الرهائن الغربيين...تحرير أم صفقة؟!!

ياسر سعد / كندا

yassersaed1@yahoo.ca

احتلت صدارة الاخبار يوم الخميس 23/3/2005 نبأ تحرير الرهائن الثلاثة –كنديين وبريطاني- من "فرق صنع السلام المسيحية" وأحتفت دول قوات الاحتلال بهذه العملية كواحدة من اهم المحطات والانجازات والتي ستجد بكل تأكيد ترحيبا شعبيا عارما حتى في الاوساط الغربية المعارضة للحرب وتداعياتها. السفارة البريطانية اعلنت في بغداد عن الافراج عن الرهائن الثلاثة بعملية نفذتها قوات أمريكية وبريطانية وعراقية صباح الخميس. وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو "إن الافراج عن الرهائن الثلاثة كان تتويجا لجهود متأنية استمرت عدة أسابيع بذلتها مجموعة من المسؤولين العسكريين والمدنيين", وأَضاف "أن قوات بريطانية شاركت في العملية التي لم يطلق فيها أي طلقة", مضيفا "إنه سعيد بهذه النهاية لمحنة هؤلاء الرهائن وذويهم." وقال جون ريد وزير الدفاع البريطاني "إن القوات البريطانية كانت رأس الحربة في العملية التي شاركت فيها قوات من عدة دول". رئيس الوزراء البريطاني توني بلير قال إنه مغتبط لنجاح العملية, وكشف عن انه تحدث إلى زوجة كيمبير –الرهينة البريطاني-  لينقل لها تهانيه بتحرير زوجها. كما هنأ بلير كل من شارك في عملية تحرير الرهائن الثلاثة التي تمت في بلدة "المشاهدة" الواقعة على بعد نحو عشرين كيلومترا شمال بغداد.

اختطاف الرهائن الاربعة والذين ينتمون لمجموعة ناشطة عُرفت بمعارضتها الشديدة للحرب على العراق كما ان ناشطيها متعاطفين ومتضامنين مع الشعب الفلسطيني في مواجهة تعسفات وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي, اثارت موجة عارمة من الاحتجاج والسخط في الاوساط المناهضة للاحتلال الامريكي في العراق وفي اوساط المسلمين في الغرب. فلقد ناشدت هيئة علماء المسلمين الخاطفين اكثر من مرة ودعتهم الى الافراج عن الرهائن الابرياء واوضحت ان مثل هذه العمليات تسئ الى القضية العراقية, كما تقاطرت الوفود المسلمة من بريطانية وكندا والولايات المتحدة الى العراق لحث الخاطفين على اطلاق سراح الرهائن واظهار التأثير السلبي الكبير لمثل هذه العمليات على مناهضي الحرب والاحتلال في الدول التي ينتمي اليها الرهائن وفي غيرها.

الاحوال الشائكة في العراق وتضارب المعلومات لا تعطي المتابع فرصة ليتيقن من هوية وانتماءات من يقف وراء عمليات الخطف , هل هم تيار "متشدد" من المقاومة والذي له اجتهاداته الخاصة وربما المتطرفة والخاطئة؟ هل هم من العصابات الساعين واللاهثين وراء الكسب المادي البحت؟ ام تراهم من الاجهزة الاستخباراتية ومن ازلام الاحتلال وعملائه والذين يرمون ويسعون لخلط الاوراق والى تشويه المقاومة ووصمها بالارهاب وسحب التأييد الشعبي المحلي والدولي لها؟ الاجابة على هذه الاسئلة ليست سهلة, غير انه من المؤكد أن الغالب على المشهد العراقي هو الاكاذيب والتزوير والتزييف والذي تقوم به قوات الاحتلال وانصارها. مؤخرا نشر  الكاتب الأمريكي ماكس فولر، مؤلف كتاب "العراق: الخيار السلفادوري يصبح حقيقة"، دراسة خطيرة عن فرق الموت  بعنوان "استغاثة كاذبة عن ذئب: معلومات مضللة للاعلام وفرق القتل في العراق المحتل" في 25 تشرين الثاني نوفمبر عام 2005, دراسة ماكس فولر اشرت باصابع الاتهام الى المخابرات الامريكية فيما يخص فرق الموت وسلطت الضوء لأول مرة على هوية ضابطين كبيرين هما "أبوالوليد" واسمه خالد القريشي، ورشيد الحلفي، وكلاهما شارك بقسوة بالغة في قمع انتفاضة الشيعة في الجنوب وفي مدينة الصدر (الثورة سابقا) ببغداد عام 1991, وقد اشارت الدراسة وتقارير اخرى الى أن المخابرات المركزية الأمريكية أشرفت على تأسيس ميليشيا مغاوير الشرطة ووضعت إمرة بعض أهم ألويتها تحت قيادة أبو الوليد والحلفي .

أخر ما صدر اعلاميا وبعد طول غياب حول قضية الرهائن وقبل الافراج عنهم شريط بُث من قناة الجزيرة, ويُظهر الشريط، وهو بتاريخ 28 فبراير شباط 2006، الرهائن جالسين في غرفة يتحدثون الى الكاميرا، لكن اصواتهم لم تسمع وبدوا في صحة جيدة. وطالب الخاطفون في الشريط –حسب القناة الاخبارية- من دول الخليج وحكومات دولهم التدخل لنجدتهم. واذا كنا نعرف تماما ان النفوذ العربي عموما والخليجي خصوصا غائب عن الساحة العراقية, فتكون مغزى الرسالة المرسلة من خلال قناة الجزيرة هي في طلب المال والفدية للافراج عن الرهائن الثلاثة. وما يعزز فرضية ان عملية اطلاق سراح الرهائن والتي احتفلت بها سلطات الاحتلال بحفاوة كبيرة كانت صفقة ولم تكن عملية تحرير هو في حصولها دون اطلاق رصاصة واحدة ومع غياب كامل للخاطفين من المشهد. السلطات البريطانية تحاول الاستفادة من مسألة الرهائن "المحررين" لتحسين صورتها محليا خصوصا مع الكشف عن تجاوزات وانتهاكات الجنود البريطانيين بحق العراقيين واخرها كان شريط الفيديو والذي يظهر الجنود البريطانيين وهم يضربون بضرواة فتيين عراقيين بعد ان تم أسرهما. كا سيتم الاستفادة من الحدث لدعم مواقف ستيفن هاربر رئيس الوزراء الكندي -المحافظ والاقرب من سلفه بول مارتن الى جورج بوش- والذي زار قواته في قندهار مؤخرا مع تآكل التأييد الشعبي الكندي لدور تلك القوات والتي تحول من حفظ السلام الى شن الهجمات ضد مواقع طالبان وانصارها.

بكل الاحوال فان فرحتنا وترحيبنا بخروج رهائن ابرياء من عملية خطف مدانة, يجب ان لا ينسينا او يشغلنا عن حقيقة ان العراق بشعبه وارضه وثرواته واقع تحت عملية خطف وحشية انتهكت سيادته ودمرت مقوماته وخلفت عشرات الالآف من القتلى والاسرى والمفقودين وقد زرعت نشرت ثقافة التفخيخ والكراهية والموت الاسود. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com