لن تصلح العطار ما افسده بشار!!

ياسر سعد / كندا

yassersaed1@yahoo.ca

الرئيس السوري بشار الاسد والذي وصل الى الحكم عبر تعديل دستوري كاريكاتوري اسود بعد ان غيبت الاقدار اخاه باسل الاسد في حادث سيارة  مطلع عام 1994 افتقر عند وصوله للحكم وما يزال للخبرة السياسية والدبلوماسية والحنكة والفطنة. لذلك لم يفاجئ نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام المراقبين حين وصف الطريقة التي يتخذ فيها بشار قرارته والتي تتسم بالتقلب والتسرع والمزاجية. بشار الاسد والتي كانت العناوين العريضة والكبيرة لرئاسته محاربة الفساد والاصلاح, نجد وبعد انقضاء ما يربوا على ست سنوات عجاف من حكمه, الفساد وقد ازداد تجذرا في مؤسسات الحكم والدوله وما يزال الاصلاح سرابا, يشكل حلما صعب المنال لعموم الشعب وكابوسا اسودا لنظام الحكم والذي بلغ مرحلة من التعفن السياسي والاداري بحيث لا يقوى فيها على التعرض لنسائم من حرية الرأي والتعبير او الصمود امام صناديق الاقتراع ونتائج التصويت النزيهة. 

رعونة بشار الاسد السياسية وعدم قدرته على قراءة الواقع السياسي هي التي دفعته وبفظاظة غريبة للتجديد للرئيس اللبناني اميل لحود مما وضع سورية في عين العاصفة الدولية والتي توجت حينها بقرار مجلس الامن 1559 الشهير والذي تعامل معه فاروق الشرع وزير الخارجية السوري وقتها بإستهتار وإستخفاف, بل نقل عنه تصريح فور اعلان القرار اعتبر فيه القرار انتصارا دبلوماسيا لسورية. التدهور الكبير في الدبلوماسية السورية والحصار الدولي والذي تقوده امريكا على النظام السوري مستفيدة من اخطائه السياسية ورعونته وتهوره أدى بالرئيس السوري الى مكافأة فاروق الشرع وتعيينه نائبا له مكلفا لتنفيذ السياسة الخارجية والاعلامية. كما تتجلى قدرات الرئيس الضحلة في دخوله بين الحين والاخر في معارك جانبية مع انظمة عربية هو في امس الحاجة لمساندتها ومؤارزتها او في اضعف الايمان لتحييدها كما حصل في الازمة الاخيرة مع الاردن بعد تعليقات سورية رئاسية لم تكن مكتوبة خرجت عن الاعراف الدبلوماسية ولباقتها.

النظام السوري يعيش فترة استرخاء قلقة, فلقد خفت عنه الضغوط الدولية في الوقت الحاضر او على الاقل غابت عن اهتمامات وسائل الاعلام. الامر بطبيعة الحال ليس مرتبطا بقدرات النظام دبلوماسية كانت او سياسية او عسكرية او تعبوية. بقدر ما ارتبط بتغييرات على الساحة الاقليمية والدولية, الارهاق الامريكي في العراق والاستغراق في مستنقعه الآسن, فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية والتي عبر بشار صراحة في مؤتمر الاحزاب العربية في دمشق عن كونه عاملا مساعدا في تخفيف الضغوط عن نظامه. حرص الدولة العبرية الشديد على النظام السوري والذي برهن عن قدرة فائقة في السيطرة على الحدود معها وخشية "اسرائيل" من فوضى حدودية مع سورية تفتح الابواب للمقاومين للوصول الى فلسطين المحتلة. النظام السوري يسوق نفسه دوليا على انه الاقدر على خدمة المصالح الغربية وان البديل ديمقراطيا كان ام دراماتيكيا سيكون على شاكلة حماس وربما تيارات اسلامية متطرفة والتي يخرج علينا الاعلام السوري بين الحين والاخر بأخبار اشتباكات بين قواته وعناصرها والتي ظهرت فجأة على السطح وفي اشد الاوقات حاجة لها من قبيل النظام السوري لتسويق نفسه والتخويف من بدائله المتطرف!!!

النظام السوري وقد افتقد للتخطيط والاستراتيجية و الدبلوماسية والحنكة يتخذ قرارته بناء على المزاج الشخصي والاسلوب الانفعالي والمنهج العاطفي. والرئيس المغرم – كما في الانظمة الشمولية- بسماع عبارات التمجيد والاشادة وبأنه سابق نظرائه وفريد عصره في قرارته الحكيمة وتوجيهاته الرشيدة. الرئيس الاسد اتخذ قرارا بتعيين السيدة نجاح العطار نائبة له مفوضة بمتابعة تنفيذ السياسة الثقافية. الاعلام السوري الرسمي احتفل بهذا التعيين واشاد بالعطار كاول امرأة عربية  تتولى مثل هذا المنصب الرفيع, بالرغم من اننا نعرف من تاريخ النظام السوري بأن هذا المنصب شكلي تماما ولا قيمة حقيقية له. فلقد بقي رفعت الاسد فترة من الزمن متبوؤا نفس المنصب بينما كان خارج سورية وفي حالة من الخصام الشديد مع اخيه الرئيس السابق. كما ان عبد الحليم خدام كان نائبا للرئيس للاسد الاب عندما توفاه الموت ولم يسمح له القيام بأي دور سوى التوقيع لإصدار القانون رقم (9) والقاضي بتعديل المادة 83 من الدستور التي تحدد عمر المرشح لرئاسة الجمهورية بإتمامه الرابعة والثلاثين من عمره, وبما يسمح بتولي بشار الرئاسة خلفا لوالده. حين وصل بشار الاسد الى الحكم خلفا لوالده تعالت اصوات المطبلين عن الحاجة الى دماء جديد والى عناصر شابة  لتقود البلاد, والان يعين لنا الرئيس الشاب نائبة تجاوزت السبعين (مواليد 1933) ونائبا شارف عليها, ليذكرنا بان تلك المناصب هوائية التأثير وفارغة من أي معنى. على بشار الاسد الكف عن العبث السياسي وإتخاذ قرارت اصلاحية جدية وتنفيذ وعوده في الاصلاح واطلاق الحريات والتي من ابرزعوانينها افراغ السجون السورية من المعتلقين السياسيين والتوقف عن اعتقال الناشطين, بدل تلك التعيينات الفارغة من اي معنى او مضمون. يوما بعد آخر يظهر الرئيس عاجزا عن الاصلاح لاسباب قد تتعلق بالنشأة والثقافة والتركيب النفسي او لتخوفه وزمرته من محاسبة القانون على تدميرهم البلاد وإفقارهم للعباد وتمزيقهم للمجتمع السوري ومكوناته, ويبقى الخيار الوحيد امام سورية في تغيير نظام غيب شمس الحريات ونشر ثقافة الخوف والرعب لاكثر من اربعة عقود خلت!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com