حَرْبٌ ضدّ الأشباح المخفيّة

 

نضال نعيسة
sami3x2000@yahoo.com

أثارت تفاعلات البيان الإرهابي المزعوم لحامي حمى الإسلام المجاهد الهمام أبو ذر المقديشي، نصره الله، وهو اسم خلبي وسرابي، كاذب، ولا وجود له، على أية حال، مسألة مألوفة، لكنها في غاية الأهمية، واتسمت بها عموماً بيانات، وعمليات هذا التيار الإجرامي المنحرف الضال، وهي التخفي، والتلطي دوماً، والظهورً بأسماء وهمية ولا ترى كالأشباح. ولا ننكر هنا، أن هناك طيفاً واسعاً من المتابعين والقراء، عبّروا عن سخطهم، واستنكارهم لهذا البلاغ الشاذ، والذي يسيء أول ما يسيء للإسلام، كدين، بشكل عام.
فأكثر ما يلفت النظر في هذا البيان الخسيس الجبان، هو الغدر، والنذالة، والخوف، والتمويه، والاختباء، واسترخاص كرامات وحياة الناس، واستسهال مسبّتهم، وزجّهم دون محاكمة بالنار، وإصدار أحكام الإعدام. فهؤلاء، ومن والاهم، من المهووسين الشذّاذ، يدركون تماماً حقيقة موقفهم القانوني، ودورهم الجبان، ومكانتهم الطبيعية في الحياة، فلا يجرؤون البتة على إعلان أسمائهم الصريحة، أو التعريف بأنفسهم، كما يفعل أناس محترمون لهم اسم، وكيان، واعتبار. ويدركون في أغوار نفوسهم المريضة، بأنهم ليسوا أكثر من مجرد نكرات وضيعة، منحرفة، ضالة، تعاني العقد، والنواقص، والهواجس، والأمراض. ولهذا يخجلون، دائماً، من إعلان هوياتهم، وهم في حاجة مستمرة للتمويه الإخفاء، والعمل تحت الأرض، ودس رؤوسهم في الأوحال.
تتمنى أن تسمع صوتهم بعيداً عن لغة السيف والرصاص، ويجنحون دوماً كالفئران المذعورة للهروب والتلثم، والتنكر بشتى الأسماء، ولا سيما "الأبوات" منها، ظناً بأنهم يخدعون الناس. ففي جميع الردود السلبية، التي تحمل النفس الإجرامي الوغد، الحاقد والمنحرف الضال، ترى هناك تنصلاً، وتملصاً، وهروباً، وتلثماً ممن أطربتهم، وأسكرهم هلوسات المغوار المقديشي الإجرامية، وعصابات الخفافيش والملثمين الأخرى، وجماعات الإرهاب الفكري، الذين لا يستطيعون العمل والعيش إلا في عتم الليالي، ودياجير الكهوف، والأوكار، كمثل تلك التي يقبع فيها أربابهم وسَحَرَتِهِمْ في تورا بورا، ممن سهّلوا لهم استباحة الدم الحلال، ومهدوا لهم سبيل الإثم والضلال، وذلك عبر اصطناع ألقاب فضفاضة، وإظهار عنتريات جوفاء، ومرجلات مشكوك بها هنا وهناك.
يعبر الكتاب التنويريون عن أنفسهم دائماً، بشكل جلّي، ودونما تلثم، وخوف، أو اختباء ، ويعلنون عن أنفسهم بشجاعة فائقة، وشفافية مطلقة، وبروح من المواجهة الصافية. وهم يكتبون بأسمائهم الصريحة، وينشرون صورهم المعروفة، وعناوينهم الإليكترونية الحقيقية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على صدق نواياهم، ونبل معركتهم، وسمو مقاصدهم، وأصالة تفكيرهم، وطيب خصائلهم، واحترامهم لشرف الكلمة وقدسيتها، في محاولاتهم الدؤوبة، والبطولية الرائعة، الرامية لنشل هذه المجتمعات المنكوبة البائسة، من حضيض مستنقعات الدجل، والجهل، والخزعبلات، والخرابيط، والأباطيل، والأوهام. وليس لديهم أية نيّة للمساومة، والمداهنة، والتهرب من حمل مسؤوليتهم التاريخية، أوترك الأمانة الإنسانية الملقاة على كواهلهم، ونذروا أنفسهم، وبدون مقابل، لهذه المهام الأنبل، والأسمى، والأعظم. ويدرك هؤلاء الكتاب الرواد، والكاتبات الرائدات، وفي بواطن أنفسهم، عمق المخاطر الجدية التي تواجههم، والتضحيات الكبيرة التي يجب أن يقدمونها، وحجم الأضرار الجسيمة التي سيتكبدونها، ومقدار ما سيعانونه من صنوف الإرهاب، والتضييق، والحصار، والتجويع، والمطاردة، والإفقار. ويَعُون تماماً شراسة الحرب المعلنة ضدهم من الأنظمة، والجماعات الظلامية، التي خرجت من تحت عباءات أجهزة القمع، والإذلال، ومع ذلك فإن شرف الكلمة، وقدسية الموقف، وصوابية الرؤية، والصدق، والشفافية هي المعيار الأول والأساس في هذا السجال الماراتوني الطويل مع قوى التبرقع، والتلثم، والظلام.
إن هذه الأشباح الوهمية الملثمة، من الخسة، والنذالة، والجبن، والعار، بحيث لا تستطيع ارتكاب أفعالها، والبوح بمكنوناتها الشيطانية الشريرة، إلاّ تستراً تحت جنح الظلام، أو تلطّياً وراء لقب، واسم مستعار، أو جعيراً ونعيقاً من وراء حجاب وستار، يُغطّون بذلك على عارهم الأبدي، ودونيتهم الرخيصة، ويوضحون، من خلاله، طبيعة منبتهم الرث، ومعلنين بذلك، ونهائياً، سقوطهم الأخلاقي الكبير.
ن حق أي إنسان أن يعبر عما يجول في أعماق نفسه من أفكار، ويردّ، ويدفع الضيم، والظلم إن حاق به، بكل وسائل التعبير الشرعية، والقانونية، المتعارف عليها. لكن، من حق الجميع، أيضاً، أن يتعرفوا على هذه التحف البشرية المتخفية، عن كثب، وهذا واجب أخلاقي، قبل أن يكون ضرورة مهنية. وإذا كان الكتاب التنويريون مستعدين دائماً، لأسوأ الاحتمالات، ويجهرون بآرائهم النيّرة دون خوف، أو وجل، أو حساب، ويعلمون تماماً الثمن الباهظ الذي يتوجب عليهم دفعه، وعواقب موقفهم الرائع الخلاّق، فهل تلكم الأشباح المتخفية الجبانة الخرقاء على استعداد، ولو لمرة واحدة، على الأقل، في هذا المحيط البالغ السواد، أن تقابلهم بنفس الشجاعة، وتتمتع فعلاً، ولو بِنُذْر يسير من الرجولةً، والشرف، والإقدام، وتعلن عن هويتها الحقيقية بوضوح، وجلاء، إن كان لديهم، ثمة هوية، على الإطلاق؟

*حلو الكلام: ليس من المهم أبداً، أن تكون أميراً، بل المهم، أن تعرف كيف تعيش، كأمير حقيقي.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com