|
أضواء على الحوار الأمريكـي الإيرانــي حول العراق عباس الامامي الحالة السياسية في العراق بحاجة الى تكاتف جميع مكونات الشعب وإجراء حوارات بناءة بينهم لإخراج العراق من الوضع الذي هو فيه من ناحية، ومن ناحية أخرى وقوف دول الجوار وقفة تأريخية إيجابية لصالح الحالة الديمقراطية في العراق لبناء عراق حر جديد يأخذ كل ذي حق حقه من دون ضياع حق جهة على حساب جهة أخرى، ومن دون السعي من قبل هذه الجهة أو تلك لإرجاع عقارب الساعة الى الوراء الأمر الذي لا يخدم مصالح الشعب العراقي لا من قريب ولا من بعيد . وإن التصريحات السيئة الصيت التي صدرت من أناس يتحمّلون مسؤوليات جسام وكبيرة في المنطقة، من قبيل التحذيرات التي صدرت كـ (الهلال الشيعي) أو من قبيل التصريح: (أننا لا نقبل أن يحكم الشيعة في العراق بحال من الأحوال) كما صرح بذلك الرئيس المصري حينها، أو تصريحات وزير الخارجية السعودي حيث أفصح ما قامت به الحكومة السعودية وصارت سببا لقتل الآلاف من ابناء الشعب العراقي ودفنهم في المقابر الجماعية، وسببا لإفشال الانتفاضة الشعبية التي قام بها الشعب العراقي لاسقاط النظام، حيث قال الوزير السعودي في مجلس الأمن وكشف عن حقيقة الموقف السعودي عن التطلعات المستقبلية للشعب العراقي بقولـه ((يجب الوقوف أمام الشيعة في العراق لعدم أخذ المسؤولية حتى لا تتقوى إيران في المنطقة، وحث على تقوية صدام في الحكم حفظا للمصالح الغربية في المنطقة)) أبان الانتفاضة الجماهيرية ضد النظام البعثي في العراق عام 1991م. وكانت ردود الفعل التي نتجت من وسائل الاعلام التابعة للدول العربية متشنجة بدرجة كبيرة جدا ضد الدعوة الى اللقاء الأمريكي الإيراني المحتمل لصالح الشعب العراقي من ناحية ولصالح منطقة الشرق الأوسط من ناحية أخرى وهي الأكثر أهمية، والتي طلب بها السيد عبد العزيز الحكيم الطرف الايراني لإجراء هذه المباحثات، واستجابت إيران لهذا الطلب وكذلك أمريكا وبقيود. وإنّ حثّ الدكتور صالح المطلك رئيس قائمة الحوار الوطني السني والحزب الأسلامي السني الدول العربية للتدخل في الشؤون العراقية، وإعلان قبول إرسال الجيوش العربية الى العراق بعنوان حفظ الأمن في البلد تتناغم مع تصريحات وتدخلات مسؤولي الحكومات العربية للشأن العراقي وتحذيرهم الأميركان من خطر أخذ الشيعة العراقيين حقوقهم السياسية في العراق، تحت عنوان الهيمنة الايرانية على الساحة السياسة في الشرق الأوسط . وإن إرسال رسائل غزل سياسية من رئيس قائمة التوافق من خلال تصريحات صحفية واعلامية الى الأمريكيين لها دلالة واضحة بأن سنة العراق هم الحريصين على المصالح الأمريكية أكثر من غيرهم من مكونات الشعب العراقي، فعليه يجب إستعمال سياسة العصا الغليظة ضد الأكثرية من هذه المكونات وذلك لإبقاء الحالة السياسية على ما كانت عليه منذ التأسيس للدولة العراقية . وإن هذه المباحثات بين الطرفين يزيل إتهامات السفير الأميركي للأئتلاف العراقي الموحد بأنها تقيم علاقات مع أيران لصالح البقاء في الحكم والسيطرة على الثروة والأمن من ناحيةإإ، ومن ناحية أخرى يزرع الطمأنينة في قلوب سنة العراق على عدم نية شيعة العراق على الاستحواذ بالحكم دون غيرهم على غرار ما طبق من سياسة طائفية في العراق لعقود من الزمن دون إشراك الشيعة مطلقا في موا قع القرار الحكومي في العراق، إضافة الى كل ما مرّ من إيجابيات مع تراكم البراكين النارية المتدخنة بين الطرفين لربما تؤدي هذه الحوارات الجزئية الى فتح حوارات مستقبلية وحقيقية بينهما لحل مشاكلهما التأريخية والتي طالت أكثر من عشرين عاما والتي ستطفئ نيران هذه البراكين، وستكون نتائج هذه الحوارات الصادقة إن وقعت من صالح الاسلام والمسلمين عموما ، ومن صالح منطقة الشرق الأوسط بالخصوص . وغير خفي بأن هذه الاتهامات الباطلة على قائمة الائتلاف بأنها خاضعة لقرارات إيرانية من أية جهة كانت سواءا عراقية أو أجنبية تؤثر سلبا في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وكمثال على ذلك قول زلماي خليل زاد قبل ايام بأن أيران كدولة مسؤولة على من يتسلل من أراضيها الى العراق، لنسأله :هل ألقيتم القبض على إيراني منذ سقوط الصنم في بغداد قبل ثلاثة أعوام بتهمة الارهاب وقتل الشعب العراقي الآمن؟ وهل قام إيراني بتفجير نفسه في العراق ليتغذى مع رسول الله حسب زعم الارهابيين القادمين من الدول العربية؟ وهل صرّح مسؤول إيراني خلاف مصالح الشعب العراقي لحد الآن؟ ألم تكن الحكومة الايرانية أول من بارك التحوّل السياسي في العراق نحو الديمقراطية منذ تأسيس مجلس الحكم المنحل؟ أم أن كل من ألقي القبض عليه إما سعودي أو يمني أو ليبي الجنسية أو هو من أتباع أحد الدول العربية؟ وان كثيرا من التصريحات الغير اللائقة سمعناها من قبل المسؤولين العرب؟. والغريب من الأمور بأن قادة السنة في العراق من جانب يلومون قائمة الائتلاف لحثّ الطرفين الأمريكي والايراني للتباحث لمصلحة العراق والشعب العراقي ومن جهة أخرى هم يقومون بتأجيج الحكومات العربية ضد الدور الشيعي الأكثرية من ا لشعب العراقي في بلدهم الأم العراق، تحت معاذير وعناوين طائفية بحجة إنقاذ سنة العراق من الابادة و التهجير، في حين أنّ كل ما يدّعونه من محاذير تقع على رؤوس الشيعة دون سواهم من قتل وتهجير . فيا ترى الاستقواء بالعرب ضد الشيعة وحقوقهم الطبيعية أي نوع من الانتماء للشعب العراقي؟!! ومن ثم بأي شكل يمكنهم التعايش مع الأكثرية من هذا الشعب؟؟ والى متى لايمكنهم قبول الأمر الواقع بأن الشيعة في العراق هم الأكثرية؟ ألم يدركوا بأن شيعة العراق اليوم ليسوا شيعة أمس، لتنطلي عليهم الحيل السياسية، وتتخذ بحقهم الاقصاء السياسي، وأن شيعة العراق قد خرجوا من القمقم الذي وضعوا فيه من قبل الاحتلال البريطاني أبان تأسيس الدولة العراقية بداية العشرينات من القرن الماضي، ولا رجعة الى ذلك القمقم مطلقا إلاّ بإبادة الشيعة عن بكرة أبيهم، وهذا معناه أن الحريق إذا شبّ سيحرق الأخضر واليابس، فمن المنطقي بمكان أن تدرك كل جهة حجمه الحقيقي بطريقة ديمقراطية وشفافة ويتحاور بشكل معتدل لصالح العراق والشعب العراقي بكل فسيفسائه المتعددة لبناء عراق حرّ وآمن لصالح كل مكوناتـه القومية والمذهبيـة. فما هي مقاييس بناء العراق الجديد عندهم، هل ان التفكير لبناء العراق على أساس ماضٍ منحرف والتأسيس عليه من جديد واعتباره هو الشرعية؟، أما الأنتخابات والأستفتاء وكل آليات الديمقراطية فهي لاشرعية ان نتج عنها ما يخالف هواهم؟ الا يعتبر موقفهم السلبي هذا معطل لمشروع الأكثرية الشيعية ومهدد لطموحاتها المشروعة ولمستقبلها لبناء عرا ق يتعايش فيه جميع أبناء الشعب العراقي بأخوة ووئام دون تفرقة عنصرية بكل أنواعه؟. وغير خفي على كل متتبع للشؤون السياسية في العراق ولا سيما بعد سقوط النظام البعثي استفاد العرب من الحدود الغربية للعراق لعدم وجود حكومة مركزية من ناحية، ولعدم وجود قوات حفظ الحدود لتقوم لمهامها في حفظ الحدود من ناحية أخرى، ولعدم بقاء المنافذ الحدودية الرسمية بين العراق وجيرانه في حالة العمل الرسمي، وأسفر ذلك كله الى دخول مجاميع إرهابية كثيرة عملت بالضد من مصالح الشعب العراقي وقامت باستعمال أنواع القتل الجماعي ضد الأبرياء من أبناء هذا الوطن الجريح بتهم مختلفة، وكأنهم هم الأوصياء على هذا الشعب، وأن هذا الشعب قاصر لايدرك مسؤولياته ومصالحه المستقبلية. وإن السفير الأمريكي في العراق وجملة من المسؤولين الأمريكيين قد إلتقوا أكثر من مرة لأكثر من مسؤول من الدول المجاورة للعرا ق باستثناء إيران حسب ما أعلن ذلك لمرات متعددة في الاعلام المرئي والمسموع والمقروء، ولم تثمر هذه اللقاءات لاستقرار الوضع السياسي والأمني، بل إزداد الوضع الأمني سوءا يوما بعد يوم، وبات اليوم أكثر ضرورة لمساهمة دول الجوار العراقي وبلا إستثناء بان يكون لها دور ايجابي في تطمين الجميع وإبعاد العراق عن النزاعات الطائفية والعرقية، وأن يكون للجميع مساهماته الجادة بالوقوف الى جانب الشعب العراقي ومسؤوليه المنتخبين لبناء العراق الجديد من دون تحيّـز الى جهة على حساب الجهات الأخرى. إن العراقيين يجب أن يفتخروا بأنهم استطاعوا أن يجمعوا بين رأسين كان بينهم توترات سياسية غير خافية على الجميع، ولا يجد المتتبع للأوضاع السياسية في العراق تفسيرا لتخوفات البعض على هذه المحادثات بين أمريكا وإيران الجارة الأكبر للعراق سوى أنهم ينطلقون من وهم وليس من وا قع، وكان الأولى بهم أن يتفهموا هذه المبادرة لأنها لصالح العراق.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |