|
لنبدأ بالقضاء على الفساد الحكومي في العراق... بكلمة يظهر الفساد الحكومي بأوضح ما تكون، عندما يتعلق الأمر بالعاملين في المستويات الوظيفية العليا. فمن جهة، يلاحظ ان هؤلاء يتمتعون عادة بامتيازات متنوعة تنسجم مع واجباتهم الخاصة التي يقومون بها، وهي واجبات ذات علاقة بشؤون الدولة العليا. خاصة وأنه في بعض الأحيان يسود الاعتقاد بأن المصلحة العامة تتحقق على نحو أفضل عندما تبقى الشؤون العامة، الحالية والسابقة بعيدة عن اطلاع الجمهور. كما ان الآثار المتبقية للقداسة القديمة للقوة والسلطة تلعب دوراً مهماً، حيث يُنظر إلى المسؤول الحكومي بأنه ذو مرتبة أعلى من الانسان العادي أو من الشخص الذي يشغل منصباً متواضعاً، بخاصة إذا كان منصب المسؤول الحكومي يمثل احد رموز السيادة الوطنية. وهذان العاملان الرئيسيان يبطلان من وجهة نظر الرأي العام، فعالية الطرق العادية للرقابة على عمل الموظفين العموميين. وثمة عامل ثالث يتمثل في العزلة التقنية للأعمال الحكومية التي تتم في هذا المستوى المتميز، مما يجعلها بمنأى عن الرقابة العامة,بينما تتجه الدول الى عصر الحكومة الالكترونية والذي يعني تخفيف العبئ عن المواطن المسؤول. وباختصار، يمكن القول، أنه كلما ارتفع المنصب الوظيفي للشخص، ضاقت دائرة الأشخاص الذين يستطيعون الاتصال معه بشكل مباشر.لّذا تم اتخاذ عدد من الإجراءات لوضع حد لغياب الرقابة العامة عن فئة الموظفين ذوي المناصب العليا، وتم تطوير بعض الإجراءات والمفاهيم الخاصة بمدى مسؤولية هؤلاء، مقارنة بالمسؤولين في الوظائف ذات الدرجات الأخرى والذين يعملون تحت ظروف مختلفة. وكذلك ، يبدو من غير المحتمل تماماً ان نتوقع وجود حكومة نظيفة ونزيهة في دولة تكون فيها المستويات الوظيفية الدنيا في الجهاز الحكومي فاسدة. كما يبدو ان الرقابة التي يجب ان تفرض على المستويات الوظيفية العليا يتعين ربطها بالرقابة على المستويات الوظيفية الدنيا،ايضا" وقد يفسر ذلك لنا أنه حتى المبادئ و التعاليم الإنسانية التي نادى بها "كونفشيوس"، والذي كان مؤمناً بفكرة الحكومة الجيدة والنزيهة، قد صاحبتها شكاوى مستمرة من قبل المحكومين ضد استغلال "الإدارة", وتلعب منظمات المجتمع المدني, بالاضافة الى الاعلام دوراً كبيراً في الوقت الحالي في متابعة اعمال الحكومة , والكشف عن الفاسدين. آليات الفساد الحكومي: 1-الرشوة وهي ان يتقبل الموظف الحكومي ثمنا مقابل خدمات يقدمها للراشي ,وقد تكون هذه الرشوة مادية كالمال والهدايا او خدمات مقايضة اي ان الراشي يحتل مركزا اداريا يتوقع الموظف الحكومي ان يقدم له خدمة مقابلة . الوزارات والدوائر التي تكثر فيها الرشوة وكيفية حصول ذلك: 1-وزارة الداخلية وهي من اخطر الوزارات ومن اهمها ومن اكثر الوزارات التي يوجد فيها دوائر تنفيذية يمكن ان تستقبل الرشاوي والافلات من المحاسبة او المتابعة او الرقابة .ومن امثلة ذلك مراكز الشرطة والسجون ودوريات النجدة ونقاط التفتيش وشرطة المرور حيث ان ما يحصل هو امكانية استغلال القوانين في صالح الشرطة واعطي مثالا لذلك: يمكن ان يستوقف شرطي فاسد احد السائقين ويطلب مستندات المركبة واجازة القيادة ويمكن ان يشكك في سلامة اوراق السائق ويقول له بان هذه الاوراق مزيفة مما يعني امكانية تعطيل عمل السائق والذي يعلم مغبة الدخول في نقاش مع الشرطي الذي له الحق في تحويل القضية الى الجهات الرسمية التي ستستغرق وقتا طويلا يمكن تلافيه بدفع مبلغ الى الشرطي الفاسد والذي يمكن ان يتغاضى عن هذا التجاوز. 2-وزارة المالية تحصل عادة التجاوزات في وزارة المالية من خلال التهرب الضريبي ويمكن لاي مواطن عليه التزامات ضريبية التفاوض عن طريق وسطاء مع المخمنين الذين لهم الحق في شطب او اضافة رسوم يمكن ان تخفف عن كاهل المواطن جزءا من الضريبة المفترض تسليمها للحكومة . ان الموظفين في دوائر الضرائب يمتلكون من الخبرات الطويلة التي تسمح لهم باستغلال القوانين الضريبية والتي هي مبهمة امام المواطن الذي يستحلي دفع مبلغ اقل مما هو مقرر عليه ولا توجد آلية واضحة في دائرة الضرائب تحدد الضريبة بشكل حاد وانما تخضع كما قلنا لوجهة نظر المخمن ومدير الدائرة. التكملة في الحلقة القادمة
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |