|
منجزات ثلاث سنوات في العراق
شوقي العيسى
في الإسهاب عن طرق الإنجاز التفصيلي لكل بلد فلابد من سرد مقدمة عن التخلّف الذي كان يقبع فيه وبعدها تكون هناك التطورات الشاسعة على أرض الواقع والتي يلمسها إبن البلد لهذه الإنجازات المتعددة ولكن الأمر يختلف مع العراق فالملاحظ أن العراق بعد إنهيار صنم الدكتاتورية والتدهور السياسي الذي حل في العراق وحلحلة دوائر الدولة الرسمية وشبه الرسمية والتغيّب الأمني قد يدخل كل هذا وذاك ضمن المنجزات التي مرت لثلاث أعوام من عمر مابعد التغيير في العراق.
الأكذوبة الأمريكية في مرحلة بداية السقوط والذي تم بتدبير القوات الأمريكية لأنهيار نظام البعث وصدام وبعد تمركز الأمريكان في العراق طرح مبدأ الحرية والتحرير وهذا المبدأ القويم بمعناه المفرّغ من محتوات من الناحية الفعلية إستقبلة الشعب العراقي بكل ثقة ليصدّق العبارات الرنّانة التي يطلقها الأمريكان حال الدخول وذلك للهول الكبير الذي عاناه المجتمع العراقي طيلة حكم الإستبداد والدكتاتورية والظلم والقسوة والتشريد والقتل وكل أنواع الإضطهاد فكان حريّاً بالشعب العراقي أن يتقبّل أي محاولة للتغيير علّه ينتقل الى مرحلة أخرى تتسم بالمصاديق التي أطلقت في البداية كالحرية والديمقراطية والتحرير ، وقد عانى الشعب العراقي الأمرين في تلك المرحلة التي سبقت إنهيار الدكتاتورية بغية تطبيق المفاهيم التي ينشدها المظلومين من هذا الشعب ولكن الأمر لم يختلف عن الأزمات والإنتهاكات التي شهدها العراقيون في زمن صدام بل إزدادت قسوتها وشرذمتها في ظل الإحتلال. فكانت الأكذوبة الأمريكية في العراق أنهم يحاولون أخلاء المنطقة من حكم الدكتاتوريات وإستبدالها بحكومات ديمقراطية على الطريقة الأمريكية وضمن الوصايا التي يحكمون بها المنطقة وهذه السياسة التي دفعت شعوب المنطقة من دول الجوار بتخوفها من التغيرات الجديدة وخشية تبديل حكام المنطقة بآخرين مما دفعهم بالتدخّل بالعراق وإرسال جحوشهم القذرة لكي تقتل وتخرب حتى لا يستتب الأمن ونقل المعركة الأمريكية مع أعدائهم على أرض العراق، ومن جانب آخر كلما إزدادت حدة الصراعات الطائفية في العراق كلما تعزز بقاء القوات الأمريكية في العراق مدة أطول ليخدم مصالحها في منطقة الشرق الأوسط.
المنجزات أكتسب العراق مفهوم الديمقراطية وليس تطبيقها وكذلك أكتسب العراق حرية الرأي ولكن بفرضها على الآخرين بمقولة ( من قبلها فهو معي ومن لم يقبلها فهو عدوي) وكذلك أكتسب العراق حرية الصحافة التي أنتشرت في عموم العراق ولكن بالمفهوم الطائفي والعرقي والقومي وعندما تخرج عن هذا الأطار المتعارف عليه يكون المصير القتل والذبح والأختطاف كما حصل لكثير من الصحفيين الشرفاء الذين قتلوا على أيدي شراذم البعث والإرهاب كذلك أكتسب العراق لمدة ثلاث سنوات من التغيير المدعى القتل والدمار والتخريب. وكذلك أنجز العراق بمسيرة لثلاث سنوات ثلاث إنتخابات مرتين على الحكومة ومرة على الدستور بإستفتاء ولكن للأسف الشديد كانت إكذوبة على العراقيين فلا الإنتخابات كانت نتائجها المجناة بالمستوى الذي ضحى من أجله الشعب العراقي بدمائه ولا الأستفتاء على الدستور فكلاهما كانا من المهدئات التي أعطيت الى الشعب العراقي لأستأصال غضب الشعب العراقي الذي أحيط بدوامة من العنف والصراعات على المناصب والإحتقان الطائفي والقتل العشوائي هذا ما جناه ويجنيه الشعب العراقي بعد مرحلة التغيير. وإن من أهم المنجزات خلال ثلاث سنوات هي إقرار الجمعية الوطنية رواتب تقاعدية لأعضاء الجمعية الوطنية أما المواطنين الآخرين فلا حاجة بالجمعية الوطنية بأقرار أي شيء يخصص لهم في هذه الفترة طالما العراق في فترة أنتقالية وسوف تاتي حكومة وبرلمان دائم يحكم البلاد. صحيح أن رواتب الموظفين في الدولة قد أرتفعت أضعافاً مضاعفة ولكن سلبت منهم أنعم كثيرة ومنها الأمان الذي هو أهم شيء يطلبه المواطن العراقي ، وكذلك أكتسب الشعب العراقي من منجزات ثلاث سنوات القتل على الهوية والتهجير والتشريد للعوائل وإستهداف الكوادر والطاقات المهنية والتربوية والمبدعة .
الفشل السياسي كل الذي مر ذكره والمعاناة على الشعب العراقي كانت تهون على أن يتفق السياسيين طيلة الفترة التي أنصرمت لثلاث سنوات ولكن للأسف الشديد أن الفشل السياسي دائماً يواكب جميع أطراف الصراع السياسي ولهذا فهم لم يكونوا قادرين على إدارة الوضع السياسي طيلة هذه الفترة وهذا الفشل يشترك فيه الجميع لأنه وبكل بساطة دخلت في العملية السياسية سياسيين كانوا هم السبب في معاناة الشعب العراقي ونظراً لأختلافاتهم مع النظام البائد وقد تكون شخصية أدت بهم الى أن يدخلوا ضمن المعارضة التي قارعت ظلم وإستبداد صدام طيلة ثلاث عقود وبالتالي فليس هناك من عوامل مشتركة بينهم وبين من كانوا معذبين ومشردين وقارعوا الطغيان ، أضافة الى ذلك فهناك التدخلات الواسعة التي تفرضها الإدارة الأمريكية على منهج السياسة في العراق وتحديد الأطر والمقدمات ما يجعل العراقيل أمام الساسة تكون بمثابة حاجز صلد يقف حائل بين الأتفاق مع جميع الكتل ، فلهذا كله أعتقد أن السياسيين العراقيين قد فشلوا في إدارة البلاد في هذه المرحلة وذلك لعدم قدرتهم على تجاوز الخلافات العالقة فيما بينهم وعدم تلبية مايطلبه الشعب العراقي في الوقت الراهن ، أما إذا كانت هناك تدخلات أمريكية تعيق عملهم وهو الحاصل فعلى سياسوا العراق أن يفهموا الشعب العراقي أن لاإرادة لهم أمام التحديات الكبرى التي تجابههم.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |