|
ديمقراطية الذئاب
قاسم محمد الكفائي / كاتب عراقي – كندا كنتُ قد سمَّيتُ مقالي هذا بأسم ( الديمضراطية ) ، لكن الذي دفعني الى الوراء لأتراجع عن هذه التسمية التي هي حقا بمثابة البلسم على الجرح هو مراعاتي لمزاج فلاسفتنا المنتشرين في أصقاع الأرض والذين لا يحبون سَماع مثل هذه المصطلحات التزاما بضوابط الصحافة ، وخوفا على تجريح الآخرين . وعندما نسأل هذا الفيلسوف الأبله : بأي مصطلح نستطيع أن ننعت صدام ، وعلى حسن المجيد ، وطاقمهما من ( طارق الهاشمي وانت حاط ايدك ؟ ) ننعتهما بالحرير والأستبرق ، أم بكلمة الظالم والجلاد ؟ عبارات لا تكفي ولا تداوي الجرح العميق مالم أضع ( صَبْحَه) وأخواتِها في مشرحتي ( واشتغل بيهه على راحتي ) . وكفانا فلسفة ، ( وضرب باطاناش ) . فليس الفلسفة سوى لون من الوان ( الضريطي ) في حالات ترى فيها صدام وبرزان والجزراوي والبندر يتمشدقون في قفص الأتهام ، ويسبون القاضي ، ويلعنون الشهداء ، ويسخرون من المحكمة ويلقون فيها خطبهم السياسية ، أو يبيعون فلسفة وعنتريات . العراقيون لم يروا النور لقرون َخلتْ ، وأشدُّ مراحل الظلم التي عاشوها هي مرحلة صدام والبعث ولما تجمعت الأسباب الموضوعية ، الداخلية منها والخارجية تغيرت هذه المرحلة من حالة الأنغلاق والتسلط والأستبداد الى حالة الدعوى الى الأنفتاح والشورى والديمقراطية . السبيل الأكثر أمانا للوصول الى هذه المواقع هو الأنتخابات ثم الأستفتاء وهذا ما دعت اليه المرجعية الشيعية قبل كل القوى التي تعمل على الساحة العراقية ، وأكدت عليه وتابعته بحرص وشمولية في فهم ما يجري ويتحرك . هذه الدعوة أفزعت أعداءَ العراق ، الدوليين منهم والأقليميين والمحليين ، فما كانت بالحسبان سوى أن تكون الدعوة الى الديمقراطية على أساس التوافق وليس الأنتخاب ، والتراضي وليس الأستفتاء . هذه هي الديمقراطية المقلوبة التي كانت تضمرها الدوائر الأنجليزية لوطننا لتظل حالة الصراع قائمة حتى تتوقف حركة الأنسان على الأرض ، وتتوقف حركة التأريخ . أمريكا وبريطانيا كانتا بالمرصاد لدور المرجعية في تحريك الشارع العراقي ، ودورِها في بناء الدولة والحكومة الجديدة وقد أزعجَهُما هذا الدور وعطل مشروعَهما الخبيث في العراق والمنطقة ، فبادرا الى تحجيمِه بدفع عجلة الأرهاب المستشري في العراق ، وتأجيج حالة الطائفية . بهذا الأسلوب الشرير يكون جسمُ العراق قد تقطعَت أوصالهُ ويصبح منهوكَ القوى وبالتالي الرضوخ الى ما يملونه هم علينا بحجة أننا غير قادرين على تحمل مسؤولية بناء الدولة والحكومة . كلابُهم داخل العراق كثيرة إما من الوهابيين أو البعثيين وهؤلاء يبحثون عن ( سبّاحه ) حتى يتعلقون بها فتنجيهم من هول الغرق الذي هم فيه . وكلما ضعفوا في مواجهة الديمقراطية العادلة كلما صّعدوا من حملاتِهم الأرهابية بأسم المقاومة الوطنية والجهاد ، وبهذا تكون الخسائر في صفوف المدنيين العراقيين بالأرواح فقط الفين ، وفي صفوف ( الهوم لاس ) الأمريكيين أثنين أو ثلاثة . يتبع هذا الأرهاب ضغوطات كبيرة من شأنها تعطيل حركة تشكيل الحكومة تقوم بها ( شلّه من السرسريه ) تطالب بعمل التوافق أو المصالحة وغيرها من الأساليب القذرة كقذارة إرهابهم ونفوسهم وعقولهم . آخر مطالبهم تجعل من الديمقراطية شيئا أعوجا وفضا ومهزلة عندما يصرون على الغاء ترشيح السيد أبراهيم الجعفري لمنصب رئيس الوزراء . وكأن الجعفري قد تم ترشيحة من قبل عصابة بعثية ( تلبس بناطيل الكاو بوي وبيدها مسدسات أبو الطوبه ) ، تسللت آخر الليل بدبابة ، واستولت على القصر الجمهوري ، واعلنت انقلابها ببيان رقم ( 1 ) . هم هكذا يريدونه ليعلنوا ولائهم له ، ويريدونه أعوج اللسان ، ماكرا ، وبطلا للتحرير القومي ، وفارسا للأمة العربية ، وشقيا ينحدر من سلالة خبيثة بدأت بمعاوية وانتهت بخلف نجس . السيد الجعفري الذي تربى على الأسلام خلقا وفكرا ومنهجا في رواق ابي شهداء هذا العصر السيد محمد باقر الصدر – قدست روحُه الزكية – يزعج هؤلاء العصابة نسبُه الذي ينحدر من المصطفى الأمين – ص - ، ويزعجهم ولاءُ الناس له على أساس المصلحة الوطنية العليا وليس الضرورة التأريخية أو أنه بن القعقاع . أمريكا تأجج الصراع الطائفي وتزيد من وتيرة الأرهاب مستغلة حقد ودناءة هذه الشرذمة القذرة . فلولا رعايتها لها لما تفوَّه بعثيُ ولا وهابي ليعترض على ترشيح الشعب العراقي لفخامة السيد الجعفري لمنصب رئاسة الوزراء عبر برلمان مُنتخَب . الجعفري وفي أكثر من مناسبة كرَّرَ موقفَهُ كمسؤول عراقي يتعهد بانتهاج مبدأ الديمقراطية في الحكم بأن ليس هناك من يستحوذ على السلطة في عهد العراق الجديد . هذا هو الحقُ ، وهو عينُ الصواب ، وهو يبعدنا عن الفوضى والركود والأستبداد . كذلك الشعب العراقي لا يريد ولا يلتزم من يتحرك بروح الأستحواذ ، وأن رغبتنا كعراقيين على إبقاء السيد الجعفري كرئيس للوزراء تأتي ضمن سياق المصلحة الوطنية العليا وليس تحزبا للآخرين أو تبعية وميول . نأمل من جميع الأطراف وبالخصوص رئيس جمهوريتنا الذي نعتز به روحا وقولا الأستاذ جلال الطالباني أن تمضي المسيرة الديمقراطية على نهجها السليم بعيدا عن التشنجات والأستفزازات والرغبات والأتجاهات التي لا تصب نتائجهُا في خدمةِ الوطن وأبنائِه جميعا . نريد من المعنيين أن يجدوا مَخرجا نزيها وعادلا لخروج العراق من أزمتِه بالأسراع في تشكيل الحكومةالتي إعتمدها الشعبُ العراقي باختياره حتى نبني عراقا ديمقراطيا كما يريده الشعب لا عراقا ديمضراطيا كما تريده عصاباتُ صدام وآل سعود الأرهابيين وَهلُمَّ جَرَّى .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |