|
شهامة الرجل الكوردي محمود الوندي عندما أطلق طاغية العراق صدام حسين عنان أجهزته الحزبية والأمنية المختلفة من القوات المسلحة لأبادة الجماعية للشعب الكوردي تحت أسم عمليات الأنفال السيئة الصيت ، و بأشراف وقيادة علي حسين المجيد مسؤول منطقة كوردستان أنذاك ، وبعد أن تم تخويله بصلاحيات أستثنائية واسعة ، وتقدم الجيش العراقي بأتجاه منطقة أغجلر التي تقع شرق مدينة كركوك {عمليات الأنفال – المرحلة الثالثة }، للمداهمة القرى والقصبات تلك المنطقة لقتل وأعتقال العوائل الكوردية العزل ، ونهب وسلب ممتلكاتهم ، وهدم وحرق البيوت والأبنية مثل المستشفيات والمدارس والمساجد . أثناء تقدم الجيش العراقي نحو ناحية أغجلر ، لقد تصدت لهم مفرزة من بيشمركة الأبطال وعندما حاولوا الدخول الى المنطقة بعد الفجر ، ودار قتالاً عنيفاً أستمرحتى ظهر وقتل ثلاثة من الجيش العراقي وأصابة أربعة أخرين ، ولم يستطيع الجيش من تقدم نحو الأمام إلا أنسحبت المفرزة بسرعة غيرمتوقعة من المعركة ، وبعد أشتبكات عنيفة حصلت صباح اليوم المذكور، ولم يعرف سبب أنسحابها وبشكل مفاجئ { تبين بعد ذلك أستخدام الأسلحة الكيمياوية بدون علم القوات المسلحة }، وأستمر تقدمهم نحو ناحية أغجلر والقرى المحيطة بها ، خوفاً أو أرضاءً لتنفيذ أوامر سيدهم لقتل وحرق من فيها ، وشاهدوا أثناء مرورهم عدد من الحيوانات والطيور نفوقين على طول الطريق المؤدي الى قريتي عسكر وكوك تبة . لكن لم ينتبه الجيش العراقي ومن معهم الى ذلك المشهد المثير وأستمر تقدم نحو تلك القريتين ، وإذا برجل عجوز يتجاوزعمره خمسة وسبعون عاماً وبملابسه الكوردية ويلوح بيديه لتوقف الجيش عن مسيرته ، وعندما سئل الرجل الكوردي من قبل أحد الضابط عن سبب توقفهم عن المسيرة بدون خوف ، فقال له أتريد أن تموت أنت وجيشك ؟ وأستمر الرجل الكوردي في كلامه قائلاً وأنا جئت لأنقذكم من الموت المحقق ، لأن طائرات الحربية العراقية قامت بألقاء حمولتها من قنابل الغازات السامة وقنابل الحارقة على روؤس أهالي قريتي عسكروكوك تبة والمحيطة بيهما ، مما أدى الى وفاة أعداد كبيرة وأصابة أخرين بجروح وحروق وجلهم من الأطفال والنساء والشيوخ ، وتعجب الضابط من كلامه وسأله كيف تنقذنا من الموت ؟ ونحن جئنا لقتلكم وأنت تريد أن تنقذنا ، فقال الرجل الكوردي له أعرف كل شيء ، لأنك إذا لم تنفذ أوامر سيدك سوف تعدم وعليك تنفذه ، وأما أنا لا أخاف الموت لأن جميع عائلتي لقوا حتفهم قبل دقائق ، ولكن أحب أيصال هذه الكلمات الى سيدك بأن الشعب الكوردي لا يهاب بالأسلحة الكيمياوية ولا بعمليات الأنفال لأنه مثل الشجرة كلما تقطعها تعود تخضر مرة أخرى ، ونبقى نقاتل من أجل حقوقنا المشروعة ودفاعاً عن أرضنا وشعبنا وكرامتنا . بعد أن تحير ذلك الضابط بشجاعة وشهامة الرجل الكوردي وبقى صامتاً بعض الدقائق ونزل الدمع من عينيه وتكلم مع صاحبه بصوت خافد خوفاًعلى نفسه من مخبرين النظام داخل الجيش العراقي ما ذنب هذا الشعب المسكين الذي يقتل بدون ذنب ويحرق بيته وقريته بسبب أنه كوردي ، صحيح أن هناك متمردين { يقصد بيشمركة } ، ولكن هذا لا يبرر إبادة منطقة كاملة وقتل وحرق من فيها بأشد أنواع الأسلحة الفتاكة . وقال ليس لدي أي حيلة ( أي لم يكن لدي شيئاً أن أعمل سوى أنا عبد المأمور) سوف أنقل هذه الحادثة وبصدق الى أصدقائي حول شهامة وشجاعة الرجل الكوردي ، ولا أنسى هذا الموقف الجريء الذي تبناه الكوردي الشهم .
الملاحظة : - الضابط المذكور في مقال هو الذي نقل لي الحديث بحذافيره وهو من أصدقائي .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |