|
دولة الاحزاب .. القسم الاول - الصراع بين الاحزاب والدولة قبل 9 ابريل
ضرغام الشلاه تاريخ 9-4-2003 يعد فيصلا في التحول الديمقراطي في العراق. من خلال تكريس مفهوم المواطنة وتعزيز دور المجتمع المدني واطلاق الحريات والتعدديات السياسية والفكرية في ظل مؤسسات دولة بناءا على دستور دائم تديرها سلطة منتخبة. اما الاخر فانه يسعى الى تشجيع ثقافة الاختلاف وحرية الراي والتعبير بالاضافة الى حرية تشكيل الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وتفعيل دورها . تلك العملية بمجملها تعني العملية السياسية. التي تؤدي الى الوصول الى صناديق الاقتراع بغية تحقيق تداول سلمي للسلطة. التي تحلق بجناحين ناخب حر في الاختيار ومرشح مسؤول عن برنامجه. هكذا يفترض ان يعاد تاهيل وبناء الديمقراطية اما ماحدث على ارض الواقع فانه خلاف بين الدولة والاحزاب اي بين العملية السياسية والدستور. لماذا? في ظل الامبراطورية العثمانية العلاقة السائدة بين المجتمع العراقي والخليفة اوالسلطان ان الدولة العثمانية مركبة من عقدتيين , طائفية الخلافة الاسلامية وعنصرية القومية التركية. لِمَ لمْ يكن الرادع المعنوي وحده سببا في ضعف ادراك المجتمع العراقي لفكرة الدولة والحذر منها بل ان تعارض المصالح السياسية والايدولوجية بين نخبة الدولة الليبرالية والمعارضة الشيوعية جعل من الدولة ساحة للصراع فالاخير استغل شعور تنامي العداء لمؤسسة الدولة كشعور جماهيري للحرب على الليبرالية من خلال الثورة والانقلاب على الدولة الا ان حقيقة الصراع يعود الى عدم سماح مراكز الفطرة في المجتمع العراقي.( القومية العروبية,الاسلام السياسي ) بوجود مؤسسة دولة عراقية. ما ان سقطت الدولة العراقية عام 1958 راحت الاحزاب القومية والاسلامية تنشط في الاستيلاء على مؤسسة الدولة بالاخص الاحزاب القومية العروبية ممثلة في حزب البعث اما الاحزاب الاسلامية فانها بقت تحتفظ في انتهازية الدولة الحرام من اجل المرجعية او الدولة الحلال طالما تحقق نزعة طائفية الخلافة الاسلامية. من هذا المنطلق ظهرت الشرعية الثورية في استلام السلطة واصدارالدساتيرالمؤدجلة في عروبة العراق ودور الشريعة الاسلامية في التشريع. بالاضافة الى ما تقدم فان ما عاصر نشوء الدولة العراقية الحديثة من ظروف ومصالح دولية واقليمية واكتشاف الثروة النفطية ساهم في نشوء دولة مصطنعة ديمغرافيا وجغرافيا. هذا بدوره افقد سكان اقليم العراق حق تقرير المصير في التعايش السلمي تحت مظلة الدولة العراقية ذلك من شانه اضعف من هيبتها.
تحزب الفطرة وغياب مجتمع مدني أن بذور العمل الحزبي نشأة في ارضية مجتمع يتشدد في التمسك بالتقاليد العشائرية او الروابط الدينية الموروثة غابت او تهمشت فيه عوامل بناء المجتمع المدني فأنتقلت تقاليد المجتمع وعاداته الى العمل الحزبي طالما من يمارسه ليس مجتمع مدني وانما مجتمع فطري لم يبلغ سياسيا. إذ اصبح الانتماء الحزبي بمثابة تعصب قبلي والعمل الحزبي تقليد قبلي ورئيس الحزب بمثابة شيخ القبيلة وهذا بدوره افقد الاحزاب التقاليد الديمقراطية في نظامها الداخلي. بمعنى أخر انطبع الواقع الاجتماعي على الواقع السياسي فأصبح المجتمع العراقي مجتمع متحزب باحزاب الفطرةوالعقائداوالانتماءات الشخصية غير مدني. يمكن القول أن الواقع السياسي في العراق يتركب من مجموعة من الاحزاب او التيارات الحزبية (قبائل سياسية) تمارس عملاً سياسياً (تقليد قبلي) بتعصب حزبي على حساب المصلحة العامة ومؤسسة الدولة والدستور. إذ اصبح عمل تلك الاحزاب (القبائل السياسية) هو البحث عن وسائل قوة لتحقيق مصالحها الخاصة ومنها القوة العسكرية (الجيش) للاستيلاء (غزوة سياسية) على مؤسسة الدولة وتكريسها لصالح الحزب. خلاصة ما افرزت مرحلة ما قبل 9 ابريل صراع بين الدولة والاحزاب ادى الى انهيار الدولة وتحزبها وعسكرتها ومن ثم شخصنتها في عهد النظام السابق فما بقى سوى صراع من اجل السلطة.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |