتمع العراقي الا واحدة من مجموعة ازمات وكوارث في ازدياد مستمر وتفريخ مستمر حتى اصبحت تتسابق مع مفاقس الدجاج الاتوماتيكية , حتى مطالب الامس البسيطة اصبح الان يتوسل للحصول عليها وتنعكس هذه الحالة على متطلبات الحياة ومقوماتها كالامنية والاقتصادية واما الجوانب السياسية فحدث بلا حرج فلو عدنا الى الفترة التي اعقبت سقوط النظام البائد مباشرة فقد كان لكل الفرقاء السياسيين اراء ومطالب وتصورات حول الفترة المقبلة وطريقة حكم العراق وكانت كل الشروط والخطوط الحمراء التي وضعها السياسيين لاتقبل النقاش ولا الحوار ورغم التحذيرات والنصائح التي كانت تُوجه لهم من قبل الكثير من اصدقاء الشعب العراقي والكثير من المحللين والمطلعين بضرورة عدم التعنت في بعض المسائل الحساسة ومحاولة الوصول الى صيغ من التراضي حولها ولاارغب الخوض في تلك المسائل وتفصيلاتها لانها وبعد ثلاث سنوات من النقاش والجدال وكثرة الاجتماعات التي دارت حولها وتغطيتها اعلامياً اصبحت معروفة للقاصي والداني ولكن ماارجوه من كل القوى والتنظيمات السياسية ان يجلس كل منهم لحاله ويعمل احصاء للمطالب والشروط التي وضعها قبل ثلاث سنوات ويقارن ذلك مع ما حقق منها في يومنا هذا لوجد ببساطة ان اكثر الشروط اصبح الان يتوسل لتحقيق مايعاكسها وان التعنت اوصل البلد الى شفا الحرب الاهلية والاقتتال بين ابناء الشعب الواحد ووصلت الامور الى حد لم تصله من قبل والتاريخ الحديث امامكم وقد راهنت بعض التكتلات السياسية على البعد العربي والمذهبي والقومي والعشائري والتشابه الايديولوجي الحزبي وكل هذه الابعاد تخلت عنهم ولم ولن تُعير لهم اي اهتمام الا بقدر مايحقق لها طموحاتها الاقتصادية والاقليمية ومصالحها السياسية فلا ايران ستساعد الشيعة ولاالسعودية ستساعد بعض التيارات السنية ولا الاردن سيساعد من يراهن عليها ولا سوريا ستساعد حلفائها من البعثيين والكل سيتركهم لوحدهم في الساحة يتقاتلون حتى اخر نفس كما يُقال وحتى امريكا اعلنت اخيراً على لسان وزير دفاعها بانهم سوف لن يتدخلوا في حالة حدوث حرب اهلية وعدم التدخل يعني ببساطة اتخاذ موقف المتفرج ويعني عدم التدخل حتى للفصل بين الاطراف المتنازعة فهل يعي السياسيون الى اي مرحلة اوصلوا بلادهم وشعبهم خلال ثلاث سنوات, ولذك اقول اننا حالياً وبهذه المرحلة الحرجة والخطرة جدا بحاجة الى خبراء في الطب النفسي كي يٌعلموا السياسيين طريقة الخروج بالمجتمع العراقي من ازمته الحالية ويعلموهم طريقة اختيار الكلمات والخٌطب وكيفية القائها واختيار الوقت المناسب لذلك وكيفية التأثير على مشاعر المواطنين وتوجيهها ايجابياً لأن خبراء علم النفس هم الأدرى بطرق حل الأزمات عند الناس وهم الأدرى بطريقة تفكيرهم حينما يكونوا تحت تأثير مثل هذه الضغوط النفسية نتيجة تدنّي الحالة الامنية وكثرة التفجيرات التي تحيط بهم وحالات الاغتيال والخطف فضلا عن تدني الحالة الاقتصادية والخدمية وانا انصح السياسيين بالاختفاء عن الواجهات الاعلامية لفترة وجعل اغلب اجتماعاتهم مغلقة وعدم الظهور الا بالاخبار والانجازات الايجابية التي تعزز الوحدة الوطنية وتشديد الاجرآت الامنية لخلق جو اكثر امنا لأن الجو الآمن سيساعد الناس على الشعور بالهدوء وهذا الشعور يخلق بيئة ايجابية للتفكير المنطقي مما يساعدهم على تناسي ماحلّ بهم ويمكنهم من السيطرة على سلوكياتهم المتشنجة, وان مسالة الطب النفسي ودوره الكبير في حل الازمات الاجتماعية معروفة للجميع وخاصة عند القادة السياسيين لأن كثيراً منهم قضّى مُدد متفاوتة خارج العراق وفي دول متقدمة في هذا المجال وكثيراً منهم درس فيها ويعلم بأثر الطب النفسي في هذا المجال .
العودة الى الصفحة الرئيسية