|
الإئتـلاف أمانـة التـأريـخ عباس الإمامي التحول من حالة المعارضة لحكم إستبدادي شوفيني الى حالة السيطرة الى مقاليد الحكم والسلطة عملية صعبة للغاية، ولا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن رجالات معارضة الأمس حكام اليوم لم يمارسوا السلطة والحكم الحقيقيين من قبل، ولم يعيشوا حالة الديبلوماسية الحكومية، ولم يحملوا في حياتهم تجربة التعامل مع الحكومات ورؤساء الدول، ولم يشتركوا في عقد صفقات تجارية لصالح بلدهم مع الحكومات والشركات التجارية العالمية العملاقة في المجالات الاقتصادية الكبيرة في مختلف نواحيها الصناعية والتجارية والخدمية والزراعية ومجالات منظومة الأمن والدفاع عن الوطن والمواطنين. نعم زمن المعارضة قياسا الى المسؤوليات التي يتحملها صاحب السلطة أسهل وأيسر بكثير عما يكون الانسان على راس الحكم والسلطة، لعدم وجود إلتزامات سلطوية وحكومية تجاه الشعب أيام المعارضة، لأن المعارض السياسي كل همّـه هو التخطيط والسعي لاسقاط الحكم الفاسد وإقامة بديل له حكما صالحا يسعى من خلاله الى تنمية وطنه وبنائه بشكل يليق بسمعته، وخدمة أبناء أمته وشعبه بصورة عادلة في مجالات الحياة المختلفة. وفي موضوعنا هذا الذي يخص قائمة الإئتلاف العراقي الموحد أن كل رجالاتها لم يكونوا رجال دولة أو خدموا في المجال الحكومي في مقام قيادي في حكومة عراقية سابقة لأنه كان ممنوعا عليهم ممارسة العمل السياسي طبق آلية معينة بنيت عليها أسس الدولة العراقية حين تشكيلها في العشرينات من القرن الماضي لتركيبتهم السكانية المعينة، وان أعضاء قائمة الإئتلاف خرجوا من رحم المعارضة السياسية للنظام الشوفيني الفردي الذي قمع الشعب طيلة 35 عاما وأهدر إقتصاد البلد وسلّمه بيد الاحتلال على طبق من ذهب، فلم تكن لأعضاء قائمة الإئتلاف تجربة حكم سابقة ليستفيدوا من تلك التجارب في ادارة البلاد وليتجاوزا عن الأخطاء التي وقعوا فيها ويزيدوا من إيجابياتهم، ومع كل هذه السلبيات لقد إنتخبتهم أكثرية الشعب العراقي متحدّين الارهاب الذي كانوا يواجهونه، فها هي قائمة الإئتلاف تعد الأكثر مقاعدا في البرلمان العراقي وللمرة الثانية من خلال عمليتي الانتخاب التي إشترك فيهما الشعب العراقي، وحملت هاتان العمليتان الانتخابيتان مضامين ومعاني كثيرة لم يتوقعها البعض حتى من داخل الشعب العراقي وأدت ما أدت الى قتل عشرات الآلاف من هؤلاء الناخبين لقائمة الإئتلاف لإنتمائهم اليها ولما تحمل من أمل. فان الأكثرية من ابناء الشعب العراقي لم تسحب ثقتها لحد الآن من هذه القائمة مع مرور أربعة اشهر من انتهاء عملية الانتخاب، ولم يخرج الملايين من الناخبين في الشوارع بمظاهرات صاخبة ينادون بتجديد الانتخاب لينتخبوا غيرهم من بني جلدتهم، ويأملون فيمن إنتخبوهم تحقيق جزء من آمالهم من خلال الحكومة التي ستتشكل لأربعة سنين قادمة، ويحلم هذا الشعب المسكين رفع جزء من ظلامات الماضي والمحرومية الكاملة التي عاشوا فيها تحت سيف الجلادين والظالمين بكل ما تحمل المظلومية والمحرومية من معان. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وبجدارة: الى متى تبقى هذه الأكثرية التي أعطت أصواتها لهؤلاء المرشحين، وهذه الأكثرية تنظر بأم عينيها الى الصراعات القائمة بين أعضاء الإئتلاف، ولم يتوقع الشعب العراقي يوما أن تنقل المعارضة ولا سيما أعضاء قائمة الإئتلاف صراعاتها السياسية في زمن المعارضة الى جسد السلطة في داخل العراق بعد سقوط النظام البائد. فليعلم كل أعضاء قائمة الإئتلاف إنّ عزتهم وشموخهم ووطنيتهم الحقيقية والتزامهم بالاسلام الذي يؤمنون به ويعتقدون بمبادئه ويلتزمون أحكامه ـ ألا وهو التمسك بحبل الله المتين ونبوة محمد(ص) وولاية أهل بيته الكرام الطاهرين ولما يتحملون من مسؤولية عظمى أمام الهدف السامي الملقى على عاتقهم ـ في وحدتهم ووحدة كلمتهم، وإن المتربصين بهم يخططون ليل نهار في تمزيق هذه الوحدة وتفريق صوتها الصاطع وجعل كلمتها هي السفلى. وان أي قرار تتخذها قائمة الإئتلاف (سواء بالاجماع أو بأية آلية أخرى قد تم التوافق عليها من قبل أعضائها جميعا) يجب الوقوف عليه بشدة وحزم، وان التراجع عن اي قرار تم اتخاذه يكسر شوكتهم ويخيّب آمال الملايين من ناخبيهم فيهم. ويأخذ العجب كل العجب الانسان حينما يسمع عضوا واحدا يصرّح بخلاف ما اتفقت عليه قائمته مع وجود لجنة سياسية مخوّلة باسم القائمة للتحدث باسمها. وان نصيحتنا لقائمة الإئتلاف كمراقبين : إنّ قوتكم في وحدة كلمتكم، ونسيان زمن المعارضة وسلبياته ومناخاته الغير الملائمة، وأن العراق واسع يسعكم ويسع غيركم من الفرقاء السياسيين، فما عليكم إلاّ الجد والنشاط والتفاني في سبيل تقديم أفضل الخدمات لشعبكم الذي بحاجة الى كثير منها وفي مقدمتها الأمن والخدمات الضرورية لحياة تحفظ كرامة المواطن. لو فرضنا بالمحال جدلا: لو تكاتفت كل الكتل السياسية الموجودة في الساحة السياسية وفي موقع القرار والدولة وبلا اي نزاع وخلاف بينهم جميعا لن يتمكنوا من بناء وإعمار العراق حتى عشرين عاما القادمة بناءا حقيقيا واعمارا كاملا بما تقتضيه عالم القرن الواحد والعشرين، لما حصل فيه من دمار وخراب بكل نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية ...الخ، اليوم أكثر المسؤوليات تقع على عاتق قائمة الإئتلاف لأنها القائمة الأكبر في مجلس النواب، وأكبر مسؤولية على عاتقهم الآن أمام الله تعالى وأمام الشعب العراقي عموما وأمام الملايين من ناخبيهم بالخصوص وأمام التأريخ: وحدة كلمتهم ورص صفوفهم كالبنيان المرصوص ، وعدم إفساح المجال لكل من هبّ ودبّ التصريح بما تشتهي به نفسه ويلائم ذوق جنابه الكريم، وإلاّ فان محاسبة الأمة والتأريخ لهم شديد وإن حساب اللـــه تعالى اشد وأعظم، والسؤال الأخير: هل تتمكن قائمة الإئتلاف من تحمل الأمانة؟
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |