|
متى يقف بريمر الى جانب صدام في قفص الاتهام؟؟! رزاق عبود بعد ان دمرت عساكر بوش كل شئ حي في العراق، وقصفت الجسور، والبيوت، والمصانع والمصافي، والمعامل، والمدارس. (لم يقتل ولا قيادي واحد من ال55 المطلوبين ما عدا عدي وقصي في مواجهة مسلحة). هذا يعني ان القصف كان يستهدف مؤسسات الشعب العراقي ونتاج بناء الاجيال. كي تقوم الشركات الامريكية، والانكليزية بعد ذلك ببناء ما دمرته جيوشهم، وباسعار يقررونها هم لانعاش اقتصادهم الراكد ايام الحرب. بعد كل هذا الخراب المنظم(بعد خراب العراق) ارسل لنا الرئيس المؤمن حاكما "مدنيا" حتى اسمه مخزي "بول" بريمر. (بالمناسبة كان اسم مستشاره الانكليزي مستر هتلي). عاشت الاسامي. فاكمل حاكمنا الجديد تهديم، وتفليش، وتحطيم، وتخريب، وحرق كل ما بقي، بالصدفة، بعد القصف بالطائرات، والصواريخ، والمدافع، والدبابات، ورشاشات الكابوي الامريكي. وقد عمل على استمرار الفرهود الذي كان يشجع عليه لتبث الصورعبر الفضائيات الامريكية لتريهم أي "همج" هؤلاء العراقيين الذين هدى الله النبي بوش لانقاذهم! وواصل هذا المتخصص بمكافحة الارهاب ارهاب الشعب العراقي بجنوده، وحرسه، ودورياته، وعنترياته، واجراءاته اللا مدروسة. مارس التخريب المنظم كأي عثة لعينة. ففتح الحدود لدخول من كان ينتظر من الارهابيين، وقطاع الطرق، والقتلة، والمجرمين، والسراق الدوليين، وجواسيس الدول الاجنبية، ومهربي الاثار، وتجار السلاح، وغيرهم. وحل الجيش العراقي، واجهزة الامن، والمخابرات التابعة للنظام السابق . وترك البلاد بلا جيش، ولا شرطة، ولا نظام، ولا حتى، شرطة مرور او سواق اسعاف. تحولت ارض العراق الى غابة اسلحة يتجول فيها كل حاقد، ومجرم،وسارق، ومختطف،وسلاب، ونهاب. كل الانقلابات في العالم، وخاصة في العراق، يتبع البيان الاول فيها نداء لقوى الجيش، والشرطة الالتحاق بمواقعهم. هذا ما فعله انقلابيو البعث في شباط عام 1963وانقلابي تشرين من نفس العام بقيادة عبد السلام عارف. ثم انقلاب 17 تموز وبعده 30 تموز عام 1968. وبعدها تم تسريح الضباط غير المرغوب فيهم، او اعتقال من هو خطر منهم. فالقانون العسكري صارم وكان اغلبهم سيلتحقون بمراكزهم التزاما بالامر العسكري، لو اراد بريمر ان يستتب الهدوء في العراق. وقد فعلت ثورة14 تموز1958 نفس الشئ. لكن بريمر اعطى رجال صدام المجال لاعادة تنظيم انفسهم سرا، والتحول الى التمرد المسلح، والتعاون مع ارهابي القاعدة، وهذا ما انذر، وهدد به اعلام النظام، قبل واثناء الحرب، وما ردده الصحاف حتى اخر لحظة. لكن بريمر، وسيده بوش لم يريدا الاستقرار، والامن، والانتقال السلس للسلطة بل ارادوها فوضى ليتمكنوا من تحويل العراق الى مصيدة للارهابيين من كل انحاء العالم، وتحويل العراق الى الجبهة الاولى في محاربة الارهاب العالمي فتحول ما يسميه البعض "تحرير" العراق من صدام الى تحرير امريكا من الهجمات الارهابية على حساب ارواح، ودماء العراقيين. أي وقع العراقيين المساكين في الفخ المشترك للارهابيين، والمحتلين. المدن الامريكية امنة، والمدن العراقية صارت ساحات حرب. جاء مجلس حكمه على اساس طائفي، وقومي، وهو الجرح، في الجسد العراقي، الذي سيظل ينزف لفترة طويلة. كل المصانع، والمعامل، والطرق، والجسور يمكن اعادة بنائها، ولكن وشائج التعايش التي مزقها بريمر بطائفيته، وعنصريته(التي صفق لها البعض) ستبقى تعرقل مسيرة الديمقراطية الحقة لحقبة طويلة من الزمن. وهذا ما نلمسه يوميا من فشل الحكومات المتعاقبة بسبب السياسة الطائفية والعنصرية، التي فرضها على العراق كما فرضتها فرنسا على لبنان. وفي الوقت الذي امضى الامريكان 11 عاما يكتبون دستورهم فرض بريمر حسب قانون ادارة الدولة المؤقت على العراقيين ان يكتبوا دستورهم خلال اشهر قليلة. فعمق ازمة العراق، وعقدها، واطال امدها، ورحل نارها الى اجيال قادمة. وان استمرت الحرب الاهلية في لبنان 16 عاما فان الحرب الاهلية، اذا اندلعت، بشكل رسمي، في العراق فربما تتجاوز امد حرب داحس، والغبراء وتمتد لتشمل المنطقة كلها، وستحرق الاخضر، واليابس. وهذا ما يسعى اليه اسياد بريمر الاسرائيليون الذين يريدون للمنطقة ان تشتعل لينعموا هم بالسلام بالضبط كما يفكر بوش. ولاعادة نفس لعبة صدام السابقة عندما حول الانظار من الخطر القادم من تل ابيب الى الخطر القادم من طهران. رغم ان الاخيره تتحمل بعض المسؤولية عندما رفعت بحماقة شعار تصدير الثورة. وهذا الشعار رفعه بالتاكيد عملاء الموساد في الثورة الاسلامية. ويبعث،للاسف، من جديد على يد الرئيس نجاد. ماكانت الامور ستاخذ هذا المنحى لو ان الامريكان سلموا السلطة الى العراقيين مباشرة. لو انهم سلموا المدن التي "حرروها" الواحدة بعد الاخرى الى الاهالي. الى ممثلين من مؤتمر لندن. كانت هناك حكومة كاملة،كما يقال، تنتظر استلام السلطة متواجدة على الاراضي الكويتية لكن الامريكان ابوا الا ان يتركوا العراق اسير الفوضى، والاضطراب، والفرهود، والقتل العشوائي، والسلب، والنهب، والارهاب، والاحتقان الطائفي. وعاد البعثيون الهاربون المذعورون من جديد الى سيوف مشهورة فوق رقاب العراقيين من الشمال الى الجنوب. واصبحت امام العراقيين ليس فقط مهمة ازالة اثار الديكتاتورية الصدامية، بل ازالة اثار الجرائم الامريكية بقيادة، وزعامة بريمر، والتي لا زالت مستمرة بالدوس على السيادة، والكرامة الوطنية، والتدخل الفض في شؤون العراق رغم قرارات مجلس الامن الذي جعل تحرك قوات الاحتلال حسب رغبة، وموافقة الحكومات العراقية. لكن الواقع هو ان كل القوات المسلحة العراقية تسير حسب اوامر ورغبات القوات الامريكية وبما يخدم مخططها في المنطقة كلها وليس في العراق فقط. ان جرائم بريمر خلال سنة واحدة تعادل جرائم صدام خلال ال35 سنة التي حكم فيها العراق بالحديد والدم. فمتى يطالب الشرفاء من سياسي العراق بمحاكمة بريمر الذي جعل من العراق طاحونة موت دائمة الدوران؟؟
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |