كذبة أخرى.. مبارك يقول انه ( يقصد الولاء الديني للشيعة العرب لإيران)

( ولاء الشيعة للنبي وأهل بيته فقط يا حسني)

محمد الموسوي / باحث قانوني

almosawy1967@yahoo.com

أتحفنا الرئيس المصري حسني مبارك مرة أخرى بتفسير لا يقل سوءا عن تصريحاته سيئة الصيت حول ولاء الشيعة لإيران إذ يقول انه يقصد بالولاء الذي تحدث عنه هو الولاء الديني للشيعة العرب لإيران وهذه كذبة أخرى يفضحها الواقع لأسباب تتعلق بذاتية الولاء من جهة وأخرى تتعلق بالواقع الديني، أما الأسباب التي تتعلق بالولاء من الناحية الذاتية فهي:-

1- إن قصر الولاء على الجانب الديني يعني إن هناك تعدد في الولاء الإنساني بمعنى أن هناك تعدد في الو لاءات وحيث أن الولاء مرتبط بالمبدأ فلا يتصور فيه التعدد إلا إذا قصد منه النفاق والانتهازية التي نعرفها على بعض الساسة العرب.

2- إن تحديد الولاء لإيران بالجانب الديني فذلكة يراد بها التخلص من المأزق الذي وضع نفسه فيه وهو بنفس الوقت لغما آخر يدعو لقتل الشيعة إذ من المعروف أن الإنسان العربي يحركه الوازع الديني ويحدد انتماءاته وربط الشيعة بإيران من ناحية الولاء الديني هو طريقة أخرى لربط الشيعة بإيران دولة وسياسة فضلا عن الناحية الدينية والرئيس بذلك إنما يفتح طريقين لاتهام الشيعة بالخيانة والعمالة من خلال التصريح الأول والتفسير الثاني لهذا التصريح ونعتقد إن هذه الفذلكة قد تنطلي على عقول يعرفها سيادة الرئيس وهي حتما ليست عقول الأحرار وبالأخص العراقيين منهم سنة وشيعة الذين يدركون الآن أكثر من أي وقت مضى ملامح المؤامرة التي تريد للعراق أن يكون محرقة للحرب الطائفية التي يراهن عليها أعداء التغيير الديمقراطي أو القوى الاستبدادية التي ترى بحرية العراق خطرا ينبىء بإزالتها عن عروش الظلم التي تربعت عليها باسم الدين تارة وباسم القومية تارة أخرى وهو ما نجده في إصرار الشيعة والسنة في العراق في السير نحو الوحدة الإسلامية لأنها الوحيدة القادرة على تحقيق الحرية والعدالة لهم إضافة إلى أنها السبيل الوحيد القادر على التخلص من الاحتلال والاستعمار سواء الأجنبي منه أو الاستبدادي الداخلي كما يقبع سيادته من خلالها على عرش مصر ويريد تولية ابنه من بعده بالطريقة الأموية القميئة ومحاولته الآن من بذر الفتنة بين مسلمي مصر وأقباطهم لتفتيت وحدة الشعب المصري وإبعاده عن المطالبة بالتغيير الديمقراطي وطبعا يريد أن يوصل من خلال ذلك إلى انه المدافع عن الإسلام مما يجعل المسلمين المصريين أن يعتقدوا بوجوب التوقف عن المطالبة بالتغيير الآن لحين انتهاء المشكلة القبطية ( فانا واخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب) وهو ما نعتقد أن الشعب المصري أذكى من أن يقع في حباله ونؤمن بان هذا الشعب الذي خرج منه عرابي وعاش فيه الأزهر والأقباط كله سيتجه إلى النضال من اجل التحرر من الاحتلال الاستبدادي لسيادة الرئيس وابنه وإعادة شركات علاء مبارك جميعها إلى أفواه ملايين الجائعين المصريين وسيهتف كل الأحرار معهم.. كفاية .

أما الأسباب التي تتعلق بالواقع المذهبي الشيعي فان أي مراقب بسيط للفكر الشيعي يرى بوضوح عدم صحة ما ذهب إليه الرئيس فقولنا – كما يقول هو – أن الشيعة مرتبطين بإيران من ناحية الولاء الديني يعني إن كل الشيعة تأخذ أحكامها الشرعية من إيران وهذا كذب صارخ للأسباب الآتية:-

1- إن في إيران ما يزيد على 16 مرجعا دينيا يختلفون عن بعضهم بالأحكام حتى في مسالة ولاية الفقيه كنظرية سياسية في الحكم ( وهو بيت القصيد من وراء التفسير المقصود لان غايته القول إن الشيعة في العراق سيأتون بنظام ولاية الفقيه في الحكم وهذا يعني إيران ثانية في العراق أو احتلال إيراني للعراق وهو ما يحاول الحكام العرب المستبدين ومن بينهم سيادته إفهامه للغرب من جهة وللشعب العربي لتحريضه على قتل الشيعة من جهة أخرى) وعموما فإلى أي المراجع يتبع الشيعة العرب.

2- إن التفسير يلغي وجود ودور المراجع الشيعية في العراق، وعددهم يزيد على ثمانية، وكذلك المراجع في لبنان وسوريا وأفغانستان وباكستان والسعودية والكويت وغيرها من الدول الإسلامية والجميع يعلم إن هولاء المراجع هم من يتبعهم الشيعة في التقليد بالنسبة للأحكام الشرعية ورب سائل يسال عن هذا التعدد في المراجع عند الشيعة فنقول انه يعود إلى مسالتين الأولى إن الشيعة يؤمنون بإتباع الأعلم من الفقهاء حسبما يثبت لديهم بالوسائل العلمية البحثية والأخرى هو عدم توقف الاجتهاد في المذهب فعلماء الدين الشيعة لهم دوران دور كاشف وهو ما يكشفه الفقيه من حكم في القران أو السنة أو آراء أهل بيت المصطفى ( ص) أو ما يجتهد ه من راء في المسائل المستجدة ويخضع الاجتهاد عند الشيعة إلى شروط عديدة ومعقدة لكي لا تصل الأمة كما وصلت إليه الآن عند البعض من فتوى بربع جنيه أو افتي وأنت ماشي كما يقولون وهو ما جعل الدين كله أمام خطر الرويبضة.

 وعلى أية حال إن تعدد مرجعيات الشيعة ينفي بصورة قاطعة ربط الولاء الديني لهم بإيران لأنها لا تمثل المرجعية الوحيدة للمذهب إضافة إلى تعدد آراء العلماء في المذهب نفسه وهو ما زاد التشيع قوة وحياة هذا فضلا عن إن النجف الاشرف في العراق يمثل أهم منارة من منارات العلم في العالم الإسلامي ومنه ينهل الشيعة في كل البلدان الإسلامية.

 وأخيرا يحق لنا التساؤل لماذا هذا التصريح وما تبعه من تفسيرات ملغومة، وقد اختلف الرأي بين من يقول إن هذه التصريحات تنم عن جهل في الدين والمذاهب وسطحية عالية من رجل عسكري غير متفقه في الدين حكم بلاده بالقوة واستغرق في الفساد السياسي والإداري فهو كغيره لا يعرف كوعه من بوعه وليس لنا إلا أن نصفه بالجاهل المسكين. ورأي آخر يقول إن توقيت التصريح والتفسير لم يأت عفويا بل انه مرتبط بالمشروع الصهيوني الأمريكي بشان الطائفية في الشرق الأوسط وما سيادته إلا بيدقا بيد أسياده وقد حرّكوه الآن. وهناك رأي يقول إن الرئيس يتزعم كتلة من المستبدين التي تحارب التغيير الديمقراطي في البلاد العربية الذي يستفيد الآن من التغيرات الدولية ويحاول انتزاع الحرية وقد علم أصحاب الاستبداد إن الشيعة هم راس الحربة الذي يقود التغيير فلابد من إخراجهم من البيت العربي والحكم بعمالتهم لإيران لعزلهم عن الشعب العربي ومن ثم الوصول إلى تحريضه على قتلهم وبذلك يسلم الاستبداد ويربط أصحاب هذا الرأي تصريحات الرئيس المصري بتصريحات ملك الأردن السابقة وتصريحات الوزير السعودي ويرون أنها حلقات في مسلسل كتلة الصدّ الاستبدادي للتغيير الديمقراطي.

وعلى أية حال، إن الرد العملي على هذه التصريحات سواء من الشيعة أو السنة هو الوحدة الإسلامية التي تطالب بالتحرر من الاحتلال الداخلي المتمثل بالاستبداد والاحتلال الخارجي المتمثل بالغزو الغربي للمنطقة وعلى جميع السنة والشيعة وخصوصا في العراق أن يعملوا نحو عراق ديمقراطي تتوزع السلطة والثروة فيه لا على أساس طائفي بل على أساس إداري متطور تحكمه مباديء الحرية والعدالة والمساواة وصولا للتخلص من عقلية الاستبداد ونجاسة الاحتلال وسوف يلفظ التاريخ هولاء المرتزقة والمستبدين إلى مزبلته التي حوت الكثير من الظالمين. أما من أراد أن يعلم إلى أي جهة يكون ولاء الشيعة فنقول بملء الفم إن ولاءنا أولا إلى الله موحدين وللمصطفى محمد ( ص) مصدّقين ولآل بيته متبعين وإننا من اجل الحرية والعدالة والمساواة سائرين وسيتم الله نوره ولو كره الظالمين المستبدين .

كما نقول إن من مهازل التاريخ أن يعتبر العرب إيران عدوّتها اللدود وإيران تدعم فلسطين بكل قوة وتقدم الآن الملايين إلى حماس لإنجاح التجربة الإسلامية في حكم فلسطين ويقوم سيادة الرئيس وغيره بمقاطعة حماس و منع العمل معها ومن مهازل التناقض أيضا أن يوصف الشيعة تارة بالعمالة لأمريكا في العراق وبنفس الوقت بالعمالة لإيران عدوّة أمريكا ولا ندري ماهي التهم الأخرى ...

وعيش واسمع والله الحافظ

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com