صدام حسين ورياح الموت (1 - 2)

ناجي ئاكره يي

akrawy51@hotmail.com

تفيد الأنباء الواردة من العراق بان الطاغية صدام حسين وبعض من أركان نظامه ، سوف يمثلون قريبا أمام محكمة الجنايات العليا في قضية الأنفال ، وتشير المعلومات بأن السيد منقذ تكليف آل فرعون ، سيرأس الادعاء العام في هذه القضية ، وان بين المتهمين الذين سوف يجرى محاكمتهم مع الطاغية ، هم علي الكيمياوي وسلطان هاشم أحمد وطاهر توفيق العاني وحسين رشيد محمد التكريتي.

لذا ارتأيت ان اقوم باعادة نشر محاضرة القيتها في لاهاي العاصمة الهولندية ، ابان سقوط نظام الديكتاتور المجرم.

 نص المحاضرة التي القيتها في مؤتمر حلبجة والانفال المنعقد في مدينة لاهاي / العاصمة الهولندية بتاريخ 25/4/2004.

 

 القسم الاول

الحضور الكرام :

كتب الكثير عن جرائم صدام بحق الكورد وبحق العراقيين والجيران، وتحت عناوين عديدة ومختلفة، لكن ما لفت نظري هو عنوان تقرير لمنظمة (PHR) – منظمة أطباء من أجل حقوق الانسان -, بعنوان رياح الموت وكتب التقرير لصالح الامم المتحدة سنة 1988، بعد كشف ميداني على ضحايا القصف الكيمياوي، وللأمانة أقول أخذت من عنوان ذلك التقرير جزء من عنوان مشاركتي المتواضعةهذه، وأضفت اليها اسم الطاغية صدام حسين، بحيث اصبح عنوان مشاركتي (صدام حسين ورياح الموت).

 

الاخوة والاخوات :

  لما أنحسر نفوذ بعض الدول الكبرى في المنطقة، بعد الحرب العالمية الثانية، أرادت تلك الدول العودة الى المنطقة بطريقة واخرى، فظهرت في لبنان وسوريا احزاب وتيارات، ممولة من هذه الجهة وتلك، وبرز المقبور ميشيل عفلق كمؤسس لمشروع البعث لبناء الدولة القومية، من خلال أذابة القوميات والطوائف بطريقة ارهابية عنصرية قسرية في بودقة العروبة, وأثبت الطاغية صدام بعد بروزه على المسرح، بانه التلميذ النجيب للمقبور عفلق، واكد على ذلك عفلق حينما قال، ان صدام هبة السماء الى العرب.

 

سيداتي سادتي :

  الكورد أمة مغبونه تاريخهم سلسلة من المأسي والكوارث والمعاناة، ووطنهم جغرافية عذاب، واجتماعنا هنا يؤكد على جزء من عذابهم التاريخي كشعب وكأرض، الكورد شعب يعشق السلام والاستقرار والتعايش المشترك، لا توجد قضية مغبونة في عالمنا المعاصر مثل القضية الكوردية، وحكومات دول المنطقة المتعاقبة التي تتقاسم كوردستان الكبرى، لم تقدم خلال حوالي قرن كامل شيئا، يمكن ان يفسر بأنها خطوة على طريق حل هذه القضية سلميا ان لم تعقدها أكثر، وان هذه الأنظمة شبه المستقرة منها والقمعية، ظلت بكل المقاييس، تعمل على قمع الحركة التحررية الكوردية في كافة اجزاء كوردستان، وتعمل أيضا بكل اصرار على تجزأة المقسم من وطن الكورد، وتقطيع أوصال أرضهم، في حين كانت ولازالت لدى هذه الحكومات توجهاتها القومية، ناسية بأن الحرية لا تنحصر في شعب وأمة دون أخرى.

 

أحبتي الحضور :

 اذا ما تعاملت أحدى هذه الدول مع القضية الكوردية بمجال من التعامل المحدود، فأنها سرعان ما تثبت بأن تعاملها كانت كمحاولة، لجعل القضية الكوردية العادلة كورقة ضغط على سياسات القوى الأخرى، حتى اللاجئين الكورد لم تمنحهم هذه الدول حقوق اللاجئين، بل جرت هناك محاولات لجعلهم ورقة أستنزاف ومساومة.

نقر بأن كوردستان جزء من منطقة قلقة وأستراتيجية، تتأثر بالتطورات والمستجدات التي تحصل في العالم والمنطقة، ومن حق الكورد العيش بسلام على ارض وطنهم كوردستان أسوة بشعوب العالم، ليصبحوا أحرارا في بناء علاقاتهم على أسس المنفعة والمصالح المتبادلة, بحيث تكون خيرات كوردستان من مياه ونفط ومعادن وقوى بشرية، عامل أسعاد للكورد ولشعوب المتعايشة معهم، لا عامل اضطهاد لهم.

 

العزيزات والاعزاء :

 مهما أطلقنا من تسميات على جرائم صدام بحق الكورد، لا تعبر عن ما لحق بهذا الشعب المظلوم من على يد هذا الطاغية، ولكننا يجب ان نقر بان الديكتاتور، ليس هو الوحيد المسؤول عن جرائم حلبجة والانفال وذبح البارزانيين العزل وترحيل الكورد الفيلية والمقابر الجماعية وتجفيف الاهوار، وما حل بالعراق والمنطقة من كوارث ومأسي أخرى، هناك طاقم الحكم السابق وازلام الديكتاتور وقادته العسكريين وافراد اجهزته الامنية، يتحملون قسطا كبيرا من مسؤولية تلك الجرائم، ولا ننسى مسؤولية اطراف دولية واقليمية, كانت قد ساهمت بطريقة واخرى في تلك الماسي والجرائم.

 كما هو معروف من ان جريمة الجينوسايد البشري، يعني ابادة وقتل الجنس البشري، اي ان الفاعل يرفض له الحق في الحياة والوجود، وهي تظهر في مظاهر عديدة ومختلفة، منها الابادة الجسدية عن طريق

 

سيداتي سادتي :

  الاعتداء على حياة ووجود جماعات اثنية ومذهبية ودينية معينة، والاعتداء على صحتهم وسلامتهم الجسدية، وعن طريق الابادة الثقافية بتحريم اللغة الوطنية والقومية لجماعة وأثنية معينة، وحرمانهم من ثقافتهم القومية وتزوير تأريخهم والطعن في رموزهم التاريخية، وقد تأتي عن طريق الابادة البيولوجية، بالاعتداء على المجموعات البشرية، بواسطة اجهاض نسائهم وتعقيم رجالهم.

بالنسبة الى الطاغية صدام، ارتكب جرائم عديدة ومتنوعة ومختلفة، بحق الكورد بصورة خاصة، وبحق العراقيين وشعوب المنطقة بصورة عامة، بل وابتكر طرق جديدة في ابادة الجنس البشري، فالمجرم صدام كان يشبه ذلك الشخص الذي يشرب الماء المالح، كلما شرب كمية اكبر كلما زاد عطشه، فكان كلما يسفك الدماء ويبيد البشر ويخرب البيئة، جيناته الغير سوية كانت تحتاج الى المزيد من المجازر والجرائم والسلبيات، لأن حالته النفسية كانت تتناوب فيها، شعوره بالدونية قبل استلام السلطة، وزهوه بنفسه لاحقا كرئيس سلطة يتحكم في مصير ملايين من البشر، ولأن انعدام الأمل والبؤس لديه في طفولته وشبابه، ولدت عنده الأكتئاب الوجودي، الذي تحكم لاحقا في كل تصرفاته، وتسلطت على عقله المريض حتى بعد ان اصبح رئيس أغنى بلد في العالم، وكلما كان يتذكر رواسب الاهانات، التي تعرض لها في طفولته وشبابه، كانت تولد لديه جراح نفسية عصية الانفصال عن مخيلته المريضة، فيزداد رغبة في المزيد من الدماء والمزيد من التخريب، حتى وصل به الامر بحيث كان يتصرف من حيث تصور التهديد، وليس وفقا للتهديد الحقيقي، وزرع هذه الفكرة الخبيثة، في مخيلة اولاده والمقربين منه وفي افكار عملاء اجهزته الامنية، تفكير صدام كان تفكيرا مركبا، وعقله كان عقل تامري من طراز فريد في نوعه، لذا كان بارعا في حياكة المؤمرات، حتى انه كان يقول عن التاريخ الذي لا يلائم تفكيره، بأنه تاريخ دخيل ومزور، لذا طالب بأعادة كتابة التاريخ وفق مشيئته.

  المعروف عن العالم الثالث بان الجنرلات حين يستلمون الحكم، يتخلصون من ملابسهم العسكرية ونياشينهم، الا ان طاغية العراق السابق، هو المدني الوحيد الذي وصل الى سدة الحكم قرر ان يكون عسكريا، لذا لم يستطيع الاستفادة من وضعه الجديد، عند استلامه رئاسة الدولة العراقية، وأذاب العراق في شخصه، ولم يعد في عهده المقبور أي تمييز بين شخصه والدولة العراقية، كان ذئبا نهما شرها، يرافق عواءه القفز شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، فحمل الشعوب العراقية اوزار جرائمه، وحمل هو وحاشيته خيرات العراق كلها، لذا وجدناه يدفع بكرة الثلج الى الامام، واذ به يضرب بكل ما في يده من أوراق ببلاهة، متقمصا دور الانسان الشريف والسوي والحريص، مزايدا على العرب والمسلمين بالكذب والدجل، مضحيا لهم بكل شئ من قوت العراقيين ودمهم، من أجل مجد كاذب وزعامة وهمية، فأخذ شعبه ينزف دموعا ودما، وأصبح العراق بلدا محطما واقتصاده منهارا وشعبه جائعا، لأن راعي الغنم كان ذئبا.

 قبل فترة قال احد القانونيين العراقين من على احدى الفضائيات العربية، بأن احد العراقيين رأى في منامه بأن صدام حسين قتل، وروى حلمه لبعض اصدقائه فضحك احد المستمعين، فكانت النتيجة اعدام الحالم والحكم على المستمع الذي ضحك بعشر سنوات سجن.

 

أخواني واخواتي :

 القانونيون الدوليون يقسمون ابادة الجنس البشري الى قسمين، الابادة المادية والابادة المعنوية، فلو نظرنا الى جرائم ديكتاتور العراق السابق، نجد انه قام عن سابق اصرار وتصميم، بالابادة المادية والمعنوية للشعب الكوردي ولغيرهم، قد يتصور البعض بأن صدام حسين، قام بعمليات الانفال سنة 1987 – 1988، الا ان الوقائع تؤكد بان تلك العمليات كانت قد بدأت عام 1983، منها أنفلة البارزانيين، عندما جرى ترحيلهم من قراهم، الى مجمعات قسرية (حرير – قوشتبة – ديانا)، وبعدها اصدر المجرم برزان التكريتي وشقيقة المجرم وطبان، امرا في 30/7/1983 الى المخابرات العسكرية، بالقبض على 8000 بارزاني، بينهم 315 طفل ويافع، ونقلوهم الى العاصمة بغداد، ومنها الى المناطق الصحراوية وقاموا بدفنهم في التراب وهم أحياء، وكان من بينهم 48 شخصا من اخوان واعمام السيد مسعود البارزاني وابنائهم، وأصاب البارزاني كبد الحقيقة عندما قال للطاغية، جيئتك من اجل مصلحة الوطن وانا اسبح في بحر من الدماء، وكما قلنا بأن الجينوسايد البشري هو ابادة الجنس، بطرق مختلفة، فبدون تحفظ نستطيع القول، بأن عملية الانفال بدأت بعد بيان اذار 1970 عندما جرى ترحيل الكورد وتعريب اماكن سكناهم، ومن ثم اشتدت بوتيرة ظالمة ومؤلمة سنة 1980 ضد الكورد الفيلية، وما تكبده الكورد الفيلية قل نظيره في التاريخ، ولو ان العراقيين جميعا هم في الهم شرق، ونستطيع القول أيضا بأن ابادة العراقيين على يد البعث العنصري سنة 1963، هي ابادة جماعية للجنس البشري، حينما اصدروا بيانهم المشؤو م رقم 13، بابادة الشيوعيين والديمقراطيين الوطنيين.

 في 29/3/1987 اصدر ما كان يسمى بمجلس قيادة الثورة، مرسوما خول بموجبه المجرم علي الكيمياوي، الصلاحيات الامنية والعسكرية بما فيها استعمال الاسلحة الكيمياوية، لتنفيذ عمليات الأنفال، واجبار سكان القصبات والقرى الكوردية، في دهوك والسليمانية وكركوك وهه ولير، وفي الاقضية والنواحي الكوردية في محافظة الموصل ومحافظة ديالى، الى تسليم انفسهم للسلطات الامنية والعسكرية، وتمكن عدد قليل منهم الهروب خلال القصف الكيمياوي، الا ان معظمهم اضطروا الى تسليم انفسهم، وتم نقلهم الى المناطق الصحراوية في الجنوب، وجرى قتلهم جميعا بما فيهم من اطفال ونساء وشيوخ ومعوقين، حيث بلغ الشهداء في تلك العمليات اكثر من 182 الف انسان، ناهيك عن تدمير اكثر من 4500 قرية وقصبة كوردية ما بين عام 1976 الى 1988، حتى ينابيع المياه اغلقوها بالاحجار وصبوها بالكونكريت المسلح، لمنع الماء عن الطيور والحيوانات أيضا.

 بعد حرب الابادة العنصرية ضد الكورد هذه، خصص الكاتب البريطاني (ألان هال)، فصل من كتابه المعنون (جرائم الحرب)، والكتاب يبحث في موضوع تعرض الكورد للابادة الجماعية، والكتاب هو ضمن سلسلة دورية من الكتب التي تصدر في لندن بعنوان (جرائم حقيقية).

 يقول الكاتب (ماذا يحدث عندما يتحول الجندي من مقاتل الى قاتل حقير ؟)، ويضيف أي جنون وحشي يطغى على النظام الحاكم في العراق، يجعله يمارس القتل الهمجي بدلا من الدفاع عن وطنه، ثم يقول الكورد المكافحون الاباة الذين أبو الركوع والخنوع للديكتاتور، لذا انتقم منهم بالسلاح الكيمياوي المدمر، الذي سبب الموت الشنيع لآلاف من الرجال والنساء والاطفال، ففي عام 1988 شن صدام حسين هجومه الكيمياوي المرعب ضد الكورد وقتل نحو خمسة الاف منهم، وذلك بعد ان كون جيشه الجبار من حيث العدد والعدة، بحيث أعتبر خامس جيش في العالم، مجهز بكافة الاسلحة الفتاكة، تجسيدا لأفكاره الشيطانية التي قلما توفرت لدى النازيين، ويضيف :

بأن برنامج تطوير اسلحة صدام الكيمياوية هو الأحدث والأوسع في العالم، لم يمنع صدام حسين من اللجوء اليها، فلأنه لم يكن يملك التقنية النووية، فقد استعاض عنها بالسلاح الكيمياوي، حيث أنتج غاز (الهايدروجين سيانيد) الذي يؤدي الى الموت بعد ثواني من أستخدامه، وغاز الأعصاب (تابون وسارون)، يسبب القليل منه الموت السريع، ثم يقول الكاتب :

كانت الحكومات الغربية لا تتوانى من مساعدة صدام حسين، وامداده بالأسلحة المدمرة والمواد الكيمياوية الأولية، التي أدعى أستخدامها للأغراض السلمية، في محاولة للتعتيم على الهدف الحقيقي منها، ووقعت العديد من الشركات في هذا المطب، منها شركة (فيليب بتروليوم) الأمريكية، التي باعت 5 أطنان من المادة الكيمياوية المسماة (ثيود يكلتبول)، عندما تخلط مع (أسيد الهيدروكلورين) تتحول الى غاز الخردل، وكانت بريطانيا وهولندا والمانيا، تجهز العراق بالمواد الاولية والتكنولوجبا التي مكنت صدام من بناء قوته ويضيف الكاتب :

 الكورد كانوا ولا يزالوا معضلة صدام الكبرى، في شهر اذار 1988، كانت الشمس تشرق على الجبال، حين أمطرت حلبجة بوابل من القنابل، التي أحدثت هذه المرة دويا غريبا على اسماع النساء بعكس العادة، شاهد الناس على أثرها أعمدة دخان أصفر ورمادي، يهب كالضباب على المدينة،، مما جعل الناس يسقطون الواحد تلو الآخر، وحدثت بلبلة وهستريا وكانت الشوارع ممتلئة بأكوام من الجثث، الامهات سقطن على الارض وهن يحتضن أطفالهن، الماشية والحيونات تساقطت، النباتات والاشجار أحترقت، الاجواء كانت مفعمة برائحة غاز يشبه الثوم والبصل الفاسد، كل شئ داخل المدينة مات وسادهاالصمت والسكون، كما كانت أشلاء القطط والكلاب متناثرة هنا وهناك.

 

أعزائي الحضور :

 اعلاه كانت شهادة غربية على جريمة صدام في حلبجة، ولكن تقارير أخرى ذكرت بأن الطاغية، أستخدم في عمليات الأنفال وحلبجة وباليسان وشيخ وسان، جميع العوامل الكيمياوية السامة (عوامل الفقاعات، عوامل الأعصاب، عوامل الخانقة، عوامل الدم، عوامل ذات التاثير النفسي)، وأصبحت لدى الديكتاتور عوامل كيمياوية سامة جديدة، أشد سمية بمئات المرات من تلك التي أستخدمت خلال الحرب العالمية الاولى والثانية، كما تطورت لديه وسائط استخدامها نتيجة تزويده بالتكنلوجيا من دول عديدة في الشرق والغرب، بحيث أصبحت الأسلحة الكيمياوية التي أستعملت ضد الشعب الكوردي في كوردستان، تضاهي على قدم المساواة مع الاسلحة النووية من حيث تأثيرها.

 أما الوثيقة الغربية الثانية والتي تطرقنا اليها في مقدمة مشاركتنا، هي عبارة عن تقرير لمنظمة أطباء من أجل حقوق الانسان، المنشورة في جريدة خبات بتاريخ 22712/1993، والتي كانت بعنوان رياح الموت، والمترجمة من قبل الدكتور رزكار :

 

الاخوات والاخوان :

  ان رد الفعل الشعبي تجاه الحرب الكيمياوية، يعود في جانب كبير منه الى طبيعتها غير المميزة وتأثيراتها الصحية، التي تمتد لفترات طويلة، والى اعتبارات اثارها الفظيعة على اولئك الذين يتعرضون لها بشكل مباشر في الخنادق.

 في 25/ اب / 1988 وبعد أيام فقط، من دخول اتفاقية وقف اطلاق النار بين العراق وايران حيز التنفيذ، شن الجيش العراقي هجوما كبيرا على الكورد في شمال العراق، مما أضطر أكثر من 50 ألف مواطن كوردي، الى النزوح بصورة جماعية من قراهم الى المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا، ولم يتوقف هذا النزوح الجماعي، الا بعد أن أغلقت القوات العراقية الحدود في الخامس من أيلول 1988، وأشارت التقارير الصحفية الأولية، ان الكورد فروا نتيجة هجوم واسع بالأسلحة الكيمياوية عليهم، ومن جانبها فأن التقارير الرسمية، للحكومة التركية لم تؤكد وتنفي أستخدام الأسلحة الكيمياوية، ضد الكورد وظلت مترددة.

في الثاني عشر من أيلول 1988 طلبت الولايات المتحدة وأثنا عشر دولة أخرى من السكرتير العام، أرسال فريق من الخبراء الى المنطقة للغرض أعلاه، الا ان الحكومتين العراقية والتركية رفضتا السماح للامم المتحدة القيام بهذا الاجراء، وهنا يبرز الدور التامري للحكومة التركية الطورانية ضد الكورد، تم فيما بعد أختيار منظمة أطباء من أجل حقوق الأنسان، لأرسال بعثة الى المنطقة، في ضوء الحاجة الماسة الى شهادة طبية مستقلة حيال الموضوع.

من جانبها قبلت منظمة اطباء من اجل حقوق الأنسان (PHR)، القيام بهذه المهمة رغم أنها تقع خارج حدود التزاماتها، المتمثلة في تسجيل خروقات حقوق الانسان في المجالات الصحية، فقد ركزت المنظمة جهودها في هذه المرة على موضوع، أتهم فيه حكومة بأستخدام أسلحة كيمياوية ضد مواطنيها، حيث يرتكب لأول مرة عمل كهذا.

في 7 – الى – 16 تشرين الثاني 1988، سافر وفد مؤلف من ثلاثة أطباء، يمثلون منظمة أطباء من أجل حقوق الأنسان (PHR)، الى تركيا حيث خطط الوفد لأجراء أستفتاء خاص، لتقصي الحقائق حول موضوع أستخدام الأسلحة الكيمياوية ضد الكورد، وأجاب 27 شخصا من المقيمين في مخيمات اللاجئين في تركيا، الذين أعتبروا بمثابة شهود عيان على الهجوم الكيمياوي ضد الكورد، وأجابوا على 120 سؤلا وجهت اليهم، كما قام الوفد بأجراء فحوصات طبية على ضحايا القصف الكيمياوي، وأعدوا مقابلات طويلة بالفديو، مع أكثر من 200 شخص من المقيمين في مخيمات اللاجئين، وتحدثوا مع مائة شخص، من الذين أنتخبوا بصورة عشوائية من بين نزلاء المخيمات، وتحدثوا مع الموظفين الحكوميين والصحفيين والدبلوماسيين ومراقبين اخرين ايضا، هذا وأستغرق الأستفتاء 30 - 60 دقيقة مع كل شخص، أما مقابلات الفديو فقد أستغرقت مع كل فرد ما بين عشر دقائق الى حوالي 30 دقيقة.

علما بأن بعثة منظمة أطباء من أجل حقوق الأنسان، بدأت تحقيقاتها بصورة مستقلة عن الحكومات والمنظمات غير الحكومية، وقبل أدانة نظام صدام حسين بأستعماله الاسلحة الكيمياوية ضد الكورد، أستشارت المنظمة الأخصائين في مجال الحرب الكيمياوية ومنظمات حقوق الأنسان ومركز دراسات الشرق الأوسط.

 

سيداتي وسادتي :

  اليكم هذه الوثيقة الحية التي تدين جبين البشرية في القرن العشرين :

رئاسة الجمهورية

 السكرتير

مديرية الامن العامة

مديرية / أمن محافظة السليمانية

العدد / ش 3 / 15486

التاريخ / 14/ 6/ 1989

10/ ذي القعدة / 1409

 (سري)

 الى / مديرية الامن العامة – ش3

 م/ قوائم

نرسل اليكم صحبة مأمورنا ملازم الأمن عبدالحكيم محمود حمادة، قوائم مفصلة تتضمن أسماء مجرمين، وعددهم (44) من الذين تم تنفيذ حكم الأعدام بحقهم، ومنهم من توفي أثتاء التحقيق في الحملة التفتيشية لعام 1985 لمحافظة السليمانية، والتي حصلت الموافقة على تنظيم قضايا خاصة بهم، ولم تصدر لهم شهادات الوفاة، راجين استلامها وعرض الموضوع على أنظار السيد العام المحترم، لغرض الموافقة على أصدار شهادات الوفاة لهم، والتنيسق مع مستوصف الأمن العامة، علما بأنهم مدرجين في القوائم المرسلة اليكم بموجب كتابنا سري وشخصي المرقم 19820 في 2/4/1987، واعلامنا... مع التقدير.

 

 ع/ مدير أمن محافظة السليمانية

المرفقات

------------

قوائم

أسماء المجرمين الذين تم أعدامهم من المعتقلين اثناء الحملة التفتيشية بتاريخ 17/10/1985، ومنهم الذين توفوا في التحقيق، والذين أمر السيد العام المحترم بأعدامهم، وقد نظمت لهم قضية خاصة في مديرية الأمن العامة / ملف 64 ولم تصدر شهادات وفاة لهم لحد الآن.

1 دلير عبدالله عزيز / المذكور تم القبض عليه أثناء الحملة التفتيشية لمحافظة السليمانية بتاريخ 17/10/85، وذلك لضبط بحوزته على صورة فوتغرافية مع المخربين، ومنهم المجرم مصطفى جاوشين.

2 خابات محمد غريب / تم القبض على المذكور اثتاء الحملة التفتيشية لمحافظة السليمانية، والذي عثر بداره على كمية من المطبوعات والمنشورات للاحزاب المعادية، ولديه شقيق يدعى ارام هارب الى جانب زمرة الاتحاد الوطني الكوردستاني وعضو المفاوضات عام 1985.

3 طاهر محمد عمر

4 امانج طاهر محمد عمر

5 (اسمه غير واضح) اسم الاب طاهر محمد عمر

تم القبض عليهم اثناء الحملة التفتيشية لمحافظة السليمانية، والذي ضبط بدورهم على صور عائدة للمجرمين كل من جلال الطلباني والمجرم نجم الدين عمر الملقب (ابو ريشة)، وقد اعترفوا بأن الصور تعود اليهم، وقد تم تنفيذ حكم الاعدام بحقهم.

6 ياسين عارف قادر / المذكور تم القبض عليه في الحملة التفتيشية لمحافظة السليمانية، ولديه شقيق هارب الى جانب المخربين، حيث توفي أثناء التحقيق، وقد امر السيد العام المحترم، بحجز العائلة وهدم الدار وبحكم الاعدام.

 7 حسين شريف محمد

 8 زردشت حسين شريف

 9 اوات محمد شريف

 10 امانج احمد غفور

 11 بهروز سردار عبد الرحمن

 12 دلير فائق على

المجرمين الذين تم القبض عليهم في 17/10/1985 أثتاء الحملة التفتيشية لمحافظة السليمانية والذين امر السيد العام المحترم بأعدامهم وقد تم تنظيم قضايا خاصة لهم في مديرية الأمن العامة / ش3.

  (اما القوائم المرفقة الاخرى كانت مفقودة لم نعثر عليها).

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com