|
الاعتراض على أمانة بغداد ومشاريعها لـ تطوير منطقة الحضرة الكاظمية فرات المحسن يبدوا أن كلمة معارضة واعتراض أصبحت وجبة دسمة لدى غالبية ظاهرة من العراقيين، حيث بات الجميع يتناولها بشهية مفتوحة دون شعور بأعراض عسر الهضم.أية فكرة ورأي أو مشروع أو مقترح أو حتى نية في خاطر عند أحد ما سوف تواجه بسيل من الاعتراضات وعدم القبول والشجب أيضا.يمكن اعتبار ذلك الاعتراض والمعارضة ظاهرة صحية أن جاءت مدروسة وتقدم البديل المقنع وعدا ذلك فهي تعد من باب الترف أو المشاكسة. قدم صفوة من الباحثين والأكاديميين والفنانين المبدعين العراقيين لائحة اعتراض على تصريحات ونية أمين العاصمة د. صابر العيساوي التي أعلنت في وسائل الأعلام العراقية حول مشروع ضخم لتطوير منطقة الحضرة الكاظمية. اللائحة الاعتراضية التي قدمها الأخوة افتتحت بمانشيت شعاري جميل (( لنعمل على حماية التراث النفيس .. لا تدميره! )) ثم أعلنوا عن قلقهم من نية أمانة العاصمة و أمين بغداد د. صابر العيساوي إزالة المباني والبيوت القديمة في محيط الصحن الشريف ، وفي دائرة يصل نصف قطرها الى 250 متراً كي تقام على أنقاضها فنادق ومطاعم وبنايات تجارية ومرائب للسيارات وساحات لتجميع الزوار وما الى ذلك. فضلاً عن شق أربعة شوارع رئيسية تصب في محيط الصحن. لقد خلقت هذه النوايا والتصريحات شعورا بالصدمة لدى هؤلاء الأحبة ومعهم الكثير من الحريصين على التراث وأشركوا معهم في مخاوفهم تلك أهالي المناطق المعنية بالإزالة. القلق مشروع ظاهرا ولكنه لا يخرج بنتائج ملموسة ولا يقدم حلول منطقية وهو أن طرح مثل هذا فهو يستند على ضرورة إعادة التفكير بالخطط الجديدة وعلى مهمة البحث في (الخطط السابقة) التي أقرت في العهد المباد لمشروع تطوير محيط الحضرة الكاظمية. في موازاة المشروع القديم الجديد لتطوير الحضرة كانت هناك خطة أو نية سابقة لبناء جسر يمتد من منطقة كريعات ـ صليخ الاعظمية نحو شارع المحيط في الكاظمية ثم تخترق مقترباته والشوارع المرتبطة بها مناطق أم النومي والقطانة والبحيه والتل والمباريين ليصل الى محيط الحضرة الكاظمية. وذلك الجسر لو صدقت النيات وتم إنشاءه فسوف يتحول الى منفذ جديد يسهل تنقل سكان أغلب مناطق رصافة العاصمة الممتدة من جنوبها حتى شمالها، مثل بغداد الجديدة والشعب و مدينة الثورة وحي الأعظمية وما جاوره.كذلك فأن هذا الجسر سوف يقلل من شدة الزحام والضغط على جسر الأئمة وبالذات أيام المناسبات الدينية. مقتربات هذا الجسر والشوارع المرتبطة به ستضطر المخططين ومعدي التصاميم والمنفذين للأخذ بعين الاعتبار ما تفرضه الوقائع على الأرض، أي الموجودات في أغلب المساحة المحيطة بالحضرة وكذلك المرتبطة بالمقتربات وما جاورها. في العهد العفلقي المباد وضعت خطط كبيرة وكثيرة لتطوير المناطق الدينية ونفذ من تلك الخطط الشيء القليل، وكانت أكثر تلك الدراسات قد اهتمت بشقين يمثلان أولا تأمين الجانب الأمني وثانيا النفع التجاري للسلطة قبل الأخذ بالجانب العمراني الحضاري،ومن تلك الخطط نفذت تسوية وتطوير المساحة بين الحضرتين الحسينية والعباسية في كربلاء ومناطق أخرى. وبالرغم من أن التوسع والتطوير كان يصب لصالح تأمين الوضع الأمني بعد أحداث الانتفاضة الشعبية،ولكن لا يمكن إنكار ما قدمه ذلك التحوير من خدمات وما أضفاه من مشهد جميل على مساحة الساحة الممتدة بين الحضرتين. ويمكن النظر بذات المعيار لما ناله شارع حيفا ومنطقة الصالحية والتكارته في العاصمة بغداد من تغيير مع الحفاظ على بعض الأبنية التراثية التي أضفت على المنطقة منظرا بديعا برونقها وجمال صورتها وبعدها الـتاريخي الحضاري. لكن أسوء خطة وتحوير وضع في العهد العفلقي المباد، ونفذ دون أي حسابات مستقبلية وبعدم تقدير لمقدار الأضرار التي ممكن أن يلحقها بالحضرة الكاظمية ذاتها وما يسببه من فوضى واختناقات أيام المناسبات الدينية. ويعد هذا الأجراء الأخطر والأكثر فشلا في خطط أمانة بغداد في العهد النافق ومن الموجب اليوم أن يتم تصحيحه قبل أن تتفاقم مساوئه. فقد تم وفق ذلك التخطيط إزالة المنطقة الملاصقة للحضرة من جانب الباب الشمالي الصغير المؤدي الى محلة التل وسبب في ضياع أحد أهم المعالم والبيوت الأثرية الرائعة وهو بيت الجواهرية (الحاج محمد الجواهري ) الذي سكن فيه الملك فيصل الأول في أول قدومه الى العراق. وشيد بعد الهدم العشوائي مرأب (كراج ) للسيارات ترتفع في زواياه ووسطه أعمدة تدلل على النية المسبقة لتسقيفه ومع مرور الوقت أهمل هذا المرأب ولم يكمل وترك دون تسقيف وبعد سقوط حزب البعث وبسبب الظروف الأمنية التي تم معها منع وصول العجلات الى وسط المدينة أصبح هذا المرأب مكب للنفايات وأستغل بشكل عشوائي ولم تبادر أمانة العاصمة الجديدة لوضع خطط لتطويره وجعله سوق كبير أو تسقيفه و بناء سوق أخرى أو مؤسسة ثقافية في طوابق تبنى فوقه، مع وجوب أبعاد فكرة جعله مرأب للعجلات،لما يسببه وجود مثل هذا المرأب وسط المدينة من أختناقات مرورية بموازاة ضيق الشوارع والساحات الدائرية المجاورة لمدخله من جهة باب المراد ومخرجه عند باب القبلة. وأن أرادت أمانة العاصمة الإبقاء عليه كمرأب للعجلات فأن عليها تغيير مدخله ومخرجه ليكونا من الجهة الشمالية له والبعيدة عن الحضرة وهذا الشيء لن يتم دون تنفيذ التطوير المقترح للمنطقة المحيطة بالحضرة. وأعتقد أن إعادة النظر في موضوعة مرأب العربات هو المهمة الآنية والمستعجلة لأمانة العاصمة اليوم. وذات الإجراءات المستعجلة يصح اتخاذها مع سوق الاستربادي المهمل، الذي يعد من أجمل الأسواق الشعبية التاريخية في مدينة بغداد وهو يحتاج الى عناية خاصة جدا، يتم فيها إعادة أعماره وترميم دكاكينه وأرضيته ومجاري الصرف وبناء سقف جديد له بمواصفات حديثة تنم عن الذوق السليم وطابع الفن الرفيع والحضاري . بذات العشوائية وسوء التخطيط نفذت أمانة العاصمة في العهد المقبور خططها السيئة مع المباني العائدة لأقبال الدولة والشارع والأزقة المؤدية لمنطقة العبيد والفضوة والمتصلة بشارع باب المراد شمالا وبداية باب الدروازة ومنطقة العبيد جنوبا حيث خطط لتطويرها ثم أهمل التخطيط لتسمح أمانة العاصمة بالبناء في تلك الأزقة لعمارات ومحلات تجارية وترك للأهالي تشييد تلك الأبنية حسب خرائطهم وبشكل عشوائي لتصبح تلك الأزقة معرضا لبنايات وأسواق غير متجانسة بل مشوهة، وبواجهات متداخلة وخارجة عن بعضها البعض وبأشكال هندسية عجيبة غريبة لا تسر الناظر. أعتقد وأرجو أن أكون قد أسأت الظن،بأن بعض من وقع على لائحة الاعتراض على تصريحات وخطط أمانة وأمين العاصمة حول تطوير محيط الحضرة الكاظمية،هم من الشخصيات غير المطلعة على واقع المنطقة والبعض منهم لم يشاهدها بشكل دقيق وربما لم يصلها قط، وقد قام بتوقيع اللائحة بحسن ظن ونية صافية طيبة وهذا ما يشكرون عليه ويسجل لصالحهم. وبأنهم يتابعون شأن وطنهم ويريدون له ما هو كل خير وصلاح، ويدركون قبل غيرهم القيمة غير العادية للموروث الثقافي – التاريخي لوطنهم. واقع الحال في مناطق المحلات المحيطة بالحضرة الكاظمية والممتدة على مساحات واسعة تشمل محلات القطانة، البحيه ،المباريين،الكنجلي،النعش خانة،التل، الفضوة ،الشيوخ، السميلات. العبيد وغيرها يكشف عن وضع مزر.فالأزقة ضيقة جدا ومهملة تتجمع فيها المياه والنفايات وأغلب بيوتها قديمة جدا خربة وآيلة للسقوط وبعضها أصبح خانات ومخازن للبضائع والكثير منها مكتظة وتزدحم بالعوائل وهم فقراء المدينة من غير القادرين على الانتقال الى مساكن لائقة في المناطق المفتوحة التي أنتقل اليها أغلب أهالي الكاظمية من ميسوري الحال، مثل منطقة فتاح باشا، بستان الشيخ حسين،شارع الكورنيش ، بستان حمد،منطقة الربع التي سميت جميعا بالعطيفية 1 ، 2 ، 3 وغيرها من المناطق المجاورة لوسط مدينة الكاظمية. وللحقيقة المجردة أقول، إذا كانت هناك بيوت في محيط الحضرة الكاظمية تستحق أن يطلق عليها بيوت وبنايات أثرية يفترض الحفاظ عليها وصيانتها، فأن تلك البيوت يمكن عدها وهي لا تتجاوز أصابع اليدين ومنها بيت آل أعبيدة، بيت الأستربادي، بيت آل ياسين، وبيت مدير البلدية الأسبق السيد جعفرعطيفة، بيت حسن عجمي (الملاك)، بيت شبر، بيت الجواهرية، بيت سيد أبراهيم الحكيم وغيرها وكذلك جامع الجمهور وربما هناك بيت أو بيتين أخرين يستحقان العناية والحفاظ عليها كموروث تأريخي ـ ثقافي، بعد أن ترمم ويعتنى بها ويحافظ على هيأتها ويراعى موقعها عند شق الشوارع الممتدة نحو محيط الحضرة.أما باقي البيوت فأغلبها خرائب رطبة متداعية قميئة وآيلة للسقوط فوق رؤوس ساكنيها، وأن هد أحدها فسوف تتبعه بالسقوط البيوت المجاورة.أما الأزقة فهي عدا كون منحنياتها مجمعات للنفايات، فأنها من الضيق بحيث تبدوا الواجهات متلاصقة من الأعلى لا ينفع معها أي ترميم وواجهاتها لا تشكل البعد الحضاري والفني التي تستحق معه الصيانة والإبقاء.ولذا فالتخطيط لتطوير المنطقة المحيطة بالحضرة الكاظمية يستوجب هدم تلك البيوت الخربة وبناء عمارات سكنية من ثلاثة طوابق لا أكثر تكون شققها بدل تعويضي لسكانها. وبناء تلك العمارات سوف يعطي أمانة العاصمة حرية تشييد مشاريع سياحية وتجارية وثقافية ودراسية على مساحات كافية من الأرض مع توظيف تلك البنايات في نشاطات سياحية ثقافية وإنتاجية،وبدوره فأن التطوير يمهد للكثير من الحسنات والمنافع لأهل المنطقة ولعموم أهل مدينة الكاظمية ويعمل على توسيع سوق العمل ليقلل من حجم البطالة ويساعد في التخفيف من الضغط الحاصل على شوارع المدينة أثناء الزيارات و أيام المناسبات الدينية ويعطي للمدينة بعدا حضاريا جديدا. أن المناطق المحيطة بالحضرة الكاظمية لو خطط لها من قبل خبراء أكفاء وأحسن تطويرها واستغلت بشكل علمي وعملي فأن ذلك سوف يعطي المنطقة والمدينة برمتها سعة من فضاءات تغير وجه المحيط الكئيب الغير متجانس والمهمل والذي يصعب على المؤسسات تقديم الخدمات له بشكلها المناسب، وأصبح واقعها يشكل عائق حقيقي في وجه إدخال مدينة الكاظمية عصرا جديدا يقارب الحداثة في عمارته وتنسيق شوارعه ومهمات مؤسساته. وليتقبل أساتذتي مني المودة والاحترام..
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |