هل يمثل مبارك حلقة في ضرب الفكر الاسلامي الاصيل؟

د. وليد سعيد البياتي

albayatiws@hotmail.com

 يدور الخطاب السياسي الرسمي في مصر هذه الايام حول ايجاد المبررات اللازمة لتقويض ونقض اي دور فاعل للفكر الاسلامي الاصيل، ولتدمير فاعل للعلاقات الاسلامية الاسلامية في ضوء السقوط الكامل في الحضيرة الغربية بعد البروز الفاعل للاخوان المسلمين على الساحة السياسية، والدور الناشط لشيعة مصر مما وجه انظار المخابرات والامن المصري باتجاه شل حرة الشيعة في مصر فامتلات السجون المصرية بالشيعة، وهنا يحق لنا ان نطرح تساؤلا موضوعيا: هل يمثل حسني مبارك احدى الحلقات الموجهة لضرب المسلمين بالدرجة الاولى والشيعة بالدرجة الثانية؟ فالتصريحات الخطيرة التي ادلى بها حسني اخيرا تكشف خطة متعمدة لاجهاض اي نشاط اسلامي/ شيعي وفق افكار و قرارات واحكام مسبقة، ففي حلقة سابقة لهذة اطلق الملك عبد الله الثاني ملك الاردن العنان لافكاره حول التخوف من الهلال الشيعي، والذي سيشكل امتدادا جغرافيا من جنوب تركيا الى سوريا ولبنان وفلسطين مرورا بالمركز العراق لينتهي عند الحدود الشمالية الغربية للهند عبر ايران، والنظرة الموضوعية تجد ترابطا عضويا بين حلقتي حسني وعبد الله الثاني وحلقة طالبان التي ظهرت فجأة على الارض الافغانية في العقدين الاخيرين من القرن الماضي، والتي تم توجيهها ضمن مخطط لضرب الشيعة نواة الاسلام والتي نفذ صدام حسين وحزب البعث بعض حلقاتها، منذ 1963 وخلال 1968 وحتى سقوط الصنم في 9 / نيسان / 2003 ، كما شكلت قبل ذلك الحركتان الوهابية والبهائية حلقتين اساسيتين في تلك السلسلة البغيضة، وهنا يطرح تساؤل حاد: من كان وراء هاتين الحركتين؟ ومن اوجدهما، ولماذا تزامن ظهورهما مع بداية نهضة اسلامية متمثلة بالنواة الشيعية في كل من العراق وايران؟ ونلفت الانتباه الى بقية الحركات التي ظهرت هنا وهناك لضرب اي شكل اسلامي وخاصة الشيعة نواة الاسلام، استكمالا للمخطط الذي وضع اصلا على مناضد الحركة الصهيونية في مكاتب المخابرات البريطانية، اثناء المراحل الاخير من احتضار هذه الامبراطورية العجوز التي اورثت تركتها للصهيونية التي حولتها بدورها الى مكاتب المخابرات الامريكية.

 والمخططات تسعى الى تفريغ الفكر الحضاري من التأثيرات الاسلامية وبالتالي يمكن لهم الوصول (على الاقل في ذهنيتهم المريضة) إما الى إسلام بلا نواة، اي بلا شيعة (مع الحفاظ على الاتجاهات الغريبة والطفيلية على الاسلام كالحركات الوهابية والبهائية وما ينتج عنها) أو الوصول الى عالم بلا أسلام وهذا ما يسعون اليه في النهاية.

 ولا شك ان مبارك يبحث عن مبرر لضرب الشيعة وليقمع تحركهم في مصر وحاشا ان يكون شيعة مصر او شيعة العراق أو الشيعة في اي مكان منتمين ولائيا الى ايران، او ان يفتقد الشيعة الشعور بالمواطنة، فالتاريخ الاسلامي يذكر الحرص الشيعي على خصوصية الارض، وقدسية الوطن، ولهذا صارت المواطنة جزءا اصيلا من العقيدة الشيعية التي احترمت الاوطان ودافعت عن الحقوق، وهنا نود أن نلفت انتباه حسني مبارك أنه قبل ان يبحث في مصر او غيرها عن شيعة ينتمون لايران، فليبحث في مصر عن من ينتمي الى اسرائيل والحركة الصهيونية، نطالبة وبشكل قانوني ان يبحث في مصر عن المصريين من اصحاب الاتجاه الاسرائيلي، لبيحث عن من هم اسرائيليون وصهاينة اكثر من الاسرائيليين انفسهم اي انهم ملكيون اكثر من الملك نفسه، ندعوه ان يبحث داخل الحزب الحاكم عن الذين يقبضون رواتب شهرية من الحكومة الاسرائيلية من سياسيين، وكتاب، واعلاميين، واكاديميين، وفضائيات تصرح بولائها الحقيقي والكامل لاسرائيل وتبرر العلاقات المصرية الاسرائيلية وكأن الصراع الاول بين الفراعنة وبني اسرائيل قد دار في بلاد فارس او ارض الرافدين ولم يدور في مصر!!

 و بعد كل ذلك فلا يحق لنا ان نندهش من تصريحات حسني او عبد الله الثاني عندما نفهم التوقيت الزمني للتصريح، او الظروف والملابسات التاريخية التي احاطت بمصر وبالاردن بعد الانتصار الساحق لحزب الله في لبنان والفوز الكبير لحماس في فلسطين، والاندماج الكامل للعلويين في سوريا مع فكر أهل البيت عليهم السلام، وعودة العراق الى النواة الشيعية، اضافة الى الانتصارات العلمية لايران، كل ذلك دفع بالحركة الصهيونية الام الى تحريك الدمى في مصر والاردن واماكن اخرى للنيل من الفكر الشيعي والنهضة الشيعية، ولنسأل حسني الم تمتليء جرارات مكاتب حسني مبارك بالملفات الشيعية لشيعة مصر الذين اودعوا سجون ومعتقلات النظام المصري المهتريء والمتآكل؟ فاذا كان صدام حسين قد ابتكر معسكر (ليا) الصحراوي والذي هو اكثر بشاعة ووحشية من نكرة السلمان لتكون قبورا للشيعة ومنافي لهم، واذا كانت صحارى العراق قد تحولت الى مناطق للمقابر الجماعية، فإن التقارير الدولية تؤكد هي الاخرى على سجون ومعتقلات صحراوية وحدودية تكاد لا تتسع للمعارضة المصرية المناهضة لحكم حسني والتي يشكل الشيعة نسبة عالية فيها تتجاوز النصف اكثر الاحيان، فما الذي يقدمه لنا حسني في هذا الامر؟

 غريب امر اؤلئك الذين يتجاهلون حركة التاريخ، ويلقون بالحقائق وراء ظهورهم ويصرون على تبني قيما منحطة تعاكس حركة التاريخ ويرفضون تعلم الدرس، اوتلقي العظة، فكما عمل صدام على معاندة الحقائق وقلب الامور، وكما اصر على معاكسة حركة التاريخ وجعل همه الوحيد ضرب الشيعة بشرا وفكرا وعقيدة وانتهى كجرذ في حفرة دس نفسه فيها هلعا، كذلك حسني، وربما ان هذا الاخير لن يجد حتى هذه الحفرة حين تحين الساعة التي بانت معالمها.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com