|
تَرَجّل فارسُ الحرفِ الجميل نضال نعيسة
ترجل فارس الحرف الجميل عن عرشه الشعري الأصيل، وتوارى بصمت مخيف تماما كما يرحل الرهبان والقديسون في كل الأساطير. انزوى دون أن يخون وطنه، رغم أنه اختار هذا عنواناً لأحد مؤلفاته الغنية والثرية، رحل دون أن يخون أي شخص أو مبدأ من مبادئه التي تربى ونشأ عليها، وذلك، وببساطة شديدة، لأن أمثال الماغوط غير مجبولين على الغدر، ولا يعرفون معنى الخيانة. بل على العكس، لقد ظل وفياً لكل الأشياء التي عرفها، وخبرها حتى لسيجارته التي أضحت صديقته الوحيدة. ولم يعرف الخيانة، رغم أن كثيراً من الأشياء قد خانته في رحلة عمره المديدة. فلقد خانه الأمل بالأوطان التي مافتئت تولد الأحزان في لياليها الشمولية الكئيبة. وخانته الأقدار التي اختطفت من حوله، أعز، وأغلى الأحباب، وخانته الصحة التي استسلمت أخيراً للمرض، وخانته الأحلام الجميلة فلم تأت أبداً من مجاهيل الآفاق المسدودة. |