|
تصريحات الرئيس حسني مبارك ...والنووي الايراني كريم البيضاني المتابع للقنواة التلفزيونية العربية هذه الايام وهي تبث المسلسلات والافلام التاريخية,نلاحظ ان جل هذه المسلسلات تتكلم عن جنكيزخان ...هولاكو و(خيانة)الشيعي ابن العلقمي وبطولات التركي ...الظاهر بيبرس ...وعن وحشية المغول وعقل ورجاحة الحكام العرب في ذلك الوقت الذين لم نرى منهم سوى الحاكم العباسي الغارق في الفساد والغطرسة...ليس فقط هذا ...وخرج علينا اعلام العرب بتصريحات تشكك بوطنية الشيعة وتتهمهم ب(العلقمية) لايران والغرب..ولو نتمعن بالاتجاه العام لهذه التصريحات والاراء نجدها تصب في اتجاه واحد...وهو ان اليهود كانو العدو الاول لمشروع العروبة الكبير..والان اضيفت اليهم الاقليات الاخرى الطامعة بثروات العروبة وهيبتها والمنتمية ليس لبلدانها بل لخارج الحدود..بعد ان كان هذا القول يوجه الى الاكراد العراقيين...حيث صور الاعلام العربي ان كردستان اصبحت ضيعة اسرائيلية صهيونية وانها ستعلن اتحادها في دولة واحدة مع اسرائيل...ولكن هذا الاعلام صمت هذه الايام بعد ان اصبح هناك خلاف ومشاكل بين الشيعة والكرد في مسالة الحكم والتحالف سياسيا في مابينهم حول تشكيل الحكومة العراقية.. الغريب ان هناك الكثير من الوجوه التي كانت تتصرف خلف اقنعة وتصرح بطريقة مبطنة حول هذا الموضوع ..الان اصبحت تعلن موقفها ورأيها جهارا.... ولم تكن مصادفة ان يصرح وزير خارجية المملكة السعودية سعود الفيصل ويقول ان نشوء حكومة عراقية يهيمن عليها الشيعه والاكراد سوف تكون خطرا على السعودية ونصرا لايران ويعترف بدعمه لنظام صدام لصد طموحات ايران في العراق...وليس مصادفة ايظا ان يجلس الرئيس المصري حسني مبارك ويصرح (بالعربي).. في قناة العربية السعودية... ان الشيعة هم ابن العلقمي وهم دخلاء على بلاد العرب وان وجودهم في بلاد العرب هو خطر على مشروع العروبة.وان صدام كان الاجدر ان يحكم العراق لولا (اخطاءه البسيطة)...لقد تعود الحكام المصريين على ان تكون الكلمة لهم فقط..هناك هيكل عربي لممارسة الحكم لايمكن الانحراف عنه مهما كانت قباحته وقسوته وتخلفه...الان لو حصل وانقلب الشعب الليبي على الحاكم المطلق معمر القذافي واعلنوا بناء نظام تعددي ديمقراطي.. ستجد الحكام المصريين لايقبلون بما يحصل لان ذلك تهديد لحدودهم ومصالحهم...تماما كما يفعل الحكم السعودي الان في وضع العراق..يتصرف هؤلاء بطريقة تجعلك تعتقد ان الارهابيين المصريين والسعوديين الذين ملأوا شوارع بغداد والمدن العراقية الاخرى بالدم والجثث..انما هم مبعوثين من دولهم ويشتغلون جنبا الى جنب مع مخابرات بلدانهم...فتصريحات المسؤولين المصريين وتاكيدها بعد دقائق من قبل المسؤولين السعوديين...تؤكد بما لايقبل الشك ان هناك تناغم وتخطيط مسبق في ادارة دفة المعركة ضد توجهات شعوب المنطقة في الخلاص من الدكتاتوريات وخاصة في العراق.. ان ثقافة قدسية الحاكم تطبق في المملكة السعودية ومصر..اغلب الكتاب المصريين ترتعد اوصالهم عندما يسمعون ان احدا قال كلمة لاتتناغم مع ثقافتهم التي درسوها وتعودو عليها...فلو عملت جولة بسيطة في مواقع الصحف المصرية اوالسعودية والتي يكتب فيها كتاب مصريين تجد الاسلوب والتوجه متطابقا مع مايطرحه كل المطبلين للحكام الذين مضى على وجودهم في الحكم ليس اقل من ربع قرن...حيث يخرج علينا يوميا كاتب او محلل مصري ويبدي اعجابه بما يحققه الملوك والرؤساء العرب لانهم يمثلون ضمير الامة واملها...قبل ايام شاهدت برنامج على احدى الفضائيات العربية يتحدث فيه احد المصريين والذي ادعى انه مدافع عن حقوق الانسان..هذا الشخص لم يذكر كلمة واحدة بحق ضحايا الانظمة العربية ومنها الدكتاتورية الصدامية...هذا الشخص درس في امريكا ويحمل جنسيتها...ولكنه كان قاطعا في كلامه في ان تترك امريكا الوضع العراقي في قبضة اللاعب السابق وهو الحكام العرب والجامعة العربية... عندما سقط النظام الملكي في العراق كان للنظام المصري فيه دورا كبيرا لان توجه رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد كان ليس في مزاج عبدالناصر وقام بعمل (حلف بغداد) الذي ضم ايران وباكستان وتركيا اضافة الى العراق ...وعند اتجاه الحكم الجديد بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم الى الشعب العراقي ومصالحه... والتوجه لهموم المواطن العراقي والتنمية ...دق عبدالناصر ورفاقه ناقوس الخطر وحاصروا عبدالكريم قاسم.... وماهي الا شهور ونزل البعثيين الى الشارع وحاولوا اغتياله..وعندما لم تنجح المحاولة..استقبلت الحكومة المصرية هؤلاء واعطتهم الدعم والملجأ ليعيدوا الكرة ولكن هذه المرة بانقلاب عسكري...في 8 شباط 1963..ولم ينكر احدا من هؤلاء دور الحكومة المصرية في ذلك... الان وقد تغير الحكم في العراق ولم تعد الحكومة المصرية مسيطرة على توجهات اغلب القوى العراقية الفاعلة في الساحة...تعيد الكرة من جديد وتحتضن نفس الوجوه والتيارات التي حاربت عبدالكريم قاسم ...ودعمتهم سرا وعلانية..فهم الان موجودون بكثافة في القاهرة واعلامهم ايظا موجه في نفس الاتجاه..حتى ان الحكومة المصرية دعمت قناة فضائية تدعي انها عراقية وسمتها (البغدادية)..وكل برامجها مناصفة بين اللهجة المصرية والعراقية...وطبعا يقف ورائها كتاب كانوا مطبلين للحكم الصدامي المجرم..امثال داوود الفرحان الذي يكتب الان في الصحف المصرية الرسمية.. ان ما يحدث في القاهرة يجد له البعض مبررا بان الجامعة العربية مقرها في القاهرة وهؤلاء يحتمون ليس بالحكومة المصرية بل بالخيمة العربية المسماة الجامعة العربية...وهكذا استطاعت الحكومة المصرية ان تجد مبررا رسميا لعمل هؤلاء...والكل يعرف ان الحكومة المصرية لن تقبل ان يمارس هؤلاء ما يقومون به لوان ذلك ليس في مصلحتها...فقد كان هناك مايقارب الاربعة مليون عراقي هربوا الى خارج البلاد واحتمو بمختلف الدول وسكنوا صحارى السعودية ومخيمات اللاجئين في ايران وغرقوا في المحيطات والبحار ولم نسمع ان الحكومة المصرية قامت باي نشاط تعترف فيه بمأساتهم او حتى الحوار معهم...بل على العكس كان هناك ارتباط وثيق بين مخابرات صدام والمخابرات المصرية حول مطاردة المعارضين العراقيين للدكتاتورية البعثية... ان ماقام به العراقيين من خطوات لاتصب في السياق المرسوم من قبل الحكومة المصرية وبدعم من الحكومات العربية الاخرى الدائرة في فلك مخططاتها..جعل (زلة) لسان المسؤولين المصريين تكثر هذه الايام.. نفس الشيئ حصل بين الحكومة المصرية والسعودية... ودولة قطر ..حيث نشب صراع ارادات بين المصريين والسعوديين من جهة والقطريين من جهة اخرى..وقد زادت شرارة الاحتكاك بين المتسابقين فى السيطرة والنفوذ على قضايا العراق وفلسطين والسودان ولبنان وافغانستان..حتى وصل الامر ان المسؤولين المصريين زادت (زلة) لسانهم ووصلوا الى القطيعة في مابينهم...وحتى ان القطريين تمادوا في استفزاز السعوديين عبر طرد قبائل سعودية هاجرت الى قطر مع بداية تاسيس الامارة القطرية التي كانت تدين بالولاء المطلق والطاعة للمملكة السعودية... ان تصريحات الرئيس المصري في قناة اعلامية سعودية ليس مستغربا فالطرفان قطعا شوطا كبيرا في مابينهم.. بالنتسيق في ادارة الصراعات في المنطقة بعد ان انفرط عقد الحلف الثلاثي الذي كان قائما بين الحكومة السعودية والمصرية والسورية...فعملية تنصيب رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري (وتمرده) على الحكومة السورية بعد الدعم المالي والسياسي السعودي...جعل عملية اغتياله هو بمثابة الكارت الاحمر للسوريين في لبنان من قبل الحكم السعودي ...حتى ان نفوذ ايران في لبنان اصبح مرهونا بمدى التصالح بين الحكومة السورية والسعودية...وحتى الوضع الفلسطيني هو الاخر تأثر بما يحصل في العراق ولبنان... ان ظهور حكومة عراقية لاتخضع لاجندة الحكومتان المصرية والسعودية وظهور الخط الجديد للحكم الايراني القائم على تعزيز القدرات العسكرية لايران وفي نفس الوقت التعاون في بعض الامور مع الولايات المتحدة الامريكية...مثلما حصل في افغانستان والعراق...جعل الحكومتان المصرية والسعودية يعتقدان انهما فقدا السيطرة على جزء من لعبتهما... وان الشيعة ليس فقط في العراق وانما في عموم المنطقة هم جزء من المخطط الايراني المنافس..واعلن جميع من يطبل لسياستهما بان ايران دخلت النادي النووي بعلم الغرب وتشجيعه لتركيع العرب وسلبهم ارادتهم... والحقيقة الناصعة هي ان امريكا والغرب فقدوا الثقة بالحكمين السعودي والمصري بعد احداث 11 سبتمبر وان التقية السياسية التي كان يلعبها الطرفان انكشفت ولايمكناخفائها..فسكوت امريكا عن نظام طالبان والدعم السعودي لهذا النظام وتشجيعه على تطبيق مبادئ المذهب الوهابي في افغانستان...جعل هذا البلد وكرا بديلا لهذا الفكر المتطرف في السعودية وكانت نتيجته هذا الغول الارهابي المسمى (القاعدة).الذي تمرد على الحكومة السعودية وكشف توجهاتها..كذلك التعاون الايراني الامريكي في افغانستان اثبت ان الايرانيين لايتقاطعون مع السياسة الامريكية في المنطقة وحتى تحول حماس من المجابهة الى الحكم كان لها تنسيق مسبق مع الامريكيين والغرب عبر الحوار القائم بين اوربا وايران حول الملف النووي كان فيه الكثير من التساهل ...وهذا يدل على ان حلحلة المسالة العراقية والحوار الامريكي الايراني حول العراق لها دلالات لاتختلف عن التريث من قبل الغرب في محاصرة وضرب ايران الان... اخيرا... ان الذي يحصل في المنطقة الان هو بداية تحول الانظمة الشمولية في المنطقة من اسلوب السيطرة والهجوم.. الى اسلوب التقهقر والتراجع امام استحقاقات التغيير في المنطقة...واذا كرر الايرانيين ما اخطأ فيه الحكام العرب بحساباتهم فان مسالة تحجيم دورهم والغاء النظام الحاكم في طهران الان لاتختلف عن طريقة ازالة اي نظام اخر كما حصل في افغانستان والعراق ...وازلة نظام ايران لن تكون في مصلحة انظمة الخليج ومصر هذه المرة ..بل سيكون لهم درسا في سرعة انهيار انظمتهم القمعية...مهما كانت المصالح المشتركة بينهم والغرب....
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |