|
في خضم محاولات عراقية جارية على الصعيد السياسي للخروج من الأزمة التي خلقها رئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري بسبب التمسك بشخصه للترشيح الى المنصب المذكور، وعدم موافقة الاطراف السياسية الأخرى من القوائم السنية والتحالف الكوردستاني على ترشيحه بسبب السجل السيء لإدارته للحكومة في الفترة السابقة واستمرار مساويء هذا السجل في الفترة الراهنة، يبقى الوضع العراقي على حاله. ولا يخفى على أحد أن الفترة التي قادها الجعفري في الحكم تعتبر من أسوء الفترات والاوقات العصيبة التي مروا بها العراقييون، من الناحية الأمنية والخدمية والخدماتية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، وهي تعتبر من أخطر الفترات التي انفجرت فيها الازمات الامنية المرتبطة بالمسائل المذهبية والدينية بحدة وبقوة شديدة، والتي كادت ان تتحول الى حرب طائفية أهلية لولا الدور الفعال للقيادة الكوردية والمراجع الدينية خاصة على مستوى المرجع الديني في النجف لسماحة السيد علي السيستاني، حيث بفعل المحاولات الوطنية لهذه الاطراف بالتنسيق مع القيادات والكتل والاحزاب والحركات السياسية الشيعية والسنية تم اخماد نار الفتنة التي افتعلت بتدمير قبة مرقد الامامين في سامراء من خلال عملية ارهابية متقصدة لاشعال نار الفتنة، والحدلله وبفضل الأصالة العراقية للقيادات تمت السيطرة عليها. ولكن بالرغم السيطرة الحالية، فان الحالة العراقية ما زالت سارية نحو أوضاع غير مستقرة في ظل الادارة الحكومية للدكتور الجعفري، وما زالت الحالة تعاني من تداعيات خطيرة بسبب تأخر تشكيل الحكومة العراقية، بسبب تعنت الموقف السياسي للسيد الجعفري تجاه البلد وتجاه العراقيين. ولكي نكون موضوعيين وحياديين في بيان الادارة السيئة لرئيس الحكومة، فإننا نذكر أهم الأزمات الكبيرة التي مر بها العراقييون في هذه الفترة، والتي عانى وما زال يعاني منها العراقييون بمرارة وقساوة، حتى باتت العملية السياسية التي تمر بها العراق في موقع حرج بسبب الدور السلبي للسيد الجعفري، وبإيجاز فإننا نلخص أهم الأزمات التي اتسمت فترة الحكم الحالية بما يلي: · اختلاق أزمات مستعصية في مجال الوقود، حتى باتت الحالة العراقية في هذا المجال النقص الحاد في مصادر الطاقة محل سخرية، فالقول الشائع "العراق فوق بحيرات من النفط وشعبها يعاني من ازمات نقص حادة من النفط والبنزين" خير ما يمكن ان يحلل به هذه الأزمة. · أختلاق أزمات خانقة في مجال توفير الكهرباء، حيث باتت مشكلة توفير هذه الطاقة للمواطنين أكثر تعقيدا وأكثر استعصاءا، حتى أن الكثير من النشاطات الاقتصادية والمعيشية والتجارية والزراعية والحيوانية توقفت بسبب هذه الأزمة التي أصبحت حالة مرافقة على الدوام للعراقيين لتزيد من أوجاعهم وألامهم تزامنا مع وقع الأزمات الأخرى المرافقة والمرتبطة بالكهرباء. · مع وجود أزمة الكهرباء واستمرارها بحالة سيئة أكثر، تزامنت وترافقت معها أزمة المياه الصالحة للشرب، خيث يعاني أكثر من ثلاثة أرباع العراقيين من مشاكل وأزمات نقص حادة في مجال توفير الماء الصالح للشرب على نطاق المدن الكبيرة والصغيرة. · ازدياد وتصاعد وتيرة المشاكل الأمنية، حتى باتت الرسم البياني لها خلال فترة حكم الجعفري من أكثر الفترات دموية وإزهاقا للأرواح والنفوس البريئة من العراقيين الابرار الذين تذهب دمائهم الرخيصة دون محاولات جدية لوقف هذا النزيف الدموي المستمر من خلال فرض سيطرة فعالة على القوى والحركات الارهابية وفرض مجابهة قوية معها للتاثير عليها وازالتهم من الساحة العراقية. · إختلاق مشاكل سياسية ومالية للحكومة الكوردستانية، وتصعيد وتيرة المشاكل المتعلقة بمسألة عودة كركوك الى كوردستان، ووضع العراقيل امام التطبيع الذي ثبت كمادة قانونية في الدستور العراقي الدائم وفي قانون ادارة الدولة العراقية. · تردي الأوضاع المعيشية والحياتية للعراقيين بصورة عامة من خلال تصاعد الرسم البياني للأسعار في الأسواق وازدياد أسعار المواد الغذائية والحاجات الاساسية اليومية التي بأمس البحاجة اليها العائلة العراقية في ادامة حياتها ومعيشتها. · أزمات خانقة في المواصلات بصورة عامة، خاصة داخل المدن بسبب أزمات الوقود المتواصلة وحلول فوضى كبير في تنظيم امور المدن والمحلات والاسواق والشوارع، حتى أن الحالة المستفحلة في هذا المجال أصبحت مؤذية بدرجة كبيرة للمواطن، لما تسسبها من خلق مشاكل وازمات حياتية وتنظيمية أخرى مرتبطة بالمشكلة الرئيسية. · إزدياد التوتر الطائفي والمذهبي بين الأطراف الشيعية والسنية، وعدم قدرة ادارة حكومة الدكتور الجعفري من السيطرة على الامور الحساسة المتعلقة بهذه المسألة، حتى أن هناك أراء تذهب الى أبعد من هذا وتفسر هذا الخل والقصور الكبير للجعفري في هذا المجال بأنه متعمد ومتقصد. · إزدياد الدور الإيراني في العراق في ظل دور حكم الجعفري، حتى بات هذا الدور يحسب له من قبل الاطراف الدولية المعنية بالقضية العراقية. وهو دور يقابل بالكثير من الرفض والادانة والاستنكار من قبل أغلب الاطراف الوطنية العراقية. · إزدياد تهريب النفط العراقي، حتى أصبحت هذه السلعة الوطنية أداة رخيصة بأيدي الكثير من المليشيات والحركات والأحزاب السياسية في الجنوب العراقي، ويقدر حجم النفط المهرب بعمليات منظمة من خلال الصهاريج وخطوط النقل الى أكثر من نصف مليون برميل على مدار السنين الماضية لما بعد حكم صدام المستبد، كما جاء في التقارير الخبرية، ويذهب البعض أن هذا التهريب ليس ببعيد عن مصالح بعض المسؤولين الكبار في الحكومة. بخلاصة موجزة، هذه هي الأزمات التي يعاني منها أهل العراق في ظل حكم الدكتور ابراهيم الجعفري، وفي ظل المشاورات الجارية لترتيب البيت العراقي، وبسبب خلفية الأزمات التي أشرنا اليها والتي تصاعدت وتيرتها في فترة حكمه، فإن الاطراف السياسية العراقية غير الشيعية تطالب بجدية أن يسحب الجعفري من الترشيح لمنصب رئيس الوزراء، بسبب دوره السلبي في خلق تلك الازمات المستعصية التي يعاني منها العراقييون بالام ومعاناة أنسانية كبيرة، ولكن يبدو أن الجفعري مصر على ترشيح نفسه بالرغم من وجود معارضة كبيرة له. ومما يزيد من حراجة موقف الجعفري أن بعض الأطراف الشيعية داخل الائتلاف الموحد العراقي أخذت تطالب بتنحيته من الترشيح للمنصب المذكور، اضافة الى بروز اتجاه دولي في عدم ارتياحه لاختياره، خاصة الاطراف الدولية المعنية باستقرار العراق وإستتباب الأمن فيها بسبب بروز الدور الايراني في الحالة العراقية في ظل حكم الجعفري. هذه القراءة السياسية للوضع العراقي، يدفع بنا الى القول استنادا الى الحقائق والوقائع التي ذكرناها بخصوص رئيس الحكومة الحالية وبصدد ترتيب البيت العراقي، أن السيد الدكتور ابراهيم الجعفري وبما له من دور مشرف في المعارضة العراقية، فهو القيادي من حزب الدعوة الذي كافح من أجل اسقاط النظام البائد من سنين وعقود طويلة، وقد عانى الكثير من معارضته لحكم البعث البائد، فإن تقدير هذا النضال والموقف الوطني له يبقى محل تقدير واحترام، ولكن لكي يبقى احترامنا لهذا النضال العراقي الأصيل في محله وفي رفعته متأصلا بالسيد الجعفري، فإننا نأمل منه التراجع لكي نجده قد أضاف الى سجله موقف وطني أخر وذلك من خلال إعلانه الانسحاب من الترشيح للمنصب السيادي رئاسة الحكومة العراقية ليفسح المجال للائتلاف الموحد بإختيار مرشح آخر، ولاخراج العقدة الجعفرية من الازمة العراقية التي أصبحت تطلق كتسمية على الازمة الراهنة، وليسمح لأزمة الحكم العراقية بالإنفراج لترتيب البيت وفق معطيات وطنية لخدمة العراقيين والعمل على إخراجهم من تلك الأزمات القاهرة التي تتعرض لها الامة ولهذا أصبح إنسحاب الجعفري ضرورة عراقية قصوى، وهذا ما نأمل أن يفعله سيادة رئيس الحكومة اليوم قبل الغد من منطلق الحفاظ على المصلحة العليا للعراق الاتحادي البرلماني الجديد.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |