|
جدار العزل الطائفي
د. باسم المظفر ربما أن أحد الأسباب الرئيسية ( بالاظافة إلى عوامل أخرى) التي تساعد على ازدياد التوتر الطائفي وبالتالي دفع البلاد نحو العنف الطائفي هو وجود الحاجز النفسي والمادي الجغرافي الذي يفصل مابين الطوائف وما يتبع ذالك من أحساس قد يكون غير واقعي بالعداوة والكراهية التي تنمو بمرور الزمن وتتصاعد إلى مستوى ممارسة العنف ضد المقابل . رغم إن هذا الحاجز كان موجودا ولكن بشكل ضعيف وكان مغطى بسبب وجود تيارات فكرية ذات مضمون جامع لكل فئات الشعب العراقي (الماركسية والقومية) قد سادت خلال معظم تاريخ الدولة العراقية, ولكن بعد انهيار هذه التيارات والتي صاحب خلالها ضعف التيارات والأحزاب ذات التوجه العراقي الخالص والتي تؤمن بالأمة العراقية , برز وبشكل كبير المد الديني مع تفرعاته الطائفية السنية والشيعية والوهابية ليشجع وبشكل تدريجي ظهور الحاجز النفسي وبالتالي الجغرافي الذي بدا بتقسيم طوائف الشعب العراقي. فوجود الاختلاط والتزاوج والسكن في في مناطق مشتركة عامل أساسي للتخفيف من التطرف والإحساس بالكراهية و وبالعكس من ذالك وجود الحاجز النفسي والجغرافي قد يترك تصورات غير حقيقية بأن أحد الأطرف يريد الفتك بالأخر. خلال 3 سنوات الأخيرة استغلت الأحزاب الدينية السنية والشيعية والوهابية وضخمت موروثا من التوتر الطائفي وعملت على بناء جدار من العزل الطائفي الذي امتد مابين المدن العراقية الشيعية والسنية و ليدخل داخل بعض المدن المشتركة ليفصل الأحياء السنية عن الشيعية ,والخوف سيكون كبيرا إذا دخل هذا الجدار لبعض الأحياء المشتركة ليفصل الشوارع عن بعضها ولربما دخل البيوت المشتركة ليفصل أفراد العائله عن بعضهم . هذا الجدار تكون بعد حملة نفسية ومادية على الأرض قامت بها الأحزاب الدينية وبإسناد مباشر وشبة علني لدول إقليمية تقاتل المشروع الأمريكي بالدماء العراقية( إيران وسوريا ودول الخليج .....) من خلال عشرات مواقع الانترنيت والقنوات الفضائية والصحف اليومية, ومن خلال استخدام الرموز الدينية لغرض التلاعب بمشاعر البسطاء من الناس وكذالك من خلال التصفية الجسدية لمئات الأبرياء . فجريمة قتل مجموعة من الأبرياء الشيعة يعاد بثها لعشرات المرات في القنوات الشيعية وكأن هنالك تصفية بالجملة لالأف الشيعة , ويقابلها إخبار المداهمات للقوى الإرهابية في المدن السنية في إعلام الأحزاب السنية وكأنها حملة متعمده للفضاء على السنة ,,,, أما جرائم القتل التي تستهدف شيعة وسنة في وقت واحد لا يوجد احد يهتم بها ( ألا ضحاياها ) فهي لا تعطي الإثارة المطلوبة للتلاعب بمشاعر الناس , هنالك شبة تناغم بالممارسات الإعلامية السنية والشيعية ,فكليهما يكمل الأخر ويبرر وجود الأخر. وساهمت كذالك الأحزاب الدينية في تحجيم وأضعاف القوى العلمانية وخصوصا التي تحمل الفكر الوطني الخالص للأمة العراقية ( وهي الخصم الحقيقي للقوى الدينية الطائفية ) من خلال محاولات تدمير رموز هذه التيارات سياسيا فهي تارة تشوه سمعتهم عن طريق الإيحاء بان هؤلاء هم بعثيون صداميون حتى لو كانوا قد طلقوا البعث من عشرات السنين أو الإيحاء بأنهم عملاء أمريكيون ويتعاملون مع المخابرات الأمريكية,وهكذا خرجت من الساحة السياسية قوى وطنية كان العراق بأمس الحاجة إليها في أعادة البناء ولملمة اللحمة الوطنية المتمزقة وصعد بدل عنهم سياسيين البعض منهم أشبه بالرعاع لا يكفون ليل نهار في أذكاء النعره الطائفية ليزيدوا جدار العزل الطائفي ارتفاعا. والحملة الانتخابية السابقة هي نموذج لتشويه وإسقاط القوى الوطنية العراقية والإحلال بدل عنها قوى طائفية تقسيميه , فالحملة الانتخابية لكل الأحزاب الدينية لم تكن موجه ضد الحزب الديني الأخر ( هل يطمع حزب الدعوة مثلا بكسب ناخبين من مدينة الرمادي , أو الحزب الإسلامي في كسب ناخبين من مدينة النجف !!!!!) أنها موجه ضد القوى العلمانية والوطنية الأخرى المقاومة للسياسات الطائفية ,,, فشعار ( عدم تشتيت الأصوات ) الذي رفعته كل الأحزاب الدينية بدون استثناء كان موجها أصلا ضد القوى السياسية ذات الفكر الجامع لكل الطيف العراقي لكي تنحصر الأصوات فقط مع الأحزاب الدينية الطائفية لينتج برلمان على الطريقة اللبنانية. لقد نجحت الأحزاب الدينية العراقية في خلال 3 سنوات في بناء أسس جدار العزل الطائفي ما احتاجت في بنائه إلى قرن من الزمن الأحزاب اللبنانية. أن ألأحزاب الدينية تتحمل المسؤولية التاريخية لما يحدث ألان من بوادر تقسيم الدولة ودفع البلاد نحو الحرب الأهلية .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |