(الهيئة) تكذب نفسها

محمد حسن الموسوي

almossawy@hotmail.com

من على اعتاب الكرملين الاحمر قرر شيخ (الهيئة) ان يكذب نفسه بنفسه. فالرجل ومنذ اسبوع في ضيافة (الفودكا) الروسية كأن (الزحلاوي ) العراقي لم يعد يفي بالغرض وليس المراد من الاثنين _اي الفودكا والزحلاوي_ الخمر والعياذ بالله بل المقصود بهما  الحل السياسي الروسي مقابل الحل العراقي والذي كان يجدر بالشيخ دعي الوطنية ان يـأخذ به بدلا من تدويل الازمة العراقية اكثر مما فيه من تدويل فلا الزحلاوي العراقي ولا الحشيشة المصرية  باتا يسكنان ألم الشيخ وهذه الاخيرة _ اي الحشيشة المصرية_اقام عراب (المقاومة)  الدنيا ولم يقعدها من اجل ان يلوكها وكان له ما اراد من خلال مؤتمر القاهرة الذي عاد منه بخفي حنين.

 ولكن لماذا اختار موسكو بالذات ليطلق تصريح التكذيب _اي تكذيب نفسه_؟ وقبل هذا وذاك مالذي اراد تكذيبه؟

 الجواب اراد ان يكذب ما تناوله كاتب هذه السطور في مقال سابق حمل عنوان ( الماء مقابل النفط بداية اعلان دولة شيعة العراق) والذي ناقش فيه الكاتب بيان (هيئة علماء السنة) الذي اطلقته بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لتحرير العراق والتي هددت من خلاله بقطع الماء عن الشيعة او بأغراقهم به ومقايضة الماء بالنفط  ومن ما جاء في البيان ((..اما الارض التي يعيش عليها العراقيون فهي الاخرى لا تقبل التجزئة فالثروات موزعة في كل انحاء العراق فاذا كان النفط في الجنوب مثلا فالماء في الوسط والشمال ويمكن حبسه حتى يُبادل برميل من النفط ببرميل من الماء ويمكن ان ينفرط عقده فيغرق الجنوب كله...). علما ان هذا البيان منشور في صفحة (الهيئة) الرسمية (انظر الرابط التالي http://www.iraq-amsi.org/news.php?action=view&id=5801&712d8025ef1550150398659312ccde86)

هذه فحوى ما اراد الشيخ تكذيبه . ومن على اعتاب الكرملين حيث يرقد الرفيق لينين بسلام اطلق الشيخ تكذيبه لما تناوله الكاتب العراقي محمد حسن الموسوي في مقاله المشار اليه سلفا واصفا _اي الشيخ_ هذا المقال بالدس ومكذبا ماجاء فيه حيث قال في تكذيبه بعد ان اعتبر زيارته (التاريخية) الى عاصمة البلاشفة السابقين بـ(المثمرة والهامة) على حد تعبيره (بدأت الحملة بدس مقالات تنسب إلى هيئة علماء المسلمين تصريحات كاذبة من قبيل الماء مقابل النفط، والزعم بأن الهيئة تريد مقايضة أهلنا في الجنوب بماء النهرين العظيمين مقابل النفط ) هذا ماجاء في تكذيبه المنشور بالصفحة الرسمية لهيئته وذلك يوم 20/3/2006 ( انظر الرابط التالي http://www.iraq-amsi.org/news.php?action=view&id=5892&ad7c49cf48f0b3e67b15cbe1819ea6ef)

 والان من نصدق بيان (الهيئة) ام تكذيب شيخ (الهيئة) لبيان هيئته ؟  

الشيخ ينفي ان تكون (هيئته) الموقرة قد صرحت بقطع الماء عن الشيعة بينما بيان الهيئة المدون في صفحتها يُثبت ذلك فيالها من ورطة وياله من موقف لايحسد عليه الشيخ ضاريوف! فهل يعقل ان زعيم (هيئة) لا يعلم بما تصدره هيئته من بيانات خطيرة تهدد امن وسلامة الوطن والمواطنيين وتشجع على العنف وتحث على الكراهية والبغضاء بين ابناء البلد( الواحد) وهو الذي يدعي ان اصدقائه الروس يثمنون (الجهود) التي تضطلع بها (هيئته) في الحفاظ على السلم الاهلي كما جاء في تكذيبه لهيئته (لمسنا من المسؤولين الروس تقويماً عالياً لجهود الهيئة والقوى العراقية الوطنية المناهضة للاحتلال في تحقيق السلم الاجتماعي ورفض مشاريع التقسيم والمحاصصة الطائفية). لا ادري كيف يتحقق السلم الاجتماعي الذي يتحدث عنه الشيخ العراب اذا كانت هيئته تهدد بأستخدام الماء كسلاح سياسي ضد ابناء الاكثرية من الطائفة الشيعية ؟

ان (الهيئة ) التي تشكلت اساسا بُعيد تحرير العراق  من حفنة من وعاظ السلاطين الذين كانوا في خدمة النظام الطائفي العنصري الانكشاري البائد لسنوات طويلة يلحسون قصاعه ويزينون له سوء فعاله ويشرعنون له ظلمه ويجملون له قبح اعماله والذين وجدوا انفسهم بلا وظائف وامتيازات بعد افول نجم سلطانهم فقرروا التجمع تحت يافطة (هيئة علماء) وهم ابعد مايكونون من العلم واقرب منه الى الارهاب والابتزاز , ظاهرها _اي (الهيئة)_ العمل الدعوي للاسلام وباطنها الذي تكشف عنه افعالها العمل المافوي اي انها مافية بزي الدين تمتهن الخطف والقتل والتصفيات والابتزاز ولعل (الجهود) التي اثنى عليها الروس كما جاء في تصريح الشيخ يُقصد منها الدور المشبوه للهيئة في عمليات خطف الرهائن الغربيين ومقايضتهم بالاموال وبخاصة ان روسيا ذاتها تحولت الى دولة مافيات ومن هنا جاء تقيم الروس للهيئة كأصحاب مهنة واحدة حتى راح العراقيون يتندرون بها ويصفونها بـ ( هيئة علماء الخاطفين) وآخرها فضيحة خطف الصحفي الايطالي الذي تم اطلاق سراحه مقابل فدية قيمتها خمسة ملايين دولار دُفعت لاحد (علماءها) حيث تحقق السلطات العراقية الان  معه رغم نفي ( الهيئة) لذلك.

ونعود الى سؤالنا الاساسي وهو لماذا اختار الشيخ العراب موسكو بالذات ليطلق تصريح التكذيب ومن جوار قبر الرفيق ستالين الرجل ذو القبضة الحديدية؟  

اولا لا تعدو زيارة الشيخ العراب الى موسكو عن كونها حركة بهلوانية اراد من خلالها زج الروس في الشان العراقي ليرد بذلك على دعوة الحوار الامريكي الايراني التي اطلقها زعيم الغالبية البرلمانية السيد الحكيم وخصوصا ان موسكو بدات هذه الايام تلعب بذات الورقة القديمة التي كانت تلعب بها ايام حكم ماكان يعرف بـ (الاتحاد السوفياتي) اي ورقة دعم القوى والحركات المناوءة لامريكا وللـ (امبريالية) فأستبدلت موسكو الاحزاب الشيوعية التي انقرضت او باتت بحكم المنقرضة بالحركات الاسلامية الاصولية ومن هنا جاءت دعوة موسكو الاخيرة لحماس وزيارة وفدها اليها.

ثانيا اختيار موسكو لاطلاق التصريحات يأتي في باب سياسية الاستقواء بالأجنبي سواء كان عربيا او اوربيا ضد الغريم العراقي . وسياسة الاستقواء بالعامل الدولي او الاقليمي ضد العامل الوطني المحلي تعتبر من الاعراف والتقاليد السياسية التي اتبعتها الانظمة الانكشارية التي حكمت العراق منذ عام 1921 والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة وما قام به الشيخ العراب يأتي متماشيا مع هذه السياسة التي جبل عليها. فتارة تجده يستقوي بالعرب على العراقيين وتارة يستقوي بالروس عليهم وهكذا.

ثالثا اراد الشيخ العراب بتصريحاته الموسكوية تدويل الشان العراقي وقد سبق له ان توسل بأسرائيل من اجل حث الولايات المتحدة على اعادة الامتيازات التي فقدها ابناء الطائفة التي يدعي هو وهيئته تمثيلها وقد كشفت صحيفة ( معاريف) عن اللقاء الذي تم بين ممثل (الهيئة) في الدوحة وهو ابن الشيخ العراب ومسؤول اسرائيلي كبير ومما يؤكد صحة مانشرته هذه الصحيفة هو عدم مقاضاة ممثل (الهيئة) للصحف العربية التي نشرت هذا الخبر مما يؤكد مضمونه.

رابعا زيارته لموسكو وتصريحاته من هناك لاتعدو كونها بالونا اعلاميا اراد اطلاقه ليثير الانتباه اليه بعد ان انحسر دور (الهيئة) التي يتزعمها رغم التسويق الاعلامي الكبير الذي قامت وتقوم به بعض الفضائيات العربية المولعة بحفلات الذبح والتفخيخ والاختطاف الذي تمارسه (المقاومة الشريفة) الى حد (الصُرة) والتي يتحدث بأسمها الشيخ فبالرغم من كل هذا التسويق الا ان دور ونشاط (الهيئة) في انحسار مستمر خصوصا مع تقدم العملية السياسية في العراق ولم ينجح مؤتمر القاهرة في تسويق (الهيئة) كمرجعية سياسية ودينية  للعرب السنة في العراق.

أخيرا ً يعاني الشيخ و(هيئته) من العزلة التي جلبها لنفسه وكذلك تعاني هيئته من الفوضى التي سببها تعدد محاور القرارفي داخلها وصراع تلك المحاور بينها مما يهدد بأنفراط عقدها قريبا وهو ما يتوقعه اكثر المراقبين ولعل الشيخ في تصريحاته الممزوجة بنكهة الفودكا الروسية اراد رفع معنويات اعضاء هيئته وانصارها على ان تكذيبه للبيان الذي صدر عن هيئته والذي يتوعد بقطع الماء عن الشيعة يدل على حجم الفوضى الذي انتاب عمل (الهيئة) خصوصا بعد ولادة اكثر من مرجعية سياسية سنية بالانتخابات الاخيرة التي قاطعتها (الهيئة).

الشئ الوحيد الذي يسجل لـلـ(هيئة) هو اجادتها للكذب فشعارها المركزي هو كذب كذب حتى يصدقك الاخرون وهذا مافعله الشيخ حينما كذب بيان هيئته اي انه كذب نفسه بنفسه لكن فاته ان حبل الكذب قصير.

 العودة الى الصفحة الرئيسية 

  

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com