سقط النظام البعثي ---- ثم ماذا!

 محمود الوندي

m-w1948@hotmail.de

إسقاط النظام البعث الصدامي عبرالحرب الأمريكية لم يكن خيار الشعب العراقي ، ولا شك أن الولايات المتحدة لها أجندتها وأهدافها الخاصة التي من أجلها أقدمت على أسقاط النظام الطاغية على الطريق الحرب ، ورغم كل ذلك عقد الأمال الشعب العراقي على تغيرالنظام البعث الفاشي الذي حكم العراق بالحديد والنار أكثر من خمسة وثلاثين عاماً ، لأقامة حكم جديد لينعم المواطن بحقوقه كامل ويتمتع بثرواته التي سلبت منها طيلة حكم البعث، وظهورعراق ديمقراطي فيدرالي الذي أنتظرها مواطن العراقي طويلاً وقدم من أجلها الضحايا تلو الضحايا لخروجه من تلك الحقبة المظلمة .

للأسف الشديد خيبة الأمل الشعب العراقي ، وتلاشت أحلامه في قيام عراقي ديمقراطي جديد في أول اللحظة بعد أن تم هزيمة الجلاد شعبنا صدام حسين وحزبه الفاشي بأيدي القوات الأمريكية ، لأنها لم تتخذ الأجراءات الصارمة ضد المجرمين من البعثيين ما أقترفوا من جرائم بحق شعبنا ، بل أنها أكتفت بتحديد (55) مجرماً من قيادة البعث ، وكأن هولاء فقط هم المجرمون ، وسمحت أيضاً ببعض البعثيين من سراق ثروات وخيرات البلد بمغادرة العراق وبأحوزتهم ملايين الدولارات (هم الذين يمولون الأرهابيين داخل العراق قيامهم بأعمال الأجرامية ليزهقوا أرواح عشرت ومئات المواطنين كل اليوم ) ، وكما أطلقت سراح البعض من أقطاب نظام من ضمن ( 55) ، وما تزال تسعي اليوم لإطلاق سراح الأخرين منهم تباعاً بدلاً أن ينالوا القصاص العادل .

 نعم فرحت الجماهير لم تدم طويلاً رغم سقوط نظام الطاغية وحكمه الدكتاتوري المستبد وحزبه الدموي ، لأن عادت فلول البعث وحثالاته مرة أخرى للظهور بعد أن  تواروا عن الأنظارعند سقوط النظام ، وعندما وجدوا الأمن من قبل القوات الأمريكية وحلفائها أعلنوا حرباً عشوائياً على الشعب العراقي بعد خروج من جحورهم ، ولكن هذه المرة بنغمة جديدة إلاوهي محاربة الأحتلال والمتعاونين معهم من الشيعة العرب والكورد ، وبدأوا ينظمون صفوفهم لتنفيذ الأعمال الأجرامية وعمليات القتل الجماعي لأبناء شعبنا وتدمير البنية التحتية ، وأصبحت حياة المواطنين في قبضة القوى البعثية والمنظمات الأرهابية القادمة من وراء الحدود ، وهذا بالأضافة الى دول الأقليمية الطامعة بثروات العراق والمعادية لمصالح الشعب العراقي قامت بدعم الأرهابيين للأبادة العراقيين وأنهاء الدولة العراقية وتدمير كل مؤسساتها ، وهدف هذه الدول تريد خلخلة النسيج الأجتماعي ونشر الفوضى لتطال كل مفاصل العراق ، وأدخال العراق في دوامة الحرب الأهلية وتفتيت كيانه .

 منذ الإطاحة بصدام حسين الى هذه اللحظة   لم  يشعر الأنسان العراقي  بالأمان والراحة والأستقرار نتيجة وجود الفراغ الأمني وفقدان الخدمات العامة الأنسانية والأجتماعية ، وأزدادت العمليات الأرهابية والعنف الطائفي من قبل البعثيين وحلفائهم الذين منتشرين بين الطوائف، ويجري كل يوم ذبح مبرمج ومخطط ينفذه مرتزقة مأجورين لدى جهات متصارعة على الساحة العراقية ، ومنذ ذلك اليوم ترتكب الجرائم البشعة بحق الأبرياء على الهوية الطائفية ، وتفتك بالجماهير العراقية فتكاً مرعباًً ، وتدفع فاتورة هذا العنف الهمجي الطبقة الفقيرة من مكونات الشعب العراقي بدون تمييز، وللأسف تتماهل الحكومة لأتخاذ الأجراءات القانونية بحق هولاء المجرمين ، لذلك أضطرت عشرات الألوف من العراقيين الهجرة والعيش في البلدان الغربة  خوفاً على حياتهم  بعد أن فقدوا الأمن  والخدمات الحياتية من ماء وكهرباء  داخل العراق .

 بعد سقوط النظام البعثي حيث بلغ الفساد الأدراي والمالي مقياساً لا توازيه مقاييس في ظل حكومة جديدة ، وأنتشار سيادة المعايير الطائفية في تشكيل قوام الهيئات والمؤسسات الحكومية ، وأنتشار المحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة في التوظيف على حساب الكفاءة والمواطنة ، وإضافة الى ذلك حيث نشهد التناحر السياسي القائم على ساحة الوطن  بين السياسين الجدد والمنافسة حول المناصب العليا في الدولة ، ووصل الى حد التضحية بمصلحة الشعب من أجل مصلحتهم الشخصية الضيقة ، وعلماً بعض من هولاء السياسين للأمس القريب كانوا من أعوان السلطة ولم عارضوا السلطة البعث ولم يكونوا معارضاً أصلاً ، لذا نراهم اليوم  يعترضون على أسلوب الحكم من باب المنافسة على السلطة للحصول على أمتيازاتهم مرة ثانية التي فقدوها  ،

 هكذا مرت على العراقيين  كل هذه الظروف الصعبة من الأحداث الدامية خلال ثلاث سنوات ماضية بعد سقوط النظام البعثي ، وهذه الأمورلا تختلف عليها أثنان لأنها أصبحت واضحة للقاصي والداني ، أذن يجب علينا أن نكون صريحين وصادقين مع أنفسنا ونقول الحق، بأن الأحزاب السياسية العراقية تتحمل القسط الأكبر من تلك الأحداث والمعاناة والمصائب الذي يعاني منه الشعب العراقي ، وبسبب تغليب المصالح الشخصية والحزبية والفئوية على المصلحة الوطنية ومن أجل حصول على مكاسب أكثر ،  لأن كل حزب يبكي عن ليلاه  أما ليلى الشعب ففي العراق مريضة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com