ردا على تصريحات مبارك : فذلكة تاريخية لتاريخ الشيعة السياسي المعاصر في العراق

 

 

وداد فاخر* / النمسا

( الرئيس ) المصري كما يبدو من حديثة باتهام الشيعة العراقيين بولائهم لإيران بحاجة ماسة للتذكير بان الشيعة العراقيين أكثر عروبة من ( سيادته ) ، وأعمق وطنية في حبهم للعراق . فمن المعروف أن فروع كبيرة من عشائر الشمر والظفير وبني تميم التي وصلت للعراق في القرن الثامن عشر قد تشيعت ، وهي عشائر عربية خالصة لا غبار على عروبتها عكس ما هو حاصل من تزاوج في النسب أو النسب الهجين الذي يوجد في بغداد وأنحاء أخرى من شمالي وشمالي غرب بغداد . وفي أواخر القرن الثامن عشر تشيعت اتحادات القبائل العشائرية القديمة في العراق ، كالمنتفك والزبيد والدليم والبو محمد وخزعل وبني لام وربيعة وكعب . وكان لهذا التشيع أسباب عديدة منها تزايد الهجمات الوهابية على كل من النجف وكربلاء اللتان كانتا تعتبران مدينتي السوق الصحراوية الرئيسيتين في العراق ، مضافا لذلك السياسة التي اتبعها العثمانيين في توطين العشائر الرحل التي ابتدأت العام 1831 م ، وتوفر الماء بعد فتح قنوات أروائية عديدة أهمها سدة الهندية . وأثرت الضغوطات التي قام بها ابن سعود وجيشه الوهابي ضد العشائر العربية لهجرة عشيرة الظفير وأقساما من عنزة وعشيرة حرب والشمر جربه للعراق . وقديما قال الشاعر العربي :

                             يا ناقتي غذي الطريق وسيري   *****      نحو العراق ولا تحوري

وازداد التشيع قوة وكثافة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي ، حيث سكنت قرب النجف وكربلاء بني حچيم "من الزبيد " ، والشبل –"من الخزاعل " ، وآل فتلة –"من الدليم "، وبني حسن " من بني مالك " والعفك .

وقد ذهل المسئولون البريطانيون في بداية القرن العشرين عند احتلال العراق من قبل الإمبراطورية البريطانية آنذاك من سعة التشيع . ولوحظت في عام 1917 حالات تشيع حتى في عائلة السعدون وهم من اكبر شيوخ المنتفك .

وتشيعت عشائر باجمعها ، بينما تشيع نصف بعض العشائر وبقي النصف الآخر سنيا كالجبور من الزبيد أو بعض فروع بني تميم التي كانت غالبيتها شيعية ، ومن الزبيد ظل الجنابيون سنة من الذين يعيشون قرب المسيب إلا بعض فروعهم التي تشيعت . كما تشيع اتحاد ربيعة كله ، وكذلك البو محمد . بينما ظل إتحاد الدليم سنيا وتشيع فرعه الذي استقر في منطقة الهندية من آل فتلة .

ويؤكد العلامة الدكتور علي الوردي على ( زيادة التفاعل بين الرحل السنة والمجموعات الشيعية المتوطنه في تعزيز القيم الأخلاقية العشائرية لهذه المجموعات وتراثها فضلا عن تعزيز هويتها العربية ) . لذلك زاد توطن العشائر العربية في الجنوب العراقي وتشيعها من قوة واتساع الكيان السياسي في جنوب العراق .

وللدلالة على وحدة الشعب العراقي فأمامنا مقطع من قصيدة للشاعر العراقي محمد حبيب العبيدي ( توفي 1963 ) يحث فيها على الوحدة العراقية ، وهو من أهل السنة مؤكدا فكرته التي تدعو للوحدة تحت راية الإسلام أيام ثورة العشرين :

                          لا تقل جعفرية حنفية       *******   لا تقل شافعية زيدية

                          جمعتنا الشريعة الاحمدية *******   وهي تأبى الوصاية الغربية

وبعد تشكيل الحكومة العراقية على يد المرحوم الملك فيصل الأول ووضع العراق تحت الانتداب البريطاني ، عارض بعض العلماء الفرس في إيران الاعتراف بالحكومة العراقية ، بينما حث المراجع الكبار في النجف الاشرف في رسالة من المرجعين البارزين السيد النائيني وأبو الحسن الاصفهاني الحكومة الايرانية بالعتراف بالحكومة العراقية ، وهذه الحادثة لوحدها تبين الاختلاف البين بين آراء العلماء في الحوزة العلمية في النجف الاشرف وإيران خلال القرن العشرين ، مما يدل بأنها تطورت أكثر في قرننا الحالي .

وتظهر النسبة العالية من العلماء والمفكرين من الشيعة مقارنة بعدد نفوس العراق دور الشيعة الرئيسي في الحياة الثقافية والاجتماعية والعلمية في العراق الحديث كأحمد الصافي النجفي وعبد المحسن الكاظمي ، والجواهري الكبير والعلامة الدكتور مصطفى جواد ، والعلامة الدكتور على الوردي ، والمؤرخ عبد الرزاق الحسني ، والدكتور علي جواد الطاهر ، والشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ على الشرقي ، وآل بحر العلوم ، والدكتور فيصل جري السامر والفيلسوف هادي العلوي والشاعر الدكتور مصطفى جمال الدين والدكتور الشيخ احمد الوائلي والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ، والفيلسوف الشهيد محمد باقر الصدر ، والشهيد محمد باقر الحكيم وجمهرة من آل الحكيم من العلماء الأفذاذ ، وآل الشبيبي وعالم الآثار طه باقر والدكتور محمد فاضل الجمالي احد ابرز رؤساء الوزارات العراقية في العصر الحديث ، والشهيد محمد حسين الرضي " سلام عادل " ، وخط طويل من المبدعين والعلماء والفنانين ممن رحلوا إلى دار الحق . ناهيك عن الجمهرة التي لا عد لها ولا حصر من العلماء والتكنوقراط والشعراء والمثقفين ورجال السياسة اطل الله في أعمارهم .

وللرد على كل المتقولين بتبعية الشيعة العراقيين لإيران نطلب من الجميع أن يعودوا للوراء لقراءة واقعية لنسب السادة من آل البيت الذين يرجع نسبهم جميعا للعترة المطهرة من آل الرسول الكريم النبي العربي الهاشمي ، وما حصل هو أن كل من نطق بلسان أعجمي من سادة أهل البيت كان لسبب سياسي معروف بدءا من عهد الدولة الأموية حتى عصرنا الراهن عندما وقع الظلم والتشريد والقتل على الهوية لآل البيت الكرام فتفرقوا في الأرض شيعا مختفين عن الأنظار خوف القتل والبطش،  والتضييق في العيش .وشاهد العصر لأكبر دليل على تشريد العراقيين وتشتيتهم في العالم من قبل النظام الدكتاتوري الفاشي للقتلة البعثيين ، وخاصة من شيعة أهل البيت الذي وقع معظم الظلم العفلقي عليهم من قبل سدنة البعث العفالقة .

وان تصدر بعض الترهات من هذا وذاك من عامة الناس ضد شيعة أهل البيت من العرب الاقحاح الذين استوطنوا بلاد الرافدين وساهموا في تطورها السكاني والاجتماعي والعلمي والسياسي  لأمر لا يستحق الرد عليه ، لكن أن يتهجم راس الدولة في مصر على غالبية الشعب العراقي أمر يستحق التفكير العميق ، ويتطلب الرد السريع لان في تقوله هذا مغزى سياسي كبير وطمس لوقائع تاريخية من الممكن أن رئيس مصر يجهلها كعادة معظم الرؤساء العرب الذين لا يتقنون قراءة التاريخ بطريقة جدلية . خاصة من فازوا دائما على طريقة الاستفتاء وبنسبة 99 . 99 % من نسبة المستفتين وليس المنتخبين ، وعلى المثقفين وعلماء التاريخ لفت نظرهم لذلك لئلا يقعون في مطب النزاع الغير متكافيء مع الشعوب كما حصل في حالة "الريس المصري " ، وما حصل من مطب لرئيس " مصر العربية " يدعونا أن نتساءل كما قال الشاعر :   ( قذى بعينيك أم بالعين عوار ؟ ) ، ولكنها في الحقيقة نظرة العين الواحدة التي لا تصيب دائما  .

 

 * شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com