|
الانفال .. دروس وعبر قيس قره داغي كلما مرت ذكرى الانفال ، نجلس القرفصاء ونكتب كلمة ونصف للذكرى لنسكت عن الكلام المباح منتظرين قدوم الذكرى في السنة القادمة ، ترى هل تكمن قيمة عمليات الانفال في هذه المقالات والكلمات الرنانة والمهرجانات السنوية التي تنظم الكثير منها لاغراض دعائية حزبية بحتة ، أي زيادة عدد أعضاء الحزب ومؤيديه على حساب 182000 ضحية من أبرياء الكورد وخمسة آلاف قرية وقصبة كوردية في جنوب كوردستان وهكذا الحال مع ذكرى ضرب حلبجة الشهيدة وقلعة دزة الشامخة وأبادة البارزانين وتهجير الفيليين وتعريب كركوك وأخواتها والى آخر قائمة المآسي التي مرت على الكورد في كوردستان . الانفال سم قاتل رشه العدو لابادة الكورد وعلينا إيقاف مفعول هذا السم والعمل على عدم تكرارة مستقبلا ، والعمل هذا يستوجب شحذ الهمم والاستعداد التام لأحياء كل ما طاله سم الانفال في كوردستان وكل ما تم عمله الى الآن لا يرتقي الى الحد الادنى مما ينبغي عمله . لازالت أشلاء الضحايا متروكة تحت رمال الصحراء في جنوب العراق ولنا وزارتان لحقوق الانسان في كوردستان ووزارة ثالثة في بغداد يقبع خلف طاولاتها الانيقة مئات الكوادر يستلمون رواتبهم بانتظام وإن تأخرت رواتبهم يوما سيعلنون أضرابا عاما لتتعرض حقوق الانسان الى خطر حقيقي ! ولا زالت المجمعات السكنية التي بنتها حكومة الانفال قسرا على انقاض الريف الكوردي المنقرض تدميرا عن بكرة ابيها تعج بمليون قروي يعيشون في ظروف لا تحسد عليها لم تعمل الحكومة الكوردية مع مزيد الاسف على معالجتها ليعود الريف الكوردي الى سابق عطائها في الانتاج الزراعي والحيواني ، لازالت أرض كوردستان تفتقد الى متحف وطني يضم أثار الانفال وهي أطنان من الوثائق وأضعاف أضعافها من مخلفات الضحايا من عظام وجماجم وملابس ورسائل وعفش و صور وبوسترات وكتب ، ولا زال العالم الخارجي يجهل النزر القليل عن عمليات الانفال رغم عصر العولمة وتكنلوجيا المعلوماتية في حين أصبحت الهولوكوست النازي ضد اليهود أيقونة على كل لسان وقد حدث الهولوكوست في دوامة حرب عالمية فاق عدد قتلاها ستين مليون قتيل أما جريمة الانفال ارتكبت في ما يطلق عليه عصر المجتمع المدني والتقصير فينا لا في الاخرين ، ولا زالت مئات المشاهد الحزينة والصور المروعة والقصص الدرامية والمناظر البائسة تنتظر أنامل الادباء ومخيلات الشعراء وريشات الفنانين كي تتجسد في روايات وقصائد ولوحات فنية ولكن آفة الانفال قد شلت تلك المخيلات أيضا كما يبدو ، فمن بين مئات الصحف والمجلات والمطبوعات التي صدرت وتصدر في كوردستان لم تحمل واحدة منها اسم الانفال ! ولم تتخصص واحدة منها بقضايا الانفال فيا لبشاعة العوق الذي أصاب تفكيرنا ! منطقة گرميان وهي موطن الانفال الرئيسي لازالت تفتقد الى الحد الادنى من الخدمات ترنوا لزائرها وكأنها خارجة لتوها من حرب مدمرة وطويلة الامد ولم يعين ذكرا أم أنثى لتمثيلها في البرلمان الكوردستاني والعراقي أيضا . فلو ذكرنا كل شاردة عما ينبغي عمله ولم يعمل من أجل أحياء ما أماتته عمليات الانفال فقط سنحتاج الى مجلد بذاته من القطع الكبير ، ولم يبق في قوس التصبر منزع بعد كل هذه السنين من طرد المؤنفلين من كوردستان وثم سقوطهم المحتوم في بغداد وفي كل يوم نقرأ خبرا في حاشية الاخبار عن أكتشاف مقبرة جديدة تضم رفاة كذا ضحية من ضحايا الانفال يمر مرور الكرام على الاسماع والنواظروالمشاعر ولكن عندما يموت أحدا من ذوي الحكام ينظم مئات الالاف ومن ضمنهم ذوي الانفال أيضا في طوابير طويلة في استقبال رفاته ويحيى ذكراه في كل عام بمهرجانات وكرنفالات تكلف الملايين ويا للمفارقة ويا لرداءة زمن ودع الحكام فيه ضمائرهم في خزانات مجمدة وباتوا يسوقون الناس حسبما يشتهون . كفانا كلاما ، ولنعمل من أجل قبر الانفال وأحياء المؤنفلين فهل من مجيب ! .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |