كيف نبني وطنا خاليا من ألإرهاب؟
علي ماضي
alimadhy67@yahoo.com
هذا العنوان هو فرض من فروض مادة ألإنشاء لتلاميذ الصف السادس للمرحلة ألابتدائية ،ولا يخفى على المتتبع انه موضوع صعب للغاية بالنسبة لأطفال في عمر الورود ،لم يختبروا عالمنا الحسّي بعد،فكيف بعالم المعنويات؟! وعبثا طارت محاولة أحدى التلميذات بإقناع معلم المادة ،وبتوجيه مني إن يغير الموضوع إلى موضوع آخر ذو أبعاد حسّية كالحديث عن الربيع ،أو عن المدرسة ، متحججا بأنه يريد إنضاجهم مبكرا ،وفي النتيجة فان جميع التلاميذ لجأوا إلى ذويهم لكتابة مثل هكذا موضوع ،وبالتالي حرم معلمنا النجيب التلاميذ من حقهم في المحاولة، على اعتبار انه كلفهم بما لا يستطيعون،ولجأت التلميذة المسكينة إليّ ،فاقترحت عليها أن نوضح علاقة العنف ضد ألأطفال بالإرهاب ،وشرحت لها تفاصيل الموضوع بإسهاب مبسط يتلاءم وحجم مفاهيمها ،وتمكنت المسكينة بعد جهد جهيد إن تكتب موضوعا لا بأس به ،كما أنّي اقترحت عليها إن تكتب خلاصة ما فهمته برسالة مقتضبة توجهها إلى من تريد، على إن تكون من نتاجها المحض، فاختارت الكلمات التالية(أبي..أمي..معلمي..إذا أردتم مجتمعا خاليا من ألإرهاب أوقفوا العنف ضد ألأطفال) .
فما كان من المعلم في اليوم التالي إلا أن يستهزأ من التلميذة المسكينة قائلا وما علاقة العنف ضد ألأطفال بالإرهاب؟! مطالبا إياها بإعادة كتابة الموضوع ولما رفضت عاقبها بالوقوف قصاصا بجانب سلّة المهملات، وهو بسلوكه هذا جسد ألإرهاب بشحمه ودمه وبكل أبعاده . حينها أدركت إن خطوتنا الثانية في بناء وطن خالي من ألإرهاب تكمن في إبعاد مثل هؤلاء، لمنعهم من العبث بعقول فلذات أكبادنا،إضافة إلى اعتماد مناهج مدروسة بدقة يتبعها المعلمون لأن رؤى الوهلة الأولى لها اثر كبير في اعتناق العقائد فيما بعد.
أللقطة الثانية
مقارنة بسيطة لما يجري على الساحة السياسية العراقية والساحة السياسية الفلسطينية ، لكافية على إن تسلط الضوء ،على ضحالة العمق السياسي لساستنا الجهابذة ،حركة فتح تعلن وبكل رحابة صدر أنها لن تشترك في تشكيل الحكومة التي ستشكلها حماس ،لأن البون شاسع بين البرامج السياسية لكلا الكتلتين ،وتعلن أيضا أنها ستلعب دور المعارضة البنّاءة ،خدمة للشعب الفلسطيني، وأستطيع إن أشبه كلّ من حماس وفتح بضلعي زاوية السياسة الفلسطينية المنفرجة جدا ،والشعب الفلسطيني هو رأس هذه الزاوية.
فهلا تعلّم ساستنا ألأفاضل من الفلسطينيين كيف تورد ألإبل!! ، لماذا تستحي الكتل السياسية العراقية من تقف موقف المعارضة خدمة للشعب العراقي؟ هل سيتغير اتجاه دوران ألأرض لو قامت كتلتين بتشكيل الحكومة ،وشكلت باقي الكتل كتلة معارضة قوية، تراقب عمل الحكومة وتقف على التجاوزات التي من الممكن أن ترتكب ؟!
بالمناسبة ليس شرطا إن تشكلوا زاوية منفرجة رأسها مصلحة الشعب العراقي،فسنقبل بأي شكل هندسي منتظم ،حتى وإن كان شبه منحرف،جزء من مساحته مصلحة الشعب العراقي،وباقيها مصالحكم الخاصة ،فنحن نؤمن أن لا بداية من القمة.
أللقطة الثالثة
من المعروف عن مرض السرطان إن جسم الإنسان لا ينظر إليه على انه مرض بل يتعامل معه وكأنه حالة نمو يمده بأسباب البقاء ،ومن المعروف أيضا إن الخلية السرطانية تفقد وظيفتها وتتحول إلى خلية جرثومية تتكاثر بالانقسام ،وبمرور الوقت تتحول خلايا الجسم شيئا فشيئا إلى خلايا سرطانية بلا وظيفة، بل وظيفتها هي التهام الطعام لا غير ، ومن خبث الخلايا السرطانية أن أي محاولة إجتثاث غير كاملة ،ترد عليها الخلايا السرطانية بمضاعفة سرعة انتشارها عشرات المرات. يخيل إلي أحيانا إن مرض السرطان ما هو إلا حالة عصيان مدني احتجاجا على استعمار الروح لأجزاء البدن.
إن الفساد ألإداري المستشري اليوم في دوائر الدولة ومرافقها ،ينخر في جسد وطننا الحبيب، كما ينخر السرطان في جسد ألإنسان ،والأمرّ من ذلك إن الناس ألفوه إلى حد ألاعتياد،واخذوا يمدونه بأسباب البقاء . وعليه فان هذا الوطن الجريح صار ضحية ينهشها الإرهاب من الخارج وينخر بها سرطان الفساد ألإداري من الداخل ،ويقولون إن الله لا يطبق على عباده بحجرين!