|
اللعب على المكشوف كريم البيضاني
اليوم قرأت قصيدة عصماء لاحد الجزائرين المقيمين في لندن ...وفي الحقيقة دهشت بهذه القصيدة ليس لانها من معلقات شعراء العرب او هي قصيدة لقيس بن الملوح يتغزل فيها بليلى العراقية...القصيدة هي عبارة عن شتيمة مباشرة لاغلبية الشعب العراقي...يتباهى فيها هذا الكائن الحي من الجزائر الشقيق بانه نشرها عشية سقوط الصنم او كما اسماه (سقوط بغداد)....بصراحة لم تزل اثار الاهانة التي وجهها الرئيس المصري حسني مبارك عالقة في نفسي لطعنه بولائي لوطني ...وهاهو هذا الجزائري يعيد شتيمته باغلظ من ماقاله حسني مبارك وينشرها من جديد... بالرغم من تصنيفي لتلك القصيدة بمستوى التصنيف العراقي للشعر الهابط وسميتها بالشعر(البعروري)...طبعا اثارت هذه التسمية غضب (المثقف) الجزائري هذا ونعتني باني (كسروي) ...بصراحة انا تالمت لما قاله لي لاني لست كسروي ولا ابن عمي كسرى ...ولكنه زعل عندما سميته بانه افريقي واصله بربري...وهو ليس الا مستعربا ناكرا لاصله وفصله... فهل هي شتيمة عندما ينعتني احدا باني اسيوي او عراقي عربي مثلا او ان اكون كرديا ...وما الضير في ان اكون هكذا ...ولدتني امي في اسيا وابي ربما جاء من الهند او اليمن او من بين مزارع الرز العنبر في جنوب بلادي... لا اعرف ولكن الحقيقة اني عراقي فقط ولايهمني ما يحصل في هذا العالم من مشاكل او افكار لاتغرس في قلبي حبي لبلدي... لقد زعل هذا (المثقف) الجزائري ونعتني بالبعير الاجرب...حين قلت له رأيي في قصيدته الشتيمة...ولا اعرف ان كان ينعتني هكذا ليثبت عروبته امامي... ام لانه يكره الجمال والبعران...لقد تعودنا ان نسمع الكلام البذيئ بحقنا ونسكت... هذه الحالة ظهرت الى العلن بعد سقوط صدام وسقوط كل الاقنعة عن الوجوه التي كانت ولازالت تتربص بالعراق شرا...وما سلوك هذا الاخ الجزائري من تنكره لاصله البربري الا مصيبة المصائب التي حلت في بلاده...فسياسة الفرنسه التي قادتها فرنسا لطمس هوية هذا البلد ..وجاء العروبيين القومجيين الذين اجبرو سكانه الاصليين على تعلم اللغة العربية بعد ان تفرنسوا وبهذا اخذ الفرنسيين من ارواح الشعب الجزائري اكثر من مليون ضحية والان فعل المستعربون نفس الشئ ..فالمدن الجزائرية يجب ان تكون باسماء عربية وسكانها الاصليين يريدونها بربرية ...وبين سياسة الفرنسه وسياسة التعريب لازال الشعب الجزائري يكافح وينزف جرحة دما جرارا...الان ظهر من هو اخطر من ذلك كله وهي الاصولية الاسلامية..وظاهرة الذبح والابادة الجماعية..وماحصل في الجزائر لايختلف عن ما يحصل في العراق... ان الصفاقة التي نسمعها كل يوم بحق الشعب العراقي في الاعلام العربي تجعلنا امام السؤال الكبير وهو..... متى سنطالب بحقوقنا في حفظ كرامتنا ومحاسبة كل من يتطاول علينا؟...في اوقات كثيرة ظهر على وسائل الاعلام شاتمين لنا من دولة مصر مثلا.. وكان الجميع يردد بانهم حالة فردية ولايعبرون الا انفسهم ومنهم مصطفى بكري واشرف بيومي وغيرهم ...ولكن حديث الرئيس المصري حسني مبارك الاخير بحق العراقيين اكد ان هؤلاء هم منهج مخابراتي مدروس يروج لافكار وطروحات تغذي الكره والبغضاء بين العراقيين وان هؤلاء يمثلون سياسة بلادهم ...وهذا الكلام ينطبق ايظا على بقية الناحبين على ملك البعث الضائع...او حتى الحالمين الجدد بدور في العراق ... الذي لايعرفه العراقيين بكل اطيافهم ...هو ان الطامعين ببلدهم وثرواتهم لن يتركوهم يهنئون بمالديهم, ولن يجدوا الاستقرار ماداموا هم الموافقين على تدخل الغير في شؤونهم...وعدم معرفتهم هذه نابعة من الايام العصيبة التي يعيشونها الان وكل ذلك من قلة تدبيرهم وسطحية مايفكرون فيه ..هناك شعوب كانت ترزح تحت نير العنصرية والتفرقة والطائفية وهي الان تستجدي الشعوب للهجرة اليها ..والاستيطان في اراضيها مثل المانيا ومعظم الدول الاوربية وحتى الدول الاخرى مثل امريكا واستراليا وكندا تشجع الكفاءات والشعوب الاخرى للهجرة..من اجل التنوع العرقي الذي يجلب الرفاهية والاستقرار بين افراد الشعب الواحد ولكن العراقيين لديهم قوميات لاتتعدى اصابع اليد العشرة ويذبحون بعضهم..اليس هذا اجحاف بحق بعض ..حتى وصلت الامور ان جار من مذهب يقتل جاره من المذهب الاخر وهم الذين عاشوا العذاب والقهر والحروب بكل تفاصيلها ايام الدكتاتورية. هناك حقيقة اخرى وهي... لوكانت دول الجوار دول عادلة مع شعوبها او لديها مشاكل غير مشاكلنا.... لكنا من اول الطامعين بتدخلهم للمساعدة في حل امورنا التي وضعنا فيها حكامنا الاغبياء الفارغين ...ولكن الحقيقة المرة هي ان جميع دول الجيران تربطنا بهم صراعات واطماع بين مد وجزر ..فتارة يحتل الفرس بلدنا ويجعلون.. المدائن او طيسفون.. قرب بابل عاصمة العراق القديم ويعلنوها عاصمة لهم ولعراقنا المحتل ...وتارة يحتلنا العرب ويبنون مدينة بغداد قرب عاصمة البابيلين ايظا على ارضنا ويجعلوها عاصمة لدولتهم..ثم ياتي الاتراك بعد ادعائهم بمقاتلة المغول وتحرير اراضينا منهم ...يستعبدونا اكثر من 500 عام ونصبح ممر لامبراطوريتهم ويحكمونا بالخازوق والتتريك والتجهيل ونهب الثروات....وياتي بعد ذلك نظام الطائفة الواحدة وريث العثمانيين.... ويفعل مثلما فعل سلفه العثماني...حتى وصلت الامور ان يتصور هذا(المثقف ) الجزائري ان دجلة في وهران وهي من حقه وليس من حق العراقيين لانهم ليسوا من مذهبه ... الان وقد تحرر العراق من كل هذه التركة الاحتلالية الثقيلة ...نرى ان العراقيين لازالو يتقاتلون على طريقة حكم بلدهم...لازالوا يتصورون ان من يحثهم على التقاتل فيما بينهم يريد الخير لهم...وهذا هو الجرم الذي لايغتفر بحق البلاد...على الجميع ان يعرف ان ضعفنا هو الذي جعل طمع الاخرين بنا كبير... فماهي الفائدة التي يجنيها المواطن العراقي عندما يذهب البعض من السنة ليجعل مستقبل العراق مرهون بمزاج الحكام العرب الذين اضاعوا حقوق شعوبهم وحقوق حتى الفلسطينيين الذين رهنوا قضيتهم بايدي هؤلاء...وفي نفس الوقت مالفائدة من التحالف مع ايران كما نراه من بعض القوى الشيعية في العراق... الانظمة العربية تقودها عصابات وعوائل مستهترة بكرامة الشعوب العربية وتجثم على صدور شعوبها منذ اعلانها دول لها حدود... وفي ايران نفس الحالة دولة بتصرفاتها وسياساتها لايفكر فيها الحاكمون الا بانفسهم وجبروتهم...فما الفائدة من ان تحصل مواجهة بين الشعب الايراني المعدم ودول قطعت شوطا كبيرا في كل المجالات...فما هي الانجازات التي حصل عليها الشعب الايراني؟.... حرب استمرت ثمان سنوات قصم فيها ظهر الاقتصاد الايراني.... وكذلك ابادة جماعية لاخوانهم في المذهب والدين في العراق من خلال زجهم في حرب ليس لهم فيها اية مصلحة...وحتى الان عملية تدخل الحكومة الايرانية في شؤون العراق لاتخلوا من الانانية تماما كما يحصل في الجانب الاخر من شط العرب حيث الغطرسة والنفخ الفارغ وتكرار حماقات صدام وعصابته.... اي حكمة تجعل بعض العراقيين يرهن مستقبل العراق بدولة تريد زج شعبها في مجابهة غير متكافئة...وخطرة الى حد ان الشعب الايراني مهدد بزجه في حرب تستخدم فيها اسلحة غير تقليدية...وستكون وبالا على المنطقة اكثر من ماهي على الشعب الامريكي... الذي يبعد عشرات الالاف من الكيلومترات عن موقع الصراع...فلولا تطمينات بعض الذين كانوا منتفعين من توريط العراق في حروب صدام من ان امريكا لن تغير نظامه لان ذلك يتعارض مع تركيبة المنطقة الطائفية وخدمة لمصالح ايران في المنطقة عبر اعطاء الحكم للاكثرية الشيعية في العراق واحقاق الحقوق للشعب الكردي في كردستان العراق...لاستطاع صدام فعلا التفكير في استخدام الاسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية...ولكن هذه التطمينات انقذت المنطقة من ابادة متهورة محققة...فاخر التقارير الامريكية كشفت ان صدام بسبب هذه التطمينات كان يخشى من التغيير من الداخل عبر انتفاضة شعبية تطيح بنظامة اكثر من اجتياح قوات التحالف للاراضي العراقية واسقاطه.... بقي ان يعرف القارئ الكريم اني نصحت الاخ الجزائري... بان نظم القصائد والتغني في بلده الجريح افضل من حشر انفه في شأن داخلي عراقي لاعلاقة له فيه لامن قريب ولامن بعيد ...فالجزائر تقع في افريقيا... والعراق في اسيا ..ولا اعتقد ان تدخله في شؤون بلادي سوف يعيد ارواح الشهداء في بلده الذي تنخر فيه العنصرية والطائفية والتبعية وكل انواع الذباحين والمتفرنسين والعروبيين القومجيين الذين جعلوا من هذا البلد خيمة في مهب الريح.....واتمنى ان يكون هذا الاخ الجزائري عونا للشعوب المقهورة لا عوننا للارهابيين والدكتاتوريين..وعسى ان يعلمه وجوده في بريطانيا معنى التعايش بين الشعوب ومعنى الديمقراطية والمجتمع المتمدن....
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |