|
حماس، ومحاولة تصدير الثورة الإيرانية لفلسطين مهند صلاحات / كاتب فلسطيني مقيم في الأردن بعيدا عن خطاب الزيت والزعتر، وعن إعادة خطاب الصحاف مرة أخرى حول الطراطير الجدد، يحاول السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد في خطبة الجمعة الأخير في مسجد الخلفاء في خانيونس نقل النموذج الإيراني لفلسطين عبر كشف البرنامج السياسي لحكومته عبر منابر المساجد على شاكلة ما كان يقوم به الخميني، ونجاد هذه الأيام. ويبدو أن السيد هنية ينسى أو يتناسى أن السنوات التي تلت أوسلو على الرغم من كل سيئاتها السياسية والاجتماعية، إلا أنها استطاعت أن تنقل فلسطين من دولة الحزب الواحد إلى دولة المؤسسات المدنية، وعبر التصريحات التي صرح بها قادة حماس بعد فوزهم بالانتخابات الأخيرة بأنهم لن يقفوا عائقا أمام مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والتي تشكل النموذج الأكثر ديمقراطية في العالم العربي والذي قاد لانتخابات ديمقراطية، إلا أنه في محاولة تقربه من الإيرانيين عبر نقل البرنامج السياسي من مجلس الوزراء إلى منابر المساجد، ويبدو أن السيد هنية في بعض الأحيان يتناسى دوره كرئيس وزراء للسلطة الفلسطينية والتي من المفترض أنها قامت على أساس التعدد الطائفي والتعدد الحزبي والفكري للمجتمع الفلسطيني، وأن يقوم رئيس الوزراء الفلسطيني بجلد الشعب الفلسطيني بخطبته العصماء حول الزيت والزعتر والطراطير عبر منبر المسجد يكون سيادته قد نسي بأنه ليس برئيسٍ للأوقاف والمقدسات الإسلامية في فلسطين وإنما رئيس وزراء للسلطة الفلسطينية القائمة على أساس التعددية الفكرية والسياسية والطائفية،بالتالي يعتبر ما قام به السيد هنية محاولة واضحة في تصدير النموذج الإيراني للثورة الإسلامية لفلسطين في محاولة من سيادته لرسم صورة جديدة للعالم بأن نجاح حماس بالانتخابات هو نموذج لانتصار الخميني على شاه إيران السابق. وبعيداً كذلك عن تصريحات وزير الداخلية الفلسطينية التي يطلقها بالصباح ويعود ليتراجع عنها في المساء، وبعيداً عن فشل ما أطلقوا عليه في بداية تشكيل حكومتهم المسماة حكومة تكنوقراط، وسقوط مسميات البدائل الاقتصادية التي ادعت حماس بأنها تملكها في حين قطعت دول أوروبا الدعم عن السلطة الوطنية، لا بد من أن نذكر السيد هنية بأنه مسؤول عن حالة تجويع الشعب الفلسطيني التي تحدث الآن والتي أوصل الشعب كاملاً إليها عبر سياسته الساذجة جداً في التعاطي مع الأمور والدول، وأن نقل النموذج الإيراني لفلسطين لن يمكن حضرته من تصنيع مفاعل نووي على شاكلة المفاعل النووي الإيراني، وأن إيران الغارقة في مأزقها الآن لن تقف طويلاً لجانب سيادته، فبعض الملايين التي أهدتها له ولحكومته منذ يومين كتعبير شكر لسيادته على حمل دستورها إلى فلسطين، ودعوات الزيت والزعتر لن ترتقي بالمجتمع الفلسطيني، وإن كانت تلك رؤية السيد هنية فالأولى به أن يقدم استقالة حكومته ويعود لصفوف المعارضة مرة أخرى أفضل من أن يبقى يجلدنا يومياً بخطاب المعارضة إياه والذي مللناه من كثرة ما سمعناه منذ العام 1994 وحتى اليوم، ويبدو أن السيد هنية وجماعته الذين يتصرفون بمنطق العصابات والمافايات والذين كان أول خيار برنامجهم القضاء على الفلتان الأمني هم أول من يمارس هذا الفلتان الأمني عبر تدخل قوات القسام لحماية الوزراء والاعتداء على الصحفيين كما حدث في غزة البارحة حين تدخلت مجموعة من كتائب القسام لتفريق الصحافيين عن الوزير واعتدوا عليهم بالضرب مما حذا بنقابة الصحافيين لمقاطعة تغطيات الوزارة. إن هذه السذاجة في الطرح والتعامل، والتراجع المستمر عن التصريحات، ومحاولة تصدير الثورات الأخرى لفلسطين يعني أن الأخوة في حماس غير مدركين ما وصلوا إليه،بالتالي يجب عليهم حل الحكومة وإعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية على أساس التعدد الفكري والطائفي والسياسي بمرونة أكثر، وبعيدا عن خطب المساجد والتي هي للوعظ والإرشاد لفئة من الشعب الفلسطيني وليست لإعلان البرامج السياسية لحكومة تعددية مدنية. ما الذي تريده حماس اليوم، لقد نجح مشروعها المشترك مع عباس في وأد منظمة التحرير التي غدت في عداد المفقودين، واليوم تريد حماس أن تجعل كل الشعب الفلسطيني في عداد المفقودين؟ يجب الوقوف بشكل جدي على ما يجري، وعن الذي تريد حماس جرّ هذا الشعب إليه عبر إشباعه بشعارات الزيت والزعتر، وعليها أن تكون أكثر وضوحاً وتكشف عن لقاءاتها مع المخابرات المركزية الأمريكية في بيروت وما الذي تمخض عن هذه اللقاء، وأن توضح للجميع ما الذي تريده قبل أن تؤدي بالموظف الفلسطيني بأن يأخذ أجره كيلو زعتر ولتر زيت بدل معاشه الشهري. أوقفوا هذه المهازل السياسية وإن لم يكن عندكم القدرة على قيادة حكومة فاستقيلوا أو أقيموا استفتاء شعبي على حكومتكم مرة أخرى.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |