|
تحالف زلماي والإرهاب لا ريب فيه حمزة الجواهري مما لا شك فيه أن أي تنازل للإرهاب كان بمثابة انتصار له وتأكيد على فاعليته على ابتزاز المكاسب، وكلما حقق الإرهاب مكسبا سياسيا فإنه يتفاقم أكثر وتتسع رقعته وتزداد البيوت التي تؤوي الإرهابيين ويزداد السياسيين من هيئة العلماء والحزب الإسلامي وباقي الجوقات الطائفية صراخا يرفعون عقيرتهم ليل نهار فيما لو تعرض إرهابي لسوء، وسرعان ما تطلقه القوات الأمريكية خوفا على العملية السياسية من التوقف!!!!!! هذا ما آل إليه الوضع في العراق، مزيدا من التنازلات يقابلها مزيدا في التصعيد الإرهابي وتغافل متعمد عن الجرائم من قبل زلماي باقي الجوقات الطائفية، وهكذا بدا واضحا أن سوف لن يتوقف الإرهاب مادام هناك تنازل له وتغافل عن جرائمه وشل للقضاء والقانون بحجة الخوف على العملية السياسية. ولمزيد من البحث في أسباب الاستقطاب والاحتقان الطائفي الذي يشهده العراق في هذه الآونة ونحن على أبواب تشكيل حكومة كاملة الشرعية ودائمة لمدة أربع سنوات، بدا الآن واضحا أن هناك سببا آخر واضح المعالم برز أخيرا يعطي للتعصب الطائفي والعرقي بعدا آخر غير الذي يعرفه الجميع والمتمثل بمحاولات البعث والتكفيريين الهادفة إلى خلق حالة من الاحتقان تؤدي إلى حرب أهلية، حيث أن هذه المحاولات تم احتوائها من قبل السياسيين لأنها ذات أهداف معلنة أصلا بالرغم من بشاعة الأعمال الإجرامية التي يقومون بها على مدى ثلاثة سنوات متواصلة ولم تتوقف خلالها ولو يوما واحدا، لكن حينما يكون واضحا للعراقيين بأن أمريكا أيضا تدفع نحو هذه الحرب اللعينة، وذلك من خلال سلوك وأداء سفيرها في العراق زلماي خليل زادة، يكون الأمر مختلفا تماما، حيث أن الموقف من هذه المحاولات سيكون تصعيديا وليس تجاهلا كما هو الحال في المحاولات البعثزرقاوية الخسيسة، فهو يدفع نحو التمترس الطائفي أكثر ويستدعي الاستعانة بأصدقاء من خارج الحدود، وهذا ما فعله الساسة الشيعة حين دعوا إلى فتح مفاوضات بين أمريكا وإيران، فهم بلا أدنى شك يهدفون من خلال هذه المحاولة إلى زج إيران في الصراع بشكل معلن ومباشر لإعادة حالة التوازن التي كانت موجودة قبل التحول الأمريكي من خلال سلوك زلماي، ذلك السلوك الذي يعتبره الشيعة مبني على أساس طائفي وليس سياسة أمريكية، لأن الرئيس الأمريكي حتى الأمس كان يتحدث بخطاب آخر غير الذي نسمعه من زلماي. زلماي لم يكن بعقلية الأمريكي كما توقع البعض يوم تولى سفارة الولايات المتحدة في العراق، بالرغم من سلوكه المهذب للغاية، فهو مازال أسيرا لثقافة الشرقي التي جبل عليها وهو صغير، فلم يكن بالقدر الكافي من التحضر الحقيقي لكي يمسك أمرا معقدا للغاية كملف العراق، لذا كان قد تسبب بأكثر من أزمة منذ أن تولى هذه المسؤولية، كانت الأخيرة منها الأشد حيث مازالت تتفاعل، ولولا حكمة السياسيين لأودت بالعراق إلى الجحيم. ربما كان زلماي مناسبا لكي يكون رجل أمريكا في أفغانستان أو أي دولة أخرى غير العراق لأن الثقافة هنا لا تكفي على الإطلاق، هذا إذا كان مثقفا بما يكفي لتقدير المواقف بحيادية حقيقية، حيث العواطف والميول الشخصية سوف تلعب دورا كبيرا في الأداء وهذا ما حصل بالضبط، فقد أخطأ الرجل في أكثر من مناسبة في تقديراته، هذا إذا لم يكن عمدا، وكان آخر الأخطاء ذلك الذي حصل في حسينية المصطفى قبل أيام، أو تجاهل عمليات التهجير القذرة التي مازالت مستمرة لعشرات الآلاف من العراقيين الشيعة من منازلهم، ويبدو أنه مستمرا على ارتكاب الأخطاء مستقبلا، والخطأ في هذه الحالة ثمنه باهظ جدا على الجميع. بالرغم من أن التحقيق مازال جاريا ولم يتمخض عن نتيجة، لكن القرائن تبدو قوية جدا في تورط زلماي والجيش الأمريكي وربما العراقي أيضا في مجزرة الحسينية، وأي نتيجة سيخرج بها التحقيق سوف لن تكون أكثر من إنذار، ربما أخير، قبل دخول العراق في آتون الحرب الأهلية، لأن الشيعة الذين مازالوا هادئين لو نهضوا سيكون لهذا النهوض زلازل مخيفة لا طاقة للعراق بها. حقا أنا كنت واحدا من المتوجسين خيفة من زلماي يوم استلم زمام الأمور في العراق كسفير للولايات المتحدة لسببين، أولهما هو أن الرجل وكما أسلفنا مزدوج الشخصية، حيث يبدو متحظرا في السلوك الخارجي لكن من الداخل مازال يحمل كل أدران التخلف التي ورثها من بيئته الأفغانية التي ترعرع فيها حتى لو كان قد نشأ في الولايات المتحدة الأمريكية، أما السبب الثاني فهو إن تدخل هذا الأفغاني بشكل سلبي في الأحداث وعلى أساس يحسب أنه طائفي، فإن هذا الأمر يعني أنه سوف يضع أمريكا في موقع العدو بالنسبة للمكون الأوسع في العراق، وبالتالي النهوض أو الخروج عن حالة الحياد التي يقفون عليا رغم جهاد التكفيريين لقتل أطفالهم وشيوخهم، وهو ما يعني أن أمريكا تصبح في حالة عداء مع الجميع، وتكون الحالة أكثر تعقيدا لو دخلت فعلا إيران بشكل رسمي ومباشر في هذا الصراع. حقا لا أعرف الكثير عن تاريخ حياته سوى العموميات، لكن يبقى للبيئة البيتية أثرا في المسلمات والنوازع الفكرية التي يحملها، من هنا نقول أنه مازال يحمل أدران التخلف كأي أفغاني، حيث ما رشح من سلوكه على شكل تصريحات أو دعوات أو تجاهل متعمد للإرهاب في العراق الذي بلغ ذروته وحتى رصد التحركات، جميعها كانت توحي بما لا يقبل الشك أنه منحازا على أساس طائفي، لذا فإن المعادلة قد أختلت منذ تولي الرجل هذا المنصب ولحد الآن، كان هذا السلوك مقبولا من الناحية المنطقية لأنه يقيم بعض التوازن المطلوب في هذه المرحلة، لكن يبدو أنه قد إستمرأ اللعبة وراح يسعى لما هو أبعد من ذلك وهو الوصول بالمعادلة العراقية إلى نتيجة مقلوبة، أي تقزيم الكبير وعملقة من هو قصير، هذا فضلا عن حالة التدهور الأمني الخطير الذي لاحظناه في العراق منذ توليه المنصب، فقد كانت الفترة الأخيرة من أكثر الفترات التي شهدت إنفلاتا أمنيا خطيرا، لأن زلماي كان دائما لها بالمرصاد لأي محاولة لضرب الإرهابيين بحجة أنه يريد للعملية السياسية أن تستمر ولا يريد ان يثير حساسية السنة الذين دأبوا على التهديد بالخروج من العملية فيما لو تعرضت الحكومة للإرهابيين ويحسبوها على أنها تمس مدنهم ومكونهم الاجتماعي. ربما أخطأ زلماي في التشخيص أو وقع تحت تأثير بعض التحليلات التي تقول أن الشيعة جبناء ولا يمكن أن ينهضوا مهما كانت الأسباب، طبعا هذا التقدير خطأ جملة وتفصيلا، لأن الشيعة كأي شعب لا يسكت على الذل والدليل على ذلك حجم المقابر الجماعية التي تركها النظام البعثي المقبور لأنها جائت بعد انتفاضات متتالية، ومع ذلك فإن لهم آليات تحركهم وتضبط هذه الحركة وتوجهها بطريقة مؤثرة وقوية قد لا تتوفر في شعوب أخرى، وهذا الأمر وفق تجارب الإنتفاضات في العالم ما سوف يزيد من فاعليته الانتفاضة أو التحرك الشعبي وقوته، لهذا السبب أقول أن التشخيص الذي وضعه البعض من الكتاب المأجورين لواقع الشيعة كان خطأ جملة وتفصيلا لأنه لم يستند إلى أسس علمية في التحليل، حيث أن أي إنتفاضة أو تحرك شعبي تعبوي سيكون فاعلا وقويا لو كانت له قيادة واحدة تنظمه، وهذا ما ينطبق على الحالة الشيعية تماما في العراق خصوصا بعد أن صعد الإسلام السياسي متفردا بقيادة هذا المكون الإجتماعي، هذا فضلا عن اصطفاف الجميع وراء المرجعية الدينية وهي التي مازالت متحكمة بحركة هذا الطيف الواسع والأكثر مظلومية من غيره عبر قرون، وأي عاقل يجب أن يرصد هذه الأمور وأن لا يستهين بقوة هذا المكون العراقي، لكن زلماي خليل زادة كان بعيدا جدا عن الواقع حين انحاز بشكل سافر ضدهم ليؤجج بهذا الانحياز من حالة التوتر والاحتقان الطائفي، في حين كان يجب أن يكون محايدا مع الجميع. أن جميع تصريحات زلماي كانت منحازة بشكل واضح لجهة معينة، وبقي التبرير الذي يسوقه المراقبون لهذا الإنحياز مستمرا على أنه يريد أن يخلق حالة من التوازن في العراق، لكن ما نراه أمر مختلف تماما، ولم ينتقد زلماي طرف من الأطراف العراقية غير الشيعة، بقي يركز على وزارة الداخلية وبذات الوقت يتغافل عن الزوابع الطائفية والعرقية التي تثيرها الأطراف الأخرى وحملات التهجير والذبح على الهوية والتفخيخ العمليات الإرهابية التي تجري بمباركة صريحة من الساسة الذين يدعمهم، كل هذه الأمور من شأنها أن يثير حفيضة هذا الشيعة الصامتين لحد الآن، وكأن زلماي ما جاء ليطبق سياسة أمريكية في العراق ولكن لكي يعيد الحياة إلى مشروع الزرقاوي باشعال حرب طائفية بعد أن يأس الأخير من الوصول إلى هذا الهدف، وما أعتقده جازما أن الزرقاوي، سواء كان حقيقة أم وهم، إنه الآن يرقص فرحا لهذا الأداء الزلماوي القذر في العراق، لأنه بدا واضحا انحياز أمريكا لتحقيق حلم الزرقاويين وأعوانهم في العراق حتى أنه اليوم أصبح أقرب للحقيقة من الحلم، فالعراق فعلا على أبواب الحرب الأهلية، وقد سمعت أحد الساسة الشيعة يصرخ عبر الفضائية العراقية بلهجة يملئها لتهديد بأن العملاق الشيعي يتململ وعلى وشك النهوض. يبدو أن التقارير التي تواترت عن مساعي زلماي لإقناع الإدارة الأمريكية بإن يكون له دور في العمليات العسكرية كانت صحيحة. إن هذا الأمر يعني أن رايس قد ملئ رأسها بأوهام وليس حقائق عن طبيعة الوضع في العراق، لذا فهي الأكثر إنقلابا في النظرة للوضع في العراق بالرغم من أنها أقل تدخلا من ذي قبل، أي قبل أن يصبح الدور الزلماوي أكثر وضوحا وقوة في اللعبة السياسية على أرض الرافدين، ولو استمر الأمر على هذه الشكل فإننا سوف نشهد في القريب العاجل تحالفا جديدا بين القاعدة وأمريكا وبشكل رسمي، فأين يقف الرئيس الأمريكي من هذا التحالف؟! قد لا أكون مخطئ لو قلت أن أمريكا تدخل في المأزق الحقيقي الذي لا مخرج له لو تركت زلماي يتفاوض بالنيابة عنها مع إيران، حيث أن الأخيرة تمتلك من الأوراق العراقية أكثر مما تملك أمريكا بسبب زيادة حدة التمترس الطائفي التي خلقها الأداء الزلماوي في العراق، وهو ما دفع الإسلاميين الإستعانة بإيران، لذا لا أجد من المناسب أن يكون زلماي ممثلا لأمريكا في هذه المفاوضات المرتقبة، بل يجب أن يستبعد عن الوفد الأمريكي، أما مسألة تبديله وإبعاده عن الملف العراقي فهي ضرورة. الإرهاب في حاضنة زلماي قد بلغ مداه الأبعد وهذا ما تشير له الاحصاءات الأخيرة، ومن المثير حقا أن نسمع من على الفضائية العراقية ومن وزير مسؤول عن الأمن القومي أن العمليات العسكرية الأخيرة قد أخذت شكلا زلماويا هي الأخرى، وهذا ما يعني أن تدخل الأخير في الملف العسكري قد أصبح مقلقا ومزعجا ومؤثرا للغاية، فلم يعتد العراقيون على التعامل مع الملف الأمني والإرهاب بظل التشكيك بالموقف الأمريكي من الإرهاب، لأن حتى الأمس كان الجميع يظن أن أمريكا لا يمكن أن تدعم الإرهاب أو تتساهل معه وخروجها من العراق قد يؤدي إلى حرب أهلية! ولكن بفضل زلماي خليل زادة أصبح للإرهاب سند أمريكي! فهل يعقل هذا الأمر؟! وهل سوف يستمر مع بقاء الأخير في منصبه في العراق؟! وهل حقا يعتقد زلماي أن دعم الإرهاب والتغافل عن أفعاله سوف يرضي السنة العرب لضمان بقائهم في العملية السياسية؟! ولم تبقى إذا أمريكا في العراق مادامت قد وصلت إلى هذه النتيجة، يكفي أن تنسحب من العراق لكي يقوم الإرهاب بدوره من دون عرقلة من أحد ويعود الجنود الأمريكان سالمين إلى أهلهم! أم إن زلماي يريد أن يعيد كل شيء كما كان بقوة الجيش الأمريكي؟ بوجود زلماي سفيرا لأمريكا في العراق أجد أن الطائفية والإرهاب هما القانون الجديد في العراق وهو الوحيد الذي يحرك العراقيين.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |