|
النووي الإيراني – نجاد على خطا صدام احسان طالب من منطلق أصولي بحت يرى أحمدي نجاد أنه مفوض من الله تعالى لتهيئة الأجواء الكونية لحضور الإمام المهدي المنتظر و الغالبية العظمى من المسلمين الشيعة في أرجاء المعمورة يعتقدون بعودة المهدي ليملأ الأرض عدلا ً بعد أن ملئت ظلما ً و جورا ً ويمكن قبول تلك الفكرة من منطلق إنساني قيمي إلا أن أحمدي نجاد وحده يهيمن عليه الهوس الذي يجعله يظن نفسه صلة الوصل الأخيرة بين الإمام المفقود و ظهوره إلى حيز الوجود, و الرجل لا يخفي ذلك الادعاء و لا يتوانى عن التصريح به بطريقة أ و بإخرى. ضمن هذه الأجواء الاعتقادية الراسخة يدخل النظام الإيراني بلاده في منظومة الدول النووية و هذه هي المرة الأولى في التاريخ تمتلك عقيدة – عقدة – أصولية راسخة القوة النووية مدعومة بإرث فقهي و ثقافة مذهبية موغلة في عمق الوجدان و المعتقد، و بناء على أساس نشر الدين بقوة الفكر المدعوم بقوة السلاح و وجوب إصلاح المسلمين و إدخال غيرهم في دين الله سيكون مبررا ً استعمال أية قوة لإحقاق الحق و إزهاق الباطل كما يفرض منطق الجهاد يين المنتشرين في العالم أجمع. الجهاد يون استخدموا كل ما وصلت إليه أيديهم لتحقيق غاياتهم النبيلة المزعومة و ذبحوا المخالفين لهم و انطلقوا بالأحزمة الناسفة و السيارات المفخخة تحمل أرواحهم إلى الجنة و أرواح الكفار من المرتدين والمشركين إلى النار. صدام حسين أذل العراقيين و أذاقهم وبال الجوع و الفقر و المرض، و لا يقولن أحد أن سبب ذلك كان الحصار الدولي كما لا يمكن لأحد إنكار تفاقم الأزمة الخانقة على رقاب العراقيين بسبب الحصار الدولي لكن عائدات العراق في برنامج النفط مقابل الغذاء كانت كافية لرفع حالة العوز و الجوع و الفقر عن العراقيين إلا أن صدام استخدم الأموال لبناء أصدقاء لحكمه و أعداء للعالم و حرم الشعب الماء و الغذاء و الدواء و بنى ترسانة عسكرية عدت رابع قوة في العالم . و في طريقه إلى تحرير القدس اتجه نحو الكويت و احتلها و أعمل فيها نهبا ً و قتلا ً و دمارا ً. تفاوض مع أمريكا اثنا عشر عاما ً و قدم كل ما يستطيع و كل ما تريد شرط الاحتفاظ بالسلطة الأبدية لآل صدام و من بعده لآل عدي و قصي و من بعدهم لمصطفى الصغير , لم يتمكن القائد الخالد صدام من استمرار التنازل أمام مطالب العالم الذي أصر على تنحيته و دون ذلك دماء كل طفل و امرأة و شيخ و شاب عراقي، إنه يمثل شرف الأمة و الوطن و الدين ... الخ. سقط صدام و ما زال العراق صامدا ً يحارب أعداءه و الإرهاب و الفتنة و يدفع الثمن أرواحا ً و دماء ً و نفطا ً. هل يكرر نجاد تجربة صدام و يجر ويلات الحرب المدمرة الشاملة ليس لإيران فقط بل لكل دول الخليج التي امتلكت الحق في بناء توازن الرعب تجاه إيران التي تحتل أرضا ً عربية و تعبث بأخرى، تضطهد عربا ً في أرضها و تعبث بآخرين خارجها. تصريحات المسئولين الإيرانيين تقول بأن القوة النووية الإيرانية ستستخدم من أجل السلام و الاستقرار و العالم من حولها يصغي غير مصدق لادعاءات سبق له التأكد من صدقيتها. المؤيودن من بني يعرب لإيران يعتبرون دخولها النادي النووي نصرا ً لهم في صراعهم مع إسرائيل و أمريكا و إعزازا ً للعرب و المسلمين تجاه أعدائهم المتكاثرين يوما ً بعد يوم. في سبعينيات القرن الماضي اعتدنا نحن السوريون على سماع عبارة التوازن الاستراتيجي بين سوريا و العدو الإسرائيلي و كانت تعني يوم ذاك الاستعداد العسكري و السياسي و وضع كل الإمكانيات الوطنية و القومية في خدمة الصراع، بعد ثلاثة عقود صرنا نسمع عبارة استمرار الصراع لأجيال مع نفس العدو الذي سبقنا في صراع المتوازنات الاستراتيجية و أصبحنا نفهم أن الصراع سيستمر لعقود طويلة و لم نجن من التوازن المزعوم سوى إبقاء حالة اللاحرب ولا السلم التي تستلزم تسخير موارد الوطن و الشعب لخدمة الاشتباك التي لا تبدو له نهاية قريبة. التجربة الصدامية ليست بعيدة و ثقافة الاستعداء و الترهيب لم و لن تنجح و فشلت في الماضي و الحاضر و المستقبل لا يولد من الفراغ بقدر ما هو استمرار لتجارب و خبرات و حقائق الماضي و الحاضر. (( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوه و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوکم و آخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم )) إن احتكار تفسير النصوص و الشرائع لخدمة السياسات الآنية و مصالح الحكام و أنظمتهم عادة دأب عليها الخلفاء و الأمراء و الحكام بداية من لحظة الافتراق على أولوية الخلافة إلى أحمدي نجاد و لسنا نبالغ إذا ادعينا أن غالب الأزمات و الفتن و الأمراض التي عانت و تعاني منها الشعوب و الدول الإسلامية إنما عائدة إلى تلك الخصلة التي ينبغي الوقوف عندها و التفكر فيها.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |