|
الاغتيال السياسي و الإرهاب الطائفي احسان طالب إذا كانت التصفية الجسدية هي الحل الوحيد لإزالة العقبات المتواجدة في طريق الثورة فإنها أمر محمود بل ومطلوب ، هكذا تعاملت الأحزاب الشمولية العربية مع خصومها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. وتحول المبدأ في ظل أنظمة شمولية حكمت البلدان العربية ( العراق أنموذجا ) إلى سياسة منظمة وتخطيط مدروس لا تقتصر فاعليته داخل الحدود الوطنية بل تعدتها إلى الدول المجاورة وحتى البعيدة . ولم يكن أبناء العرب روادا في ذلك المجال بل تابعين ومقلدين لطلائع في تنظيمات وأحزاب و أنظمة حمراء وصفراء وبيضاء . إبان الحرب الأهلية اللبنانية كان الإنسان يقتل على الهوية أو الاسم وأحيانا على اللهجة ، وزالت وانتهت تلك الحرب ومازالت جميرات تحت الرماد تنتظر شياطين أسياد الماضي لتنفخ فيها من جديد . العراقيون إبان الحرب الأهلية اللبنانية كانوا يرزحون تحت نير الطغيان والاستبداد وكانوا يموتون أفرادا وزرافات تحت أية شبهة أو ذريعة ونتيجة لسياسات عدوانية حيث كان النظام يرسخ سلطته بالقتل ، ولم تنج طائفة ولا قومية و لا تنظيمات أو أحزاب من البطش و الفتك و تم ذلك بدرجات متزايدة نحو الشيعة والأكراد. وإذا كان أبناء العرب في الجاهلية يعتقدون بأن القتل أنفى للقتل فإن نظام الديكتاتور البائد كان يتبنى مبدأ القتل درءا للشبهات وبعد انهياره ظن العراقيون انتهاء تداعياته وترداد ته خلال فترة زمنية ليست بالطويلة لكنهم بعد ثلاث سنوات مازالوا يبحثون عن الأمن والآمان وهم مدركين حجم الأيادي الخفية المتدخلة في حاضرهم والعابثة بمستقبل وطنهم . عندما شارك ما يزيد على أحد عشر مليونا من العراقيين في الانتخابات النيابية الأخيرة ظن الطيبون أن بلاد الرافدين تسير نحو السكينة والوداعة وتغافلوا عن فتتن تنسج في الظلام تنتظر الخروج من جحورها في التوقيت المناسب لتمارس دورها في استعادة مبدأ القتل لإثارة الطائفية المقيتة وإعادة الطغيان، والمقلق بل والمدمر أن أعداء العراق يعبثون بالنار ويحيون الشرر في كل جمرة خامدة . تفجير لمرقدي الإمامين الهادي والعسكري من مقدسات المسلمين الشيعة وقتل على الاسم من أهل السنة " العثور على 14جثة تحمل اسم عمر وضعت هوياتهم على صدورهم وأردوا قتلى رميا بالرصاص بتاريخ 2/4/006 " رسالة شديدة الوضوح غاية في الحقد على كل العراقيين الذين أذاقوهم النظام البائد الوبال في الماضي تريد الانتقام من الحاضر ، مفجر المراقد المقدسة هو من قتل العمر يين هم من مارسوا الاغتيال السياسي في الماضي والإرهاب الطائفي في الحاضر ، نحن أو الطوفان قيلت في الماضي وتنفذ في الراهن . والحرب المضادة تنطلق من مبدأ العراق أولا وكل العراقيين أولا وهذا يفيد بأن العراق فوق الطائفية و أولى من المذاهب و القوميات وقبل المعتقدات و غياب الدولة الديمقراطية غياب للبلد ونار الفتنة ستحرق الجميع . وتحقق مآرب أعداء العراق المتربصين به و يبذلون كل خبرتهم في الإرهاب لتدمير الدولة القائمة وإعادة الطاغوت البائد كل ذلك يدعنا نتسأل هل بدأنا نحصد ثمار إخضاع السياسية للدين وهل نجح المشروع الديمقراطي في إيصال المعتدلين من التيار الإسلامي للسلطة, ربما كان من المبكر الحكم على تلك التجربة إلا أن المؤشرات الراهنة و الأولية لا تبعث على التفاؤل ، فالكتلة النيابية الاخوانية في مجلس الشعب المصري لم تبد أثرا جديا ظاهرا على سياسات الحزب الوطني الحاكم ، والديمقراطية العراقية من جهة تحارب العنف والإرهاب الحاقد الذي يمارس القتل الطائفي ويدمر الوطن ومن الأخرى تتنظر تحديد ولاءات الإسلام السياسي الذي يضع الوطن والمواطن ثانيا و ربما ثالثا بعد الأهداف الأيديولوجية و المرامي العقائدية ويخضع مصيرا لوطن لتحالفات تقوم على أساس ديني لا وطني وفي أراضي السلطة الفلسطينية الخاضعة لإرادة حماس المنتخبة ديمقراطيا تتفاقم الأوضاع الأمنية والاجتماعية في وجه حكومة دينية لا تمتلك الخبرة السياسية الكافية ولا تحظى بالتأييد الدولي اللازم وتعتمد فكرا أصوليا مقيدا يحد من قدرتها على التفاوض ويعيق تغليب المصالح الوطنية على المبادئ الإعتقادية تلك النماذج المتعددة تضع الباحث أمام ضرورة إعادة النظر في أهمية ربط الديمقراطية بالعلمانية التي تؤكد على حرية واحترام المعتقدات والأديان و المقدسات وتخضع السياسة للنظم الحداثوية وتؤمن بحق الأفراد والجماعات بممارسة شعائرهم وتقاليدهم بدون تميز ضمن منظومة دولة الحق والعدل والقانون .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |