سياسيون أم قطاع طرق ؟؟

فينوس فائق / هولندا

venusfaiq@yahoo.co.uk

الوضع الأمني الآن في العراق اقل ما يقال عنه أنه متدهور و غير مستقر و سيء ، هذا أقل ما يمكنني أن أصف به الوضع الأمني في العراق في الوقت الراهن ، عليه يتبادر إلى ذهني من المسؤول عن هذا التدهور الأمني و الأوضاع غير المستقرة؟ أحياناً و في خضم ما يحدث و في ظل التكتلات و الصراعات السياسية و التدخلات الخارجية ، وعدم التوافق في ظل الدعوات المستمرة إلى التوافق و عدم وحدة الصف الوطني رغم النداءات المستمرة من أجل توحيد الصف الوطني ، و في ظل عدم وجود الخطاب الوطني المشترك في حين أن هناك خطابات تضرب عرض الحائط و خطابات تسيل مثل الدماء على الأرصفة و خطابات من المثقفين و المثقفين المخلصين تداس بنعال السياسيين ، و رغم خصام وطني في خضم الدعوات المستميتة من أجل مصالحة وطنية ، في ظل كل هذا و ذاك لا أتوصل إلى تحديد الملامح الحقيقية للمسبب الحقيقي لما يحدث في العراق من إضطراب سياسي و عدم إستقرار الأوضاع و كوارث إنسانية و حتى تأريخية و جرائم تحدث علناً و أخرى في الخفاء على مدار الساعة ، و الكل منهمك في توجيه الإتهامات بدل من لم الجراح و تضميدها و منهمك في أمور  و صراعات قومية و دينية "تافهة" مغلفة بشعارات برتقالية وهمية أكثر من همهم و سعيهم لإيجاد الحلول و الحيلولة دون حدوث المزيد من الكوارث ، و الكل منصرف إلى أموره و مصالحه و أطماعه الشخصية أكثر من نزوله إلى مستوى الشارع السياسي العراقي البسيط و الإستماع ولو لدقائق في الأسبوع مرة لمطاليب المواطن العراقي البسيط و تفهم معاناته البسيط الذي يدفع القسط الأكبر من الضريبة على مدار الساعة..

النغمة الجديدة أو ربما هي (ليست بالجديدة) هي البحث عن علاقات يعلقون عليها أخطاءهم كمصطلح "الإحتلال" الذي صار بمثابة الحائط الذي يعلقون عليه كل ما يحدث الآن في العراق و الذي يلصق بألسنة الكثير حتى من الكتاب و المثقفين و يلفقون له شتى التهم أو يرجعون إليه كل المصائب التي تحدث ، أنا لا أدعي أن القوات الأمريكية بريئة ، لكن هل هي المسؤول الوحيد و الأول و الأخير عن كل ما يجري الآن في العراق؟ هذا هو السؤال!! و هل هي المسؤولة عن كل هذا التماطل المميت في مسألة عدم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟ و هل لو أن هناك نية حقيقة و مخلصة لتشكيل الحكومة هل كان من الممكن أن تقف تلك القوات عقبة في طريق تشكيل تلك الحكومة؟ ثم لماذا مصطلح "الإحتلا" أصلاً الم تكن هي التي خلصتنا من بطش الفاشيين و السلفبعثيين؟ نعم هم الآن يأخذون أجرهم لقاء ما قدموه للعراقيين من أموال العراق و من عائدات نفط العراق ، لكن لماذا لا يسأل أحد و السياسيين و أبناء البلد الحقيقيون ماذا عادوا يفعلون الآن بعد التحرير؟ هل حقاً من أجل خدمة العراق؟ أم من أجل ملء الجيوب؟ في حين أنه لا أحد يتساءل أحد و بشكل جدي من المستفيد من وراء عدم تشكيل الحكومة العراقية لحد هذه الساعة؟ و لمصلحة من يتم تأخير تشكيل الحكومة؟

الذي أعرفه هو أن مفهوم الحكومة تساوي مفهوم السلطة و بالتالي تساوي مفهوم القوة ، فلو ينطلق السياسيون من هذه النظرية فإنه من المؤكد أن الكثير من القناعات تتغير فعندما تكون هناك حكومة و سلطة ، تكون هناك قوة ، و تكون هناك مسؤولية أمام ما يحدث ، و تكون مسؤول عن تطبيع الأحداث و المضي بها نحو التصليح ، لكن للأسف التماطل و التباطؤ في مسألة تشكيل الحكومة لا يتحمل أي تفسير آخر سوى أنه هروب من المسؤولية و هروب من تصليح ما يجب إصلاحه و الإلتفات إلى ما يجب الإلتفات إليه من أمور هي أهم من الأمور التي ينشغل بها الساسة العراقيون في الوقت الحالي و ينشغلون بها أكثر من مسؤوليتهم تجاه هذا الشعب المسكين الذي مع كل خبر إنفجار أو خبر عملية إرهابية يصاب بالذعر و الهلع لأنه ببساطة ما من حكومة تحتضنه و تهون عليه مصائبه..

و لأن وجود الحكومة يعني أننا أقوياء و متماسكون و متحدون و أننا بإمكاننا مواجهة العالم بقوة ، لكن و الحمد لله هذه المصطلحات فقدت ألوانها الحقيقية من قواميس السياسيين في العراق ، و لأنهم و ببساطة لا يريدون التماسك و التوحد و إنما يفضلون الغناء كلُ على ليلاه.

للأسف الشديد أرى أن اللذين يمسكون بزمام الأمور السياسية الآن في العراق و الذين من المفروض بهم أنهم مطالبون بتشكيل الحكومة هم ليسوا أهل لمسؤولية مثل مسؤولية تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية و أنهم يرددون الشعارات التي ملت منها آذاننا فقط لكي يوهموننا أنهم سياسيون في حين أنهم فقط قطاع طرق مروا بعد رحلة رفاهية طويلة من منافيهم المريحة و مروا يقارب المصالح بعراق جريح لكن غني بالنفط ، في الوقت الذي كانت الدولارات في جيوبهم قد شحت قليلاً ، و إلا أن اي سياسي يخرج الآن من السلطة يركض راجعاً إلى جنة منفاه ، و إلا فكيف أنهم و لحد هذه اللحظة لم يشعروا بمعاناة الشعب المسكين من تردي الأوضاع في جميع النواحي الإقتصادية و الأمنية على وجه الخصوص ، هذه الأوضاع التي أنهكنت المجتمع بأسره..

المشكلة أن الكل يلقي الذنب على الجهة الأخرى دون الإلتفات إلى ما يجب فعله ، الكل منصرف إلى البحث عن هفوات الآخرين وفق نظرية "أن الكل يرى نفسه نظيفاً عندما يكتشف خطأ الآخر" هذه النظرية التي إكتشفتها في الآونة الأخيرة و أنا أتابع فيها ما يجري على كل الأصعدة..

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com