|
هل تصلح العطار ما أفسد احسان طالب تحتل الذاكرَةَ السوريَة أسماءٌ لازمتها لعقود طوال ارتبطت بصورة انطباعية تعكس حالات مزمنة من المعاناة والآم المستمرة التي لا يبدو لها زوال قريب ، فالسوريون قاطبة خلال ما يربو على الأربعين عاماً ذاقوا وبال الاستبداد والفساد وصبروا وعضوا على الجراح دون أن يلوح في الأفق أمل ٌيبشر بفرج أو يسر بعد عسر . فمن لم تصادر أرضه صودرت أمواله و من لم تصادر أمواله صودرت حريته و من لم تطاوله السجون طالته الملاحقات ومن لم يطاله التعذيب ركبه الهم و الضغط النفسي ومن جمع مالا ابتلعته الضرائب و الرسوم و الحجوزات و الرشاوى، حتى الفقير المستسلم الزاهد المغرر بالقناعة لاحقته الإهانات و سحقت كرامته و ذلت شآمته حتى لا يفكر بالأفضل أو الأقل بؤسا ً. من من السوريين لم يفقد صديقا ً أو قريبا ً أو حبيبا ً أو أخا ً أو ابنا ً – نائبة الرئيس الحالية فقدت زوجة أخيها بنان الطنطاوي ابنة الشيخ على الطنطاوي مع حفيدته – من منهم لم يعاني الضيم و الظلم و الخوف و القهر طيلة العقود السابقة. لقد صودرت الإرادة و الفكر و الرأي و الموقف و اختزلت في فرد لا تغادره الأبدية و الخلود كما ينبغي لنا أن نؤمن و نعتقد! عبد القادر قدورة رئيس أو عضو لجنة حزبية تقوم بمهام إعداد مشروع لقانون جديد للأحزاب، أي عقل فاقد للأهلية ذلك الذي يتصور رجلا ً بحجم المذكور و تاريخه قادرا ً على أن يخطو قيد أنملة نحو الحرية و التعددية و الديمقراطية. عبد القادر هو الرئيس السابق لمجلس الشعب السوري و في عهده تمت ملاحقة و سجن أعضاء بارزين من مجلسه الموقر – رياض سيف و مأمون الحمصي – في مقابلة أجرتها معه صحيفة ألمانية افتخر عبد القادر بأن حكومته احتالت على شعبها و تقاضت ثمن سيارات باعتها للمواطنين أكثر من مرة و بأثمان مضاعفة و هو صاحب المقولة الشهيرة بأن المواطن السوري يكفيه أربعة آلاف ليرة سورية شهريا ً ليعيل بها أسرته أي ما يقل عن خمسة و سبعين دولارا ً كان ذلك في معرض دفاعه عن ارتفاع حاد للأسعار فرضته السياسة الحكومية آنذاك. و هو الذي هدد أعضاء المجلس بأن حزبه يتوفر على أكثر من مليوني عضو دونهم الدم الدم حسب عبارته الشهيرة أيضا ً. أول نائب أنثى لرئيس جمهورية في تاريخ العرب السيدة نجاح العطار إحدى دعائم السلطة الأبدية و واحدة من أعلام الثقافة السورية عرف عنها لباقتها الشديدة و ثقافتها الراقية ونظافة يدها و في عهدها السابق كوزيرة للثقافة شهدت الساحة المعرفية نزوعا ً نحو التنوير و العلمنة و الترجمة ضمن الشروط الموضوعية اللازمة لاستقرار النظام و بقائه. يدرك المتابعون للشأن العام في سورية أن تنصيب الدكتورة العطار لا يخلو من رسائل للخارج و الداخل مفادها أن سدة السلطة أكثر انفتاحا ً نحو القيم الإنسانية من الرأي العام الخاضع لتأثير الأصولية و ثقافة المنابر و في هذا إشارات إيجابية نحو الإصلاح المنشود من قبل المراقب الدولي المتابع للشأن السوري. كما يلاحظون أثرا ً سلبيا ً على أشخاص داخل السلطة ظن البعض تخلصهم من أسماء منافسة قديمة عادت لتظهر من جديد، فالدكتور رياض نعسان آغا الوزير الجديد للثقافة ـ الشديد الموالاة ـ لم يعد المرجعية الثقافية الأولى في الحكومة العتيدة، و الدكتورة بثينة شعبان ابنة السلطة و ربيبتها الطامحة لوزارة حقيقية تقليدية كالإعلام أو الخارجية لم تحصل عليها و أتاها التنصيب الجديد للدكتورة العطار ليضع حدا ً لطموحاتها الإعلامية و السلطوية فلقد سرقت منها النائبة الجديدة الأضواء و اعتلت مكانة تقبع تحتها وزيرة المغتربين. لم يكن بمقدور الدكتورة نجاح خلال سنين طويلة من إمساكها زمام الثقافة نقل الرأي العام السوري إلى مستويات معرفية تتيح الاشتراك في إنتاج ثقافة غير تلك التي رسخت الخضوع و الخنوع و القناعة بالكفاف – بالخبز وحده يحيا الإنسان – و حولت الهم الثقافي لدى معظم الناس إلى رفاهية و ترف تحجبها سيول المعارك و المواجهات المفروضة حيال الغزاة و الأعداء المتربصين في الثغور و القابعين في العقول و الصدور. هل ستتمكن نائبة الرئيس الجديدة من إعادة الثقافة و السياسة إلى الشعب و تحريك الركود الفكري السائد أحادي النظرة و التصور. هل ستعمل على محاربة التجهيل و التضليل الإعلامي و سيطرة الفكر الأيديولوجي المنغلق على مفاصل الحياة المعرفية و الثقافية. أشك في ذلك فالشروط الموضوعية و السياسية اللازمة غي متوفرة و ربما أنها غير قابلة للتوفر.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |