تقييم محايد لمسيرة الائتلاف العراقي الموحد! (الجزء الاول)

 رياض الحسيني

كاتب صحفي وناشط سياسي عراقي مستقل

www.riyad.bravehost.com

الائتلاف العراقي الموحّد اشهر من نار على علم كما يقول المثل العربي المعروف! ولكن ربما يتسائل البعض كيف تسنى لهذا التشكيل الحديث الاستحواذ على الشارع الشيعي وحصد 90% تقريبا من الاصوات لتؤهله ان يكون اكبر كتلة برلمانية سلّمت له باقي الكتل بحصة الاسد من المناصب سواء السيادية منها او الخدمية؟! وهل سيتمكن هذا التكتل من ان يؤمّن للعراق الاستقرار وللشعب الرفاهية والامان كما وعد في دعاياته الانتخابية؟ وهل بمقدور هذا التكتل ان يستمر في وحدته ويتسع ليستقطب اخرين ام انه سيكون سببا في تفرّق من جمعتهم شهوة المناصب على حد اتهام البعض للمنضوين تحت راية الائتلاف؟

لم يكن الاعلان عن الائتلاف العراقي الموحّد كتكتل سياسي معروف الا بعد الاعلان والتحضير لانتخابات المجلس الوطني الاولى وذلك في كانون الثاني من عام 2005. اما تشكيلته بعد انتخابات المجلس الوطني الثانية كانون الاول 2005 فقد تغيرت بعض الشئ حيث دخلها التيار الصدري بشكل علني من جهة وخرجت منها بعض الشخصيات من جهة اخرى لتدخل الانتخابات ضمن قائمة منفردة اطلقت على نفسها "قائمة كفاءات العراق المستقلة" التي تزعمها الدكتور علي الدبّاغ اضافة الى المؤتمر الوطني بزعامة الدكتور احمد الجلبي الذي اثر هو الاخر دخول الانتخابات بقائمة خاصة به. وبذلك فقد استقرت قائمة الائتلاف العراقي الموحد على تشكيلات سبعة كوّنت لنفسها فيما بعد ماسمي بـ "اللجنة السباعية" لتسهيل عملية الاتصال فضلا عن سرعة اتخاذ القرارات التي تتوجب الرد السريع خصوصا في المفاوضات التي دخلتها القائمة مع القوائم الاخرى فيما بعد. اما التشكيلات السبعة التي ضمّها الائتلاف العراقي الموحّد بتشكيلته الحالية فهي:

1. "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق" بزعامة اية الله السيد عبد العزيز الحكيم

2. "حزب الدعوة الاسلامية" بزعامة الدكتور ابراهيم الجعفري

3. "حزب الدعوة الاسلامية -تنظيم العراق" بقيادة السيد عبد الكريم العنزي

4. "التيار الصدري" بزعامة حجة الاسلام والمسلمين السيد مقتدى الصدر

5. "حزب الفضيلة" وقائده الروحي والفعلي (اية الله العظمى محمد اليعقوبي) ممثلا بأمينه العام الدكتور نديم الجابري

6. "منظمة بدر الاسلامية" بقيادة السيد هادي العماري

7. "المستقلون" بزعامة الدكتور حسين الشهرستاني

 من خلال نظرة فاحصة لتلك التشكيلات السبعة يتبين لنا سبب استحواذ ائتلافها على 47% من مجموع مقاعد مجلس النواب ذلك لان الشعب العراقي باغلبيته يتمتع بهوية اسلامية من جهة وطابع شيعي من جهة اخرى خصوصا في العاصمة بغداد والوسط والجنوب بما تمثله تلك المناطق من الثقل السكاني الاكبر للعراق. هذا فضلا عن الاستهداف التكفيري بابشع صوره وبشكل منظّم ويومي للشيعة مع انتهاج القتل العمدي على الهوية والاسم وهو ما اوحى لهذه الملايين المستهدفة ان تبحث عن منقذ لها من اوساطها ممن تثق بهم ويشهد لهم تاريخهم الجهادي بالسيرة الحسنة والتضحية. اضف الى ذلك الاستقطاب الطائفي الذي بدأ سباقه منذ ان سقطت الديكتاتورية ونظامها البشع وانتهاج بعض الجماعات المسلحة سياسة الاستقواء ببعض دول الطوق العراقي وبالمرتزقة القادمين من وراء الحدود على ابن الوطن في محاولة مكشوفة لاستعادة الواقع المرير الذي سبق التاسع من نيسان 2003 فيما هو يوم سقوط الديكتاتورية وتحرير الشعب من سلطة الجلادين وارباب السوابق. بعد هذا كله شكّل الائتلاف العراقي الموحّد للغالبية العظمى من الشيعة تحديدا املا جديدا ومستقبلا واعدا وعنوانا بارزا في الصراع وسدا منيعا ضد الارهاب.

من المآخذ البارزة التي يأخذها غرماء الائتلاف العراقي الموحّد عليه خلال مسيرته خلال عام ونيّف انه ائتلاف شيعي بالدرجة الاولى! اما بعض المريدين له والمؤيدين لقياداته فيلقون باللائمة عليه فيما يخص سياسة "طول النفس" التي انتهجها الائتلاف سواء مع خصومه السياسيين او في معالجته للملف الامني! هذا فضلا عن "التنازلات" التي قدّمها الائتلاف للاخرين والتي يرى فيها بعض هؤلاء المؤيدين انها لم تكن في محلها وليس لاهلها؟!

للرد على هذه الملاحظات طبعا لابد من الرجوع الى الدواعي والاسباب لمثل تلك التي لا تطعن او تشكك في نهاية المطاف بنزاهة الائتلاف كأكبر ممثل شرعي للشعب العراقي في البرلمان والحكومة. فيما يخص الذين يتهمون الائتلاف بالتشيع فتلك صفة يفتخر بها كل عراقي ينتمي الى مذهب اهل البيت عليهم السلام. اما لو كانت الملاحظة هذه من باب الصاق تهمة ما فالتاريخ والحاضر يشهدان وبما لايقبل الشك بنزاهة ووطنية اتباع مذهب التشيع لاوطانهم والتصاقهم بقضايا الامة المصيرية. بيد ان الغرماء السياسيين انما استخدموا هذا النفس الطائفي لتفريق الناس عن الائتلاف الامر الذي جاء معاكسا تماما حيث زاد التأييد لهم في اشارة واضحة للاستقطاب الطائفي الذي انتهجه الاخر لحصد اصوات دوائرهم الانتخابية متناسين ان هكذا استقطاب هو سلاح ذو حدين الامر الذي عاد بالضد على الاخرين. اما اتباع الائتلاف العراقي الموحّد فليسوا بالضرورة من الذين يقرأون المستقبل بشكل جيد ومع ذلك فهؤلاء من الذي يعطون ولايأخذون تماما كما هم في كل زمان. بل وتتحكم فيهم الروح الثورية التي تستبطن حبا وتفانيا الامر الذي يحوّل مأخذهم هذه مستقبلا الى اعتراف بقدرة القيادة لادارة دفة الصراع خصوصا في الظروف الحالكة كالتي يمر بها العراق. الحقيقة ان الصراع الذي دخله الائتلاف العراقي مرير جدا ليس لانه صراع "كن او لاتكون" وانما لان الاستهداف كان على اكثر من صعيد والاستعداء اكد تورط اطراف ليس محلية فحسب وانما دولية ايضا. هذا الوضع جعل الائتلاف العراقي في امتحان صعب للغاية ليس امام الناخبين فحسب وانما امام الراي العام العربي والدولي. كان المراد من ذلك كله الاطاحة بالائتلاف بشتى السبل والوسائل ولكن القدرة على ادارة دفة الصراع التي تمتعت بها قيادة الائتلاف كانت كما يبدو اقوى وعلى دراية بالمخطط والافخاخ التي نصبت له.

من المؤكد ان هنالك خلاف حول طرق المعالجة التي انتهجها الائتلاف العراقي الموحد والتي لم ترق احيانا حتى لمن هم في داخل الائتلاف فضلا عمن هم في خارجه! ومما لاشك فيه فان الائتلاف كأي كيان سياسي في العالم الديمقراطي اليوم فهو مطالب من جماهيره بادنى حد من الاخطاء او التنازلات سواء من خلال تعامله مع الكيانات المحلية الاخرى او التمثيليات الدولية. ولكن الوضع الاستثنائي الذي يمر به العراق لايخضع بالقطع لهذه التوصيفات التي هي مصممة اصلا لوضع مستقر وليس مظطرب كوضع العراق في ظل الاحتلال من جهة والاعمال الاجرامية والارهابية التي تقوم بها الجماعات التكفيرية والبعثية من جهة اخرى والمسنودة علنيا من كيانات سياسية مشخّصة ومعروفة. هذا ناهيك عن رفض اطراف محلية اخرى رفضا قاطعا في احايين كثيرة للمعالجات التي انتهجها الائتلاف وبالاخص مايندرج منها ضمن الملف الامني والذي يعتبر اعقد ملف يواجه اي حكومة كانت في اي مكان على وجه البسيطة. لكن في النهاية يبدو ان ماحققه الائتلاف العراقي من انجازات يغفر له كل الاخطاء التكتيكية التي وقع فيها والتي فرضتها الظروف الاستثنائية للبلد على كل الاصعدة والميادين.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com