|
الشخص المناسب في المكان المناسب ..! هادي فريد التكريتي بعد معاناة معمدة بدماء المئات من الضحايا العراقيين ، وبعد محنة عاشها العراق وشعبه ، كادت أن تودي به بحرب أهلية ، ما كان لأحد ما أن يتكهن بنتائجها ، انفرجت أزمة انعقاد المجلس النيابي ، ليصار إلى اتفاق بين القوى الطائفية والعنصرية على تقسيم الغنائم ، وفق ما رسخه قانون إدارة الدولة من محاصصة ، رئاسة مجلس النواب للعرب السنة ، ورئاسة الدولة للكورد ، ورئاسة الحكومة للعرب الشيعة ، أما الأطياف الأخرى من العراقيين ، من قوميات ومذاهب ، وقوى سياسية وطنية وديموقراطية ، فلا وجود لها وفق عرف وفهم أقطاب الطوائف الذين تقاسموا العراق ، عادت \" حليمة \" لممارسة نهجها القديم ، ولا أحد يدري لم إذن كل هذه الضحايا المغدورة ، وشظف الحياة وقسوتها التي عاشها العراقيون . الحمد للشعب الصابر على أفعال ونهج ساسته ، الذين لم يكن بينهم حكيم ، يستشرف حدود غضب الشعب ، حين يعصف غدا\" بكل من في المجلس النيابي الجديد ، وبكل ما سيقدم عليه من خيارات قادمة ، وهي لن تكون بأفضل مما تمخض عنه أول اجتماع له باختيار الرئيس ، ف \" ممثلو الشعب \" من أرباب الطوائف والعشائر ، باتفاقهم على تسمية الدكتور محمود المشهداني رئيسا للمجلس ، ليس لم يكن موفقا ، بل وجه استهانة كبرى لوعي الشعب وقواه السياسية ، فالرئيس الجديد ومنذ النظرة الأولى عليه ، وهو يسبح بمسبحته ـ لا بارك الله له فيها ـ يدلل على أنه شيخ عشيرة فاشل ، ورث قيادتها وهو لم يستوعب بعد أعراف عشيرته ، ولم يمارس قبل الآن إصدار أوامره على أزلامه وخدمه ، وفق روح العصر الذي اختلت فيه المقاييس والقيم ، فخطابه الذي ألقاه بعد تسميته رئيسا لهذا المجلس المنكوب ، لم يستوعب ظروف المرحلة واستحقاقاتها ، وما يريده الشعب منه ، كما لم يبدر منه ما يدلل على أنه \" ثقيل \" في تصرفاته ، فكل ما بدر منه في هذه الجلسة ، يدلل على أنه في مقهى شعبي من مقاهي جسر الشهداء في الكرخ ، بين شلة تتبادل حديثا فجا وتعليقات هابطة وسط ضجيج الرواد . لا يمكن أن نلقي باللوم على كل الكتل الطائفية والعنصرية التي وافقت على ترشيحه ، إنما كل المسؤولية تتحملها الكتلة \"السنية \" التي رشحته وفق نصيبها من الحصة \" التموينية \" الإنتخابية . السيد رئيس المجلس النيابي ، الدكتور محمود المشهداني ، كل مؤهلاته أنه محكوم عليه بالاعدام سابقا ، وخفف الحكم برشوة مدفوعة لرئيس محكمة الثورة ـ وهذا يعني مستقبلا التعامل وفق هذا المبدأ ، ولا حاجة لهيئة النزاهة ـ هذا كل ما ُعرف عن الرئيس لهذا المجلس ، بغض النظر عن كونه طبيبا عسكريا ، وهنا لا ندري إن كان فاشلا أم ناجحا في مهنته .؟ السؤال المهم ، هل المبرر لتوليه مثل هذا المنصب فقط كونه محكوما بالإعدام من قبل النظام البعثي ؟ إن كان هذا فقط هو السبب الذي دفع كتلته لترشيحه ، فهو أمر بائس ولا يستحق تسميته لمثل هذا المنصب المهم ، فكثيرون هم الأحياء الذين حكم عليهم بالإعدام نتيجة لاشتراكهم الفعلي في عمل لإسقاط النظام ، إلا إن هذا لا يبرر تسنمهم لمنصب قيادي في مؤسسة تشريعية ، أو حتى غيرها . من خلال بعض ما بدر منه ، والمخفي أعظم ، من تعليقات على أسئلة النواب أو النقد الموجه لخطابه ، أن \" الرئيس \" الجديد للمجلس ذو وزن \" خفيف \" لا يتمتع بالرصانة والحكمة ، التي تحتاجها قيادة لمثل هذه المؤسسة التشريعية ، فتعليقاته عندما كان طبيبا عسكريا ، التي أودت بحكم الإعدام عليه، هي على شاكلة تلك التي سمعنا نموذجا منها خلال جلسة التنصيب ، كأن تكون قد لامست تعريضا أو ُهزأ وسخرية بشخصية سيده القائد ، وربما ادعاءاته المتوازية مع دعاوى \" خلف بن أمين \" ، التي قام بنقلها الرفاق الوشاة ، كانت السبب وراء الحكم عليه بالإعدام . منصب رئيس المجلس النيابي ، أو أي منصب رفيع في الدولة ، يتطلب في شاغله ، توفر مواصفات العلم والحكمة والمقدرة والصبر ، إلى جانب قوة الشخصية ومؤهلات القيادة الأخرى ، وهذه كلها ، ابتداء ، بقراءة شخصية السيد محمود المشهداني غير متوفرة فيه ، وستنعكس سلبا على المجلس النيابي القادم ، وجلساته التي ستكون عاصفة نتيجة ما هو مطروح أمامها من تشريع للقوانين التي تجسد نصوص الدستور . سيعاني العراق وشعبه كثيرا من نهج المحاصصة اللاوطني ، وفق مبادئ طائفية ـ عنصرية ، فتغييب القوى الوطنية والديموقراطية واستبعادها عن مركز اتخاذ القرار ، ينفي عن الحكومة القادمة صفة \" حكومة وحدة وطنية \"، وهذا ما سيلقي بظلاله السلبية على مسيرة المجتمع اللاحقة ، فما يحتاجه العراق اليوم وغدا ودائما ، هو أن يحل الشخص المناسب في المكان المناسب ، بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية والجنس ، وهذا ما لم يتوفر حتى الآن في لوحة الدولة .
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |