|
مجلس الأمن القومي المقترح لعبة السياسة الفاشلة
وداد فاخر* / النمسا
يتزامن اقتراح تشكيل ( مجلس الأمن القومي ) والذي جاء بعد فشل طرح مثيله السابق ( مجلس الحل والعقد ) مع ما يحصل على الساحة السياسية العراقية من هرج ومرج لا علاقة له إطلاقا بالأداء السياسي المفترض ، كون السياسة هي كما يقال فن الممكن ، لكننا نرى طفولة سياسية من سياسيين كان يفترض بهم أن يضعوا مصلحة وطن ممزق اسمه العراق نصب أعينهم دون التفكير بمصالحهم الشخصية التي أدت لهذا العدد الكبير من الضحايا والمهجرين دون أن ترف لأحدهم رمشة عين واحدة . فبعد أن قدم شعبنا الجريح التضحيات الكبار من اجل نجاح العملية الانتخابية في الدورة الانتخابية الأولى ، وتم صياغة الدستور الذي شاركت به جميع القوى السياسية وبضمنها تلك القوى التي تعلن على الملأ عدائها للشعب العراقي ، وتهدد علنا بإسالة دماء العراقيين ، عاد البعض بطرح مقترح ما سموه بـ ( مجلس الأمن القومي ) الذي لا ذكر ولا صلاحيات له في الدستور الجديد ، إذ إن هناك ذكر لثلاث جهات رئاسية فقط هي كل من مجلس الرئاسة ، ومجلس الوزراء ومجلس النواب ، فكيف سيتم تشكيل هذا المجلس ومن أين تستقى صلاحياته ؟؟!! . وهل السياسة لعبة دومينو ، أو لعبة ثلاث ورقات حتى يقترح البعض هذا التشكيل المشبوه الذي يمنون النفس بان يكون بديلا عن ( مجلس قيادة الثورة المقبور ) ؟! . والشعب العراقي قد خبر تماما هذه اللعب السياسية المشبوهة ولا زالت تصريحات سدنة البعث والقوميين العرب والناصريين ترن في آذانهم عندما برروا انقلابهم الأسود على حكومة الشهيد عبد الكريم قاسم في يوم 8 شباط 1963 بأن الشهيد الزعيم لم يوافق على تشكيل مجلس قيادة الثورة على غرار مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 المصرية التي نصبت جمال عبد الناصر صاحب الهزائم المخزية للعرب رئيسا مدى الحياة في مصر . علما بان الراعي لـ ( ثوار ) 8 شباط هو نفسه من يرعى العملية السياسية العراقية الحالية ، ويجلس وسط اجتماعاتهم ، ويحرك بيادق اللعبة السياسية بخبث وغباء كبيرين . لكن لا احد من السياسيين المنهمكين في اللعبة السياسية الحالية ، ولا الدولة الراعية للعملية يدرك للآن مدى خطورة الوضع السياسي ، خاصة إن هناك لاعبين جدد ممن يعرفون تماما مدى كره واحتقار القواعد الشعبية العراقية لهم ، كونهم من كان أداة الدكتاتور الطيعة ويده الضاربة أيام عزه وجبروته على العراقيين . وهؤلاء قد دخلوا في العملية السياسية الجارية حاليا لا من اجل تطويرها ودفعها نحو الأحسن بل لوضع العراقيل والمعوقعات أمامها ، أو حتى تعطيلها ليكونوا البديل الاحتياطي لها بأمر وتوقيت من سادتهم الأوائل الذين أوصلوهم للسلطة بقطارهم القذر يوم 8 شباط الأسود . وكي يتدارك السياسيين العراقيين ما سوف يحصل من كوارث مستقبلية لشعب ضاقت به السبل وفقد ما تبقى من صبره هم والدولة الراعية ، على الجميع أن يفكر بعمق ورويه للخروج من المآزق الذي وضعوا أنفسهم فيه وتنقية العملية السياسية من الشوائب التي علقت بها بوجود قتلة الشعب العراقي ومن نهبوا ثروته سابقا ولاحقا وسط من انتخبوهم وداخل منتدياتهم السياسية . فالعملية السياسية الحالية تتطلب نقاء وسرعة لازمة لتشكيل حكومة وطنية حقيقية لا مكان لسدنة وبقايا البعث فيها بحجة كونهم من ممثلي الطائفة السنية . لان العديد من الأحزاب السياسية العراقية تضم في صفوفها سنة وباقي القوميات والطوائف العراقية ولا مكان لمن يدعي تمثيل الطائفة السنية زورا بين الوطنيين العراقيين ، وعلى الجميع أن يعوا أن الشعب العراقي المنهك اقتصاديا وسياسيا وامنيا سيقولها يوما بعد أن ينفذ صبره تماما : حيي على السلاح.
* شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |