|
في خطوة ايجابية تبدو انها ستدفع بالقضية العراقية الى الانفراج على الصعيد السياسي، لارساء الاستحقاقات الانتخابية والكتلية البرلمانية وفق حسابات تشكيل الحكومة الوطنية التي تسعى كل الاطراف الى اطلاقها في القريب العاجل لتأخذ العملية السياسية مشوارها العملي على الساحة والبدء ببرنامج العمل الحكومي للأمن والإعمار وتأمين الحاجات والخدمات الأساسية التي بأمس الحاجة اليها العراقييون. وبخصوص هذا التوجه كما جاء في الأخبار قدم الرئيس جلال الطالباني توضيحات مقتضبة عن لقائه بوفد من الكونغرس الأمريكي وحضره عدد من قادة الكتل النيابية، وأعطى الرئيس العراقي انطباعا بأن ما يجري خلف الكواليس أكثر بكثير مما يجري تقديمه للإعلام، وقال بشيء من السرور: أنا لا انطق عن الهوى، إنما من وقائع خلف الستار ومن أشياء لا يمكن ان أبوح بها. تأتي هذه التطورات، فيما تواصل الاطراف العراقية المفاوضات لوضع الأطر الأخيرة على برنامج مجلس الامن الوطني، وآلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء وتوزيع الرئاسات الثلاث، وبحسب عباس البياتي عضو مجلس النواب”الائتلاف“ كما جاء في الأخبار فان المفاوضات الأخيرة اسفرت عن اعطاء الائتلاف سبع عشرة وزارة بينها وزارتان سياديتان. توازيا مع هذه الاجتماعات قدمت جبهة التوافق التي تضم الحزب الاسلامي بزعامة طارق الهاشمي ومؤتمر أهل العراق برئاسة خلف العليان ورقة اقترحت فيها ان يكون لنائب رئيس الوزراء حق نقض القرارات الستراتيجية. وبصدد ترتيب الأوراق السياسية دستوريا رجح عبد الخالق زنكنة من ”كتلة التحالف الكوردستاني“ الانتهاء من المشاورات في الفترة القادمة بغية عقد الجلسة الثانية لمجلس النواب وترتيب اوراق الحكومة دستوريا، ويبدو كما ذكر زنكنة ان الضاغط الزمني سيجعل الزعماء حريصين على وضع القواعد اللازمة لتأسيس الحكومة باسرع ما يمكن. وبغية توافق الآراء بصدد المرشح للمنصب السيادي رئيس الحكومة، وعلى منوال هذه التلميحات أشار الدكتور ظافر العاني الى موقف جبهة التوافق برئيس الوزراء في تشكيلة الحكومة المقبلة، وقال انها ما زالت عند موقفها الرافض لتولي الدكتور ابراهيم الجعفري هذا المنصب مشيرا الى ان قوى سياسية داخل قائمة الائتلاف تشاطرها الرأي، وقال: اعتقد ان ذلك سيساعد في معالجة الامر داخل الائتلاف قبل عرضه على البرلمان. وكان مصدر قال ان الجبهة ربما تسحب اعتراضها على ترشيح الجعفري لأنها لا تنظر الى شخص رئيس الوزراء بقدر اهتمامها ببرنامج الحكومة على حد تعبير المصدر. والحقيقة المؤلمة، كما صرح بها رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني في مقابلة له مع جريدة "المدى"، حول ملامح الوضع السياسي في العراق قائلا "لا بد من الاعتراف، دون تلاعب بالمصطلحات، بأن البلاد تعيش حالة من حالات "الأزمة" لكنها ليست "مستعصية" وليست من تلك الأزمات التي تنطوي على تناقضات جادة او تناحرية لا سمح الله. لقد سعينا دائماً لتجنب مثل هذه الحالة، ودرء مخاطرها عن شعبنا. والتأكيد على الثوابت الوطنية، التي تمثلت في تضافر جهود كل القوى بغض النظر عن طابعها الايديولوجي او السياسي او العرقي او المذهبي، على قاعدة برنامج عمل وطني مشترك، ونبذ اي نهج او اسلوب للانفراد او التمييز او التهميش للآخرين أو تغييب أي طرف. بعيداً عن الاستقواء بالقوة العددية او بأي أفضلية أخرى، سوى الانطلاق من المصالح الوطنية العليا والاعتماد على مبادىء العمل المشترك وتجنب اغفال اي قوة او طرف، مهما كانت قوته العددية او نفوذه السياسي، ما دام يسعى لتحقيق ذات الاهداف". استنادا الى هذه الحقائق فان الحالة العراقية تبدو انها تستلزم بذل جهود كبيرة لإيصالها الى بر الأمان من قبل الاطراف العراقية التي باتت تقترب من الاتفاق النهائي لترتيب البيت العراقي والبدء بمرحلة العمل الحقيقي لخدمة العراقيين وانتشالهم من المشاكل الحياتية والمعيشية والأمنية التي يعانون منها، وتبدو ان القيادات السياسية بمختلف كتلها البرلمانية خاصة المحسوبة على الطرف السني والطرف الشيعي، أصبحت على قناعة تامة ان الاتفاق على إطار عمل معين وبرنامج عمل محدد بات أمرا ضروريا وأساسيا لأن الوقت بات في غير صالح الحالة العراقية، لإخراج العراق من حالة الأزمة التي وقعت فيها بعد أنجاز العملية الانتخابات البرلمانية وإفراز أصوات الناخبين، ولا شك ان القيادات العراقية وعلى رأسها الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس كوردستان مسعود بارزاني تبذل جهودا كبيرة للوصول الى اتفاق مشترك بين الكتل البرلمانية لقيادة العراق في المرحلة القادمة التي تمتد الى أربعة سنوات. وهذا ما يدفع بنا الى القول أن الفرج العراقي بات قريبا للانفراج وأن الدخان الأبيض بات قريبا إطلاقه الى السماء البغدادي لإعلان الترتيب السياسي للبيت العراقي لترتيب المواقع السيادية والتي تتضمن رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمعية الوطنية وتشكيلة الحكومة الموحدة. وبهذه الإنجازات فإن الدولة العراقية ستدخل مرحلة حاسمة من حياتها وتاريخها وهي استقرار الحكم استنادا الى دستورها المخول من الشعب واستنادا الى برلمانها الديمقراطي المنتخب من قبل العراقيين، ومما لا شك فيه يبدو من خلال القراءات السياسية للمرحلة والوقائع والأحداث الراهنة التي تمر بها العراق لترتيب بيتها السياسي ان المحركان الأساسيان لكل هذه المشاورات والمجادلات والمحاورات هما الرئيسان جلال طالباني ومسعود بارزاني، وهذا ليس بغريب عنهما، لأن وجودهما في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة من حياة العراقيين أصبح ضرورة وطنية، لأن هذا الحضور الوطني لهما أصبح صمام الأمان للحفاظ على العراق والعراقيين، بعد أن حاولت كل القوى غير المحبة للعراق ان تدفع بها الى هاوية الحروب الطائفية والأهلية، ولكن ولله الحمد بفضل هذه القيادات الوطنية وبفضل المراجع تمكن العراقيين من تجنيب العراق من حرب كارثية كادت ان تحطم بأهلها وأرضها وسماءها، وبفضل هذا الإصرار الوطني الأصيل لإيصال بلاد الرافدين الى بر الأمان، فإن ما ينتظر أهلها سيكون بحال النجوم العالية، والمرحلة الحرجة التي مرت بها هذا البلد خلال هذه السنوات والضربات الموجعة التي تعرضت لها، ستكون مجرد كبوة فارس، وسينطلق العراق الفيدرالي للأمام بقوة ربه وبعزم أهلها من الكورد والشيعة والسنة رغما عن الأعادي التي تتربص بأهل العراق من كل حدب ومن كل زاوية، وسيكون للعراق نهوض زاهر يجود به على حاضره وعلى مستقبله.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |