في الذكرى الثالثة لاجتياح العراق... مَن الأوْلى بالتوبيخ؟

 

رشاد الشلاه

rashadalshalah@yahoo.se

كثف زلماي خليل زاد سفير الإدارة الأمريكية في بغداد من حضوره الإعلامي عبر اللقاءات الصحفية والتلفزيونية ليوجه مزيدا من الضغط ، العلني هذه المرة، على الساسة العراقيين للتخفيف من غلوائهم الطائفي والقومي، ودفعهم للاتفاق على تسمية أطراف الحكم، والحكومة العراقية، في إطار واسع يضم أطياف القوائم الفائزة في الانتخابات النيابية الأخيرة، ولم يتردد في إعلان قلقه من فشل عملية تغيير النظام العراقي من نظام دكتاتوري إلى نظام ديمقراطي، لأن عملية تغيير نظام في بلد مثل العراق، عملية معقدة وليست بالسهلة، على حد وصفه. ورغم اعترافه بارتكاب الولايات المتحدة " أخطاء وسط عملية التحرير"، إلا أن سلوك الإدارة الأمريكية الحالية وسفيرها زلماي لا تشير إلى الاتعاظ من هذه الأخطاء وتصحيحها وبالتالي التخلص من أعبائها، بل هناك دلائل عديدة تؤكد على مضي هذه الإدارة على نهجها المتصف بالغطرسة في التعامل مع الآخرين، وعدم الإصغاء إلى نصائح الأصدقاء ناهيكم عن نداءات الآخرين، في أن اللجوء للوسائل العسكرية في حسم النزاعات، هو نهج مدمر يصعب التكهن والتحكم في عواقبه، والمعضلة العراقية الراهنة خير دليل على ذلك.                                                             

 في تصريحاته الأخيرة هذه، وبخ السيد السفير الساسة العراقيين، باتفاقه مع من وصفهم، بأنهم يفتقرون إلى الوعي بخطورة المرحلة، وعليهم أن يكونوا بحجم المسؤولية، و أن يفهموا أن مصلحة العراق يجب أن تأتي أولا، لأننا الآن في أزمة، والبلد ينزف ويتجه نحو الحرب الأهلية، ومن مسؤولية السياسيين العراقيين أن يشعروا بألم الشعب ويتفهموا حاجاته. "الحياة" 12/3/2006.

 لقد كان حريا بالسيد السفير وهو يوبخ الساسة العراقيين عشية الذكرى الثالثة لاجتياح العراق عسكريا، أن يوبخ ذاته و حكومته، أيضا، على ما آلت إليه أحوال البلد الأمنية والسياسية والاقتصادية، ولأن تكريس الطائفية السوداء والانتماء القومي الشوفيني وتغليبهما على مصلحة الوطن، كانت قد تمت مباركتهما عندما كان الملك زاد" التسمية الأمريكية له" وسيط الإدارة الأمريكية مع المعارضة العراقية قبل انهيار النظام الدكتاتوري في نيسان العام 2003، كما أن استقدام القوى الإرهابية للعراق وتحويل أرضه على مدى السنوات الثلاث إلى ساحة قتال معهم، كان بتخطيط مسبق من حكومته.

 السيد زاد يطلب من الساسة العراقيين الشعور بآلام الشعب العراقي و تفهم حاجاته، لكنه وإدارته الأمريكية وحلفاءها لم يلتفتوا إلى آلام الشعب العراقي وحاجاته، وصموا آذانهم عن نداءات القوى الوطنية العراقية الرافضة للحرب كوسيلة للخلاص من نظام حكم ديكتاتور العراق ومحذرة من عواقبها. وها هو قطار الموت العراقي محملا يوميا بعشرات الجثث منطلقا أمام أعين الذين يمنون على الشعب العراقي بخلاصه من صدام حسين، ولولاهم كما يقول زلماي خليل زاد" لكان صدام يحكم الآن وأيضا أولاده وأحفاده، يحكمون العراق" وفق نص تصريحه.

 من الصعب نكران " فضل" الإدارة الأمريكية في خلاص العراقيين من جلادهم المتوحش، لكن الثمن الذي دفعوه ويدفعوه يوميا من حياة أبنائهم و كرامتهم ومن مقدرات اقتصادهم غدا باهظا جدا، ولم يجدوا في أصدقائهم "المحررين" من يشعر بآلامهم و يتفهم حاجاتهم، فصار نهارهم عزاء وليلهم مأتما.

  لقد قامت إدارة السفير زلماي وحلفاؤها، بالتخلص من وحش الغابة ولكن عبر حرقها بمن فيها.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com