|
بغداديات .. نص بيضه بهلول الكظماوي / امستردام أيام التيه و الضياع , عشناها بكلّ ألم و حسرة و مرارة و نحن لا نجرؤ حتى ان نقارن انفسنا بالغجر , فحتى الغجر تلك الايام كانوا يمتلكون وثائق ثبوتية و جوازات سفر و نحن لم نكن نملكها أو كانت منتهية الصلاحية ولا نجرؤ على تمديدها في سفاراتنا في مهجرنا الذي كنا عليه . كان السيد أبو محمد الذي كان يطلق عليه الشباب تسمية ( نص بيضه ) لانّه كلّما كان يستفيق في الصباح و يجلب الشباب طعام الإفطار يأكل نصف البيضة على مضض , وبعد إلحاح من الشباب خوفاً من أن يلازمه الضعف أو سوء التغذية . كان يتجرّعها كالعلقم المرّ أو قل كالسم الزعاف , فكيف له أن يهنأ بأكله لفطوره و اخوته و أهله و أصدقاءه وذويه يقبعون في سجن الطاغية صدام , إضافة لمن توسّد منهم تراب الوطن بعد أن رمي بالرصاص أو علّق على أعواد المشانق او مات تحت التعذيب , فأبى ( أبو محمد ) الاّ أن يشاركهم جوعهم ليأكل بعد إلحاح شديد ما يسد به رمقه ويبقيه على قيد الحياة عسى أن يأتي اليوم الذي يفسح فيه المجال بتصفية حساباته مع حزب البعث العفن الذي اعدم و شرد و سجن الكثير من ذويه و أصدقائه واقرانه. و تمضي الأيام و تنتهي الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثمان سنوات عجاف, حصدت فيها أرواح الملايين من البشر من الشعبين الجارين و احرق فيها الأخضر و اليابس لتبدأ مهزلة اجتياح الكويت بإشارة من السفيرة الأميركية في بغداد ( المسز كلايسبي ) بعد مقابلتها للدكتاتور الطاغية صدام , ولتجيبه بعد أن قال لها انّه سيأخذ حقه بالقوة من الكويتيين و الإماراتيين , فأجابته : ( إن أميركا لا تتدخّل بشؤون المنطقة و هذا الذي تقوله شأن داخلي يمكن لحكّام المنطقة أن يحلّوه فيما بينهم ) , وبذلك أعطت الضوء الأخضر لصدام باجتياح الكويت . وبعد ما سمّيت بحرب تحرير الكويت توقف الجيش الأمريكي عند الحدود العراقية على مواضع الحرس الجمهوري الصدامي الذي كان ( الأمريكان ) بإمكانهم إبادته و تدميره و القضاء عليه ثم الزحف إلى بغداد لإسقاط عميلهم صدام , ولكن الأوامر صدرت إليه بالتوقّف و الحفاظ على الحرس الجمهوري سالماً لغرض قمع الانتفاضة التي بدأت من البصرة في الجنوب العراقي , والتي استمرت لتسقط أربعة عشر محافظة من اصل ثمانية عشرة بأيدي الثوار . و هنا يتجلى العهر الأمريكي بابشع صوره حينما ساعدت أمريكا نظام صدام برصد تحركات الثوار من الجو بواسطة طائرات الاواكس الأمريكية ( التي كانت تنطلق من قواعدها في السعودية ) و إعطاء الإحداثيات اولاً بأول لعميلها الهدام , بل سمحت له بالتزوّد بالوقود لعجلاته و آلياته من مخازن وقود الجيش الأمريكي و سمحت لطائراته السمتية ( الهليوكوبتر ) بالتحليق و قمع الانتفاضة الشعبية بعد توقيعه و تعهده ( الهدام ) المذل في خيمة صفوان , تلك الاتفاقية التي رهنت العراق ( كل العراق ) إلى أميركا و فتحت الباب على مصراعيه للتواجد الانكلو أمريكي الذي نشاهده اليوم في العراق . بل ساهمت أميركا بنفسها بتدمير الجيش العراقي حينما أمره الهدام بالانسحاب من الكويت لتقصفه أميركا بالطائرات الحربية موجهة اله القنابل المشعة باليورانيوم الناضب على الحدود و هو اعزل , لان هذا الجيش لا يمت إلى عميلها صدام بصلة , فجيش صدام الهدام مؤلّف من الحرس الجمهوري و ما يسمى بالجيش الشعبي و فدائيو صدام و حماياته الخاصة , أما هذا الجيش العراقي النظامي التابع لوزارة الدفاع فليس منهم , انه من الشعب العراقي و لا يمت إلى صدام بصلة , ولهذا ضمنت أميركا بتدميره , ضمنت عدم تمرد هذا الجيش عليه ( تماماً كما فعل الحاكم الأمريكي بول بريمر ) مؤخّراً بعد السقوط في 9-4-2003 حينما حل الجيش النظامي و ابقى على العسكريين الصداميين بكل تشكيلاتهم الحزبية يذبحون بالشعب العراقي و يدمرون البنى التحتية للبلد و يحرقون الحرث و يهلكون النسل في أيامنا هذه . و ضمن إعادة انتشار تنظيمات حزب البعث الصدامي و تهيأته للسيطرة من جديد بعد حرب الخليج الأولى خرج الكثير من كوادر هذا الحزب العفن إلى خارج العراق تحت مسميات المعارضة , واندس من اندسّ منهم مثل رئيس أركان جيشه و مدير مخابراته و بعض سفرائه ,...و...و...الخ اندسّوا في صفوف المعارضة الركيكة التي لا تمتلك من اتباع ومن حسن التنظيم , وليست المعارضة الحقيقية التي تمتلك رصيداً جماهيرياً ضخماً عمّدته بدماء شهدائها الأبرار فاصبحت جزءاً من الجماهير الفاعلة و المؤثرة في العراق. اختلط حينها الحابل بالنابل , و تموّه الصدامي بالإسلامي و البعثي بالوطني , فاصبح جلاّد الأمس وطني و مناضل اليوم . و نعود لأبي محمد ( النص بيضة ) ليقف معتليا منبراً شعبياً في إحدى احتفالاتنا ليصدح بقصيدته الشعبية واصفاً حال القضية العراقية و التي لا زالت عالقة في ذهني بعض ابياتها عشوائياً حيث يقول فيها : يا حسافه اتغيّرت كل المبادء و الاهداف يا حسافه عكب ما جنّه نخوّف صرنه يا عالم نخاف عله انفسنه اليوم نضحك لو نكول اتغيرت كل الاهداف الهدف واحد نعرفه ...لجن عالكرسي الخلاف ----------------- يا حسافه تهنه احنه او تيّهينه اهناك من عدنه وطن و السياسة بهالوكت صارت مصالح واحنه اصبحنه الثمن احنه راس المال يلبيه تشتري و تبيع قادة هالزمن الله واكبر عالذي كنّاس ما يصلح يبه او اصبح قيادي او مؤتمن ---------------------- ( أتذكر ما علق بذهني من قصيدته في وصف ما آل اليه حال المناضل فيقول: او عينه تربي عاللي ما يسوه زبانه حامل بجيبه جوازات القضيّه يا قضية الاصبحت عمله يخوتي اجنبية عار اذا هذي قيادتنه تظل تلعب علينه .... عار يصحاب الحميّة ----------- عمله صرنه اهناه رخيصة عكب ما جنّه ذهب ابفضل تجار الكراسي صار مكروه العراقي الجان تاج الكل شعب . و ألآن عزيزي القارئ الكريم : ما أشبه اليوم بالبارحة : *من هرب بعد سقوط الصنم إلى دولة خليجية ضيفته لاسباب انسانية, وكان مؤمّلاً من الحكومة الجديدة ان تطالب به من اجل محاكمته جرّاء ما اقترفه بحق الشعب العراقي. وكان هذا الجرذ الهارب يسمي دائماً عندما يرد اسم ( هدام ) على لسانه , يسمّه بابي الشهيدين , يرجع هذا الهارب إلى العراق ليتبوّء مكانة في حزب إسلامي ليفرض شروطه الضاغطة على الفائزين بالانتخابات لاسقاطهم. *من فرضه بريمر القذر على وزارة الدفاع العراقية في العهد الجديد ليبتلع اكثر من مليار و ربع المليار دولار ثم يفر هارباً بها إلى حلفائنا و شركائنا بمظلومية الأمس , و يقدّمون له الحماية على ارض فدراليتهم المقتطعه من العراق. *من استلم منشأة حماية النفط يفر هارباً بمئآت الملايين من الدولارات التي استلمها من مخصصات الحماية و يسخرها لاجل التخريب و التدمير و الذبح لابناء شعبنا بدل الحماية الموكلة إليه. *من فرضه بريمر على وزارة الكهرباء يبتلع كل ميزانية الكهرباء و يرأس بها سبع شبكات تخريبية مخصصة لقتل الابرياء من شعبنا العراقي المظلوم. * وزير النقل البعثي المفروض على العراق الجديد بعد سقوط الصنم في عهد بول بريمر , وزير النقل هذا باع و اشترى و فصل من الوظيفة وعين من يشاء حسب مصالح حزب البعث ثم هرب بحفنة ملايين من الدولارات الى خارج العراق لينعم بها على حساب الشعب الجائع. * الشيء الوحيد الذي زاد على الحصة التموينية و المواد الغذائية لافراد شعبنا العراقي هو برادة الحديد التي اضيفت الى مادة الطحين الاساسية في الحصة التموينية للمواطن العراقي و الباقي ابتلعها .....( البلاّعين ) ؟. ........... الخ ........ الخ ...........الخ عزيزي القارئ الكريم : الشواهد على عودة الصداميين بمساعدة حلفائهم الامريكان كثيرة , وان لم اقدر ان احصرها كلها , الا انني احب ان اقول و اؤكّد ما نحن عليه و بقية ابناء شعبنا ان امثال السيد ابو محمد ( نص بيضة ) ورفاقة من الملايين من الشعب العراقي ما زالوا على حرارتهم و ثوريتهم دون أن تفتّ في عضدهم السنون و الأعوام و الدهور وان نهج ثوار انتفاضات صفر و رجب و شعبان لا يزال ساري في دماءنا , وكل قطرة شهيد سقطت من أبداننا أو نزفت من عروقنا و نحورنا اولدت في شعبنا جحافل من الأحرار الشديدي البأس الذين يأبون الضيم و لا ينامون على الاهانه , وان صبروا على الأذى فلصبرهم حدود. وان النصر الحتمي سيكون لشعبنا الصابر المجاهد , شعب على و الحسين, انه شعب ابي حنيفة النعمان و الكيلاني , انه شعب الصدرين العظيمين , انه العراق , عراق السنة والشيعة ,عراق العرب و الاكراد و التركمان , عراق المسلمين و المسيحيين و الصابئه مجتمعين موحدين. ودمتم لأخيكم
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |