|
مبارك والولاء السيّد الدكتور عبدالكريم الحسني الحجازي / عن الأمين العام للحزب المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الأخضر ومنظماته ... قبل أيام نشرنا موضوعاً حول رسالة السيد جون كيري رئيس الحزب الديمقراطي ( السناتور الأمريكي ) والتي كانت موجهة الى الأمين العام للحزب الديمقراطي الأخضر ... ومفادها بأنهُ يجب علينا نحنُ ( الشعب العراقي والقوى السياسية والغير سياسية ) ومع الشعب الأمريكي جميعاً لكي نضغط على مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن خروج القوات الأمريكية من العراق بأسرع وقت ممكن ... الحقيقة هو ليس هذا الموضوع الذي نريد أن نتكلم عنهُ ، ولكن كان أيضاً في فحوى الرسالة أيضاً من أنهُ سوف: " يتهم جورج بوش وحزب اليمين الجمهوري هناك من أن جون كيري وحزبه الديمقراطي ليسوا محبين لوطنهم ولا يوجد لهم ولاء الى وطنهم أمريكا " وهذا ما حدث في أمريكا بين الأحزاب السياسية من نفس البلد ... والآن قد تكررت المسألة ولكن في بقعة أخرى من العالم وبين دولتين مختلفتين وهي العراق ومصر ... لقد صرح الرئيس الدكتاتور المصري حسني مبارك أنهُ: " الشيعة في مختلف أنحاء العالم العربي يدينون بالولاء لإيران أكثر من الدول التي يعيشون فيها .. " ... إن تلك التصريحات لم تأتي عبثاً أو وَليدت يومها وإنما جاءت بصبر وتوقيت زمني واعي جداً ، وإذا ما تمعنا في تفسير تلك التصريحات سوف لا ينتهي الحديث عنها ولا بمئة مقال ذو مئة صفحة ، ولكن للأيجاز السريع ، إن حسني مبارك يجد نفسهُ في مأزقٌ لا يُحسد عليه وخاصةً في الآونة الأخيرة من خلال الأنتخابات الكاذبة والشكلية الأخيرة ، ومن خلال الضغوط الخارجية والأقتصادية الأخرى ... إن تصريحات الرئيس المصري جاءت لأسباب عديدة ومنها : 1) إن الكثير منا لا يعلم من أنهُ إستلم الرئيس المصري تهديدات من داخل وخارج مصر توعدهُ بالموت قتلاً ، وتلك التهديدات جاءت من قِبًل جماعة السلفية الذين هُم وراء معظم الأرهاب في العراق ، والذين يؤلفون النسبة الكبرى في مصر ، والذين يعتقدون من أن حسني مبارك قد أخذ منهم زمام الحكم وللمرة الثانية خلال زمن الأنتخابات المصرية، ولكي يهدء الوضع الداخلي المصري ولكي يُرضي الأطراف السلفية هناك بات يُصرح عن أحب شيء يكرهونهُ السلفية في أنفسهم وهو (( الشيعة والتشيُّع )) ، وبذلك أو يتصور بذلك العمل سوف يأمن جانبهُ من قِبل السلفية المصرية ... توجد هناك فتوى قد أصدرها أئمة السلفية وهي أغتيال الرئيس المصري ، ولهذا يريد الرئيس المصري من أن يلعب لُعبتهُ المصرية ( على الحبلين ) لكي يهدء تلك الأطراف... ولا تتعجبوا إذا رأيتم في يومٍ من الأيام من أن حسني مبارك قد أطلق لحيتهُ وأصبح يستعمل الدروشه على الطريقة السلفية أيضاً... ومن جانبٍ آخر يريد بذلك أن يجلب الى جانبهِ المجموعة الدينية الأقوى في مصر على أساس أن الأنتخابات القادمة والأخيرة( إنشاء الله ) لحسني مبارك سوف لا يستطيع من أن يكذب ويزور ويختلس لكي يربح بأصوات الأنتخابات ، لأن اللعبة إنكشفت والسلام ، ولكن ومع ذلك ولو محاولة أخيرة لكي على الأقل يتمنى أن يموت موتةً طبيعية ولكن كرئيس دولة. 2) إن التغيير الذي حصل في العراق بعد سقوط الصنم وزوال البعث المجرم من زمام الحكم وقدوم العراق على المسير في طريق الديمقراطية وإعطاء حقوق الأنسان العراقي كاملةً ، تلك التجربة التي تحدث ولأول مرة في تأريخ الشرق الأوسط ، هو بحد ذاته خطرٌ على كل الرئساء العرب الدكتاتوريون وليس فقط على الرئيس المصري وحدهُ، ولكن هنا تختلف المسألة وهي أنهُ الجميع يعرف إن الأنسان المصري وصلت حالتهُ الى تحت الفقر ب 90 % ، وهي حالةٌ لا يُحسد عليها أحد ولا نتمناها لأحد أبداً ، وكان المفروض وحسب إعتقادات الحكومة المصرية من أنهُ سوف يستنجد العراق بالعمال المصريين وسوف تنزل العقود والشركات الصناعية على مصر كالمطر ، وسوف يمتلئ الشارع العراقي بالبضائع المصرية ، وهذا بدورهِ يعطي جانباً أقتصاديا كبيراً للحكومة المصرية ، وهذا بطبيعة الحال تعودوا وتعلموا عليه أخواننا المصريين حيثُ أن النظام العراقي البائد كان يُعطش ويُجوِّع ويسجن ويقتل الأنسان العراقي ، وفي نفس الوقت كان يستورد العمال من مصر مثلاً ... الجميع يَعلم وهو كيف أن النظام المصري كان يُرسل الى العراق المواطنين المصريين مع أن الحكومة المصرية لها علم بذلك من أن النظام البائد الهدامي المجرم في العراق كان يَقضي ويسجن معظم المصريين العمال في العراق ، ومع ذلك كانت الحكومة المصرية تبعث بالمصريين الى العراق ليس للعمل وإنما للهلاك أيضاً، تلك هي طريقة تعامل الرئيس المصري وللأسف الشديد لأنهُ لا حقوق للأنسان المصري هناك ولا العربي فكيف على العراق سوف يقف على قدمية ويصدر الديمقراطية والحرية الخطرة من هناك( هذا طبعاً حسب حسدهم وإعتقادهم ) ... ولهذا وعندما لا يستفاد من الوضع الذي حدث في العراق أخذ يؤجج الأوضاع أكثر فأكثر. 3) الجميع بات يعلم من أين يأتي الأرهابيون ، وهم إما وهابية أو سلفية دخلت أوكار حزب البعث البائد لكي تستفاد من تمويل فكرها الأسود ، وباتت أصابع الأتهام شيئاً فشيئاً تذهب ليس فقط الى فلسطين وسوريا وإنما الى مصر أيضاً ، ( لقد بيّنا في موضوعٍ سابق حول الأرهاب وكيف جاء المذهب السلفي والوهابي الى العراق ومن أين ومن الذي مهد الطريق لهُ مِن قِبَل نظام البعث البائد في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن المنصرم ) ... ولكي يُلفت نظر الرأي العام العالمي الى جهةٍ أخرى بعيدةً عن الوضع المأساوي الذي تعيشهُ مصر الآن ، بات يُصرح بتلك الطريقة الهزيلة ، ولكي يعطي الضوء الأخضر الى هؤلاء التكفيريين من أن الشيعة إذا كانوا لا يملكون الولاء لبلدهم فمن السهولة نستطيع القضاء عليهم ، وهذهِ فتوى مُلغمة لكي يسمح بسفك دماء الأبرياء من أبناء شعبنا الجريح ، ناسيك بذلك إن للشيعة حضارةٌ وتراثٌ أسلاميٌ أنسانيٌ عريق جداً . 4) الجميع يعرف ماذا كان موقف الجامعة العربية وعمرو موسى من القضية العراقية ولحد يومنا هذا ، وكيف أنهم حتى لم يرغبوا بمساندة الحكومة الجديدة ومازالوا كذلك ، لأنهُ هدام العوجة كان يسرق اللقمة من أفواه العراقيين الشرفاء ويُعطيها الى الحكومة المصرية أو الأردنية أو الفلسطينية ، وكانت تلك الحكومات بدورها لا توزعهُ على شعوبها وإنما تأخذهُ لنفسها وحاشيتها فقط ... حتى في زيارة عمر موسى من قبل الجامعة العربية كانوا يُحاولون أن يقوموا بزيارةٍ الى رئيس البعث الهدامي المخلوع في زنزانتهِ لو لا الشرفاء الأقوياء من الحكومة العراقية المنتخبة رفضة رفضاً قاطعاً ذلك الأمر ، ولحد الآن ينظرون للعراق وللعراقيين بنظرة الحسد والأحتقار ، لماذا ؟ لأنهُ معظم الشعب العراقي من الشيعة ، تلك الطائفية الجاهلية المقيتة التي ما زالت تجري في عروق معظم القواد العرب ومع الأسف الشديد .. . 5) مَن كان موجوداً على الساحة العراقية يعلم جيداً إن الشيعة يرفضون وجود الأحتلال ويرفضون رفضاً شديد وجود القواعد الأمريكية أو الأجنبية ، نحنُ لاننكر فضل تلك القوات متعددة الجنسيات بتحرير العراق من الدكتاتور المجرم ولكن ليس على حساب الشعب العراقي والى ما لا نهاية ، وهذا الأمر بحد ذاته غضبَ منهُ الأمريكان ظناً منهم أنهم سوف يستوطنون العراق عشرات أو مئات السنين ، ومحاولةً من الرئيس المصري لكي يُلفت أنظار الأمريكان الى مصر ويستجدي عطفهم عليه أخذ يُصرح ضد الشيعة في العالم عامةً والعراق خاصةً وبذلك تكون الحكومة المصرية الخادم والمتحالف الوحيد للأمريكان في الوطن العربي . 6) إن العلاقة بين أيران ومصر ليس بجيدة ، ومسألة المفاعل النووي الأيراني على قدمٍ وساق ، ولهذا فقد تكون تلك التصريحات أحدى الأتهامات الأخرى ضد أيران على أساس أن الأخيرة تتدخل في شؤون العراق الداخلية ، وبهذا أيضاً يُرضي أمريكا وللمرة الثانية . 7) تأتي تلك التصريحات أيضاً بسبب الخوف الناجم من قبل أخواننا السلفية والوهابية ، وهو تزايد وكثرة أعداد الشيعة ليس في العراق والعالم العربي فحسب بل وفي معظم أنحاء العالم ، وهذا بحد ذاتهِ خوفٌ من أن مصالحهم ومراكزهم الشخصية باتت في خطر . الرجاء دعونا الآن نُناقش وبأختصار شديد تلك المسألة وهي لماذا الشيعة في العالم العربي والعالم كَكُل يدينون بالولاء لإيران وهل هذا صحيح ؟ ... الجميع يعرف إن الدين أو المذهب لا يعرف عربي أوأعجمي ، ولا أبيض أو أسود فالكل سواسيه وبمستوى الأنسانية الدينية المذهبية الواحدة ... وأنا متأكد لو كانت في سوريا حكم غير حزب البعث السوري فلسوف نرى من أن قبلة الشيعة في العراق تتجه نحو سوريا مثلاً ، لأنهُ الجميع يعلم إن سوريا في وقت النظام الهدامي البائد كانت تحتضن العراقيين من المعارضة العراقية أيضاً الى حد 10 بالمئة من المواطنين الذين هاجرو أو هُجروا من موطنهم العراق في زمن هدام العوجة البائد ، ولكن أيران قد أحتوت وأحتضنة أكثر من 80 % من المواطنين العراقيين الذين هُجروا أو هاجروا إليها ، وثالثاً الحرب العراقية الأيرانية والأسرى العراقيين الذين كانوا في أيران أدى الى تزايد العدد والذي أدى الى التعامل الطيب من قِبل الحكومة الأيرانية للأسرى العراقيين وعدم إنزال عقوبة الأعدام بهم مثلما كان يفعل النظام البعثي البائد في العراق ضد الأسرى الأيرانيين ، وهذا قد حدث أيضاً بأسرى الكويتيين الذين لقوا نفس مصير الأسرى الأيرانيين وهو الموت ... كل ذلك أدى طبعاً أنهُ خوف العراقيين ولحد تلك اللحظة من الأحزاب أصلاً بسبب ما لقوه في حياتهم من تجارب مريرة وخاصةً حزب البعث البائد الذي أرجع العراق الى 3500 سنة أي الى العصر الحجري تقريباً ، ولهذا أخذ العراقييون يتذمرون ويخافون من أسم حزب البعث المجرم خاصةً والأحزاب الأخرى عامةً، وبغض النظر إن كان الحزب سورياً أم عراقياً لأن مؤسسهُ واحد ، أضف الى ذلك أن في أيران حوالي 98 % من الشعب الأيراني يعتنقون المذهب الشيعي( أي حوالي 80 مليون مسلم شيعي ) وَيُوالون لأهل البيت ... هذا كلهُ أدى الى تآخي أو محبة أو تعاضد أو تعاون طبيعي بين الشعبين الأيراني والعراقي وما تربطهم من آثار وعتبات مقدسة في كلى الجانبين ، مع أنهُ الشعب العراقي هو الذي أسس وصدر ذلك المذهب الشيعي لأهل البيت الى أيران والى كل الدول المجاورة في العالم ... ولكن هذا ليس ولاء الى حكومة أيران ، أو ولاءً الى حكومة أيران أكثر من ولائهم الى دولهم الأم التي يعيشون فيها ... المشكلة يا أخوان ومع الأسف الشديد نرى حُكاماً مخضرمين في الدول العربية ولكن يفتقدون الى روح الأخاء والى روح التعلم والثقافة والى روح الأستفادة من حياتهم القصيرة كأي أنسان آخر ... إن الجهل ومع الأسف الشديد مُتفشي بين هؤلاء الزعماء الذين لم يستفيدوا من فترة زعامتهم بشيء من العلم والمعرفة ... نحنُ نرى مثلاً أن معظم الذين يعيشون حول ضريح ومنطقة السيّدة زينب (ع) في مصر معظمهم يحبون ويرغبون بالذهاب الى زيارة أيران ( مشهد وقُم ) والعراق ( كربلاء والكاظمية والنجف ) وسوريا ( دمشق ) والعكس هو الصحيح بما يخص البلدان الأخرى أي بين مصر وسوريا وأيران والعراق ... تلك المحبة والتعاون والأخاء الروحي والمذهبي هو الذي يُوحد صفوفهم ... وهذا لا يُسمى ولاءً الى حكوماتهم وإنما محبةٌ وأخاءٌ بين شعوب تلك المنطقة ... إن الذي يكشف النقاب هُنا هو يا تُرى الى أي حد من الحدود وصلة تلك النعرات المذهبية والتفرقة الطائفية ، تلك نراها ومع الأسف الشديد بين قادة العرب والمسلمين ، آخرهم كان الملك عبدالله من الأردن حين صرح بشئ مماثل ... أنا أقترح مستقبلياً مثلاً أن أي رئيس عربي يجب أن تتوفر فيه الثقافة والمعرفة والروحية الديمقراطية العالية أو على الأقل أدخالهم دراسات أو دورات خاصة تثقيفية ، بدلاً من هذا التهوّر في هذهِ أو تلك التصريحات ، وإن دلّت على شيء فإنما تَدُلُ على مدى العمق الهمجي والغير ثقافي الجاهلي الذي يتسلح بهِ هؤلاء القادة وللأسف الشديد ... اللهم أحفظ العراق وأهل العراق والعالم أجمعين ... والسلام عليكم أخواتي وأخوتي الأحرار في كل مكان ...
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |