|
لابد من ضربة معلّم للغزو التركي الجديد!
محسن جوامير / كاتب كوردستاني تتناقل وسائل الإعلام الإقليمية والدولية عن إستعدادات عسكرية تركية مكثفة على الحدود التركية الكوردستانية، الغرض المعلن عنها ضرب قواعد الحزب العمالي الكوردستاني.. وقد هدد قائد القوات البرية التركية ( ياسر بيوكاليت ) في تصريحات له يوم الأحد بتصعيد الهجوم ضد الحزب المذكور.. هذا وقد جاء في صحيفة ( أكشام ـ المساء ) التركية أن تركيا نقلت نحو 10 آلاف جندي إلى الأقاليم الحدودية ليزيد عدد جنودها إلى أكثر من 50 ألف جندي. إن هذه الإستعدادات التركية تأتي في وقت تشهد المنطقة تغييرات كأنها في سباق مع الزمن، وتصميم جدي على محاربة الإرهاب وإقتلاع جذورها التي باتت تصل إلى عمق المجتمعات، واصبح كل إنسان يعيش حالة قلق متزايد تنعكس بتأثيراتها على مجمل الحياة.. وتتزامن مع التوجه العام نحو بناء صرح جديد مبني على الحرية والديمقراطية وحكم الشعوب، وإنهاء حالة القطيعة بين الحكومات والشعوب والتي تولدت عن الدكتاتوريات التي فرضتها الأنظمة الشمولية في المنطقة من خلال الإنقلابات التي أفرزت أبشع أنواع الهيمنة والقمع والتقهقر، أو تلك التي بنت أسس دولتها على بنيان العنصرية والقومية الواحدة المغلفة بديمقراطية عرجاء كتركيا التي يمارَس فيها التمييز العنصري بشكل علني، بحيث أن كل دعوة تقع خارج إطار الإستعلائية التركية، تعتبرغير سائغة وجريمة عظمى يجب القضاء عليها وإستئصالها، وتقف المطالبة الكوردية بالحقوق على قمة الهرم في التعرض للتصفية والمناهضة، حتى لو كانت خارج حدودها، وتأريخ تركيا الدموي أشهر من نار على علم بهذا الخصوص . والإقدام التركي هذه المرة والذي يبدو أنه سوف يرافقه دعم إيراني وسوري، جاء بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها من قبل عناصر صُنعت على عينها ووفق تربيتها، وهي منبوذة حتى من طرف بني قومها.. تلكم التي صورت نفسها لتركيا كالقوة البديلة في المنطقة لهدم كل تطلع كوردستاني.. ومن ثم أظهرت كل الإنتخابات التي جرت بان كل إدعاءاتها كانت بالونات أضغاث أحلام ليس إلا، وأكبر ضربة تلقتها كانت في كركوك، بعد أن تبين أن الكورد يشكلون الاغلبية الساحقة فيها، والأذناب لم يحصلوا إلا على مقعد لا أب له ولا أم في البرلمان.. ناهيكم عن الشطط والتحذيرات التي سمعناها في تلك الآونة وقبلها من المسؤولين الأتراك بعدم تهميش التركمان لأنهم قد تتجاوز نسمتهم عن ثلاثة ملايين! وبعد أن ظهرت حقيقة الألوان والأحجام وتميزت العمالقة من الأقزام، وظهر أن أكثرية التركمان هم مع شعب كوردستان بحكومتهم ومؤسساتهم وطموحاتهم، وهناك آمال بتحقيق فيدرالية تجمع الشعوب والأوطان من كورد وعرب وكلدوآشوريين وتركمان، أصبحت اليوم تركيا أمام امر واقع، لونه فاقع، وإذا لم تتحرك فما للوضع الجديد من دافع.. وإذا بها تجعل من الحزب العمالي الكوردستاني الذي يقترب عمره في التناطح مع تركيا حوالي 30 عاما، ذريعة لخلق إضطرابات جديدة للإجهاز لا على التجربة الكوردستانية فحسب، بل على كل التحولات الحاصلة في المنطقة والتي يمكن من خلالها ـ إذا خلصت النيات ـ زرع شجرة الإستقرار بعد عقود من الإضطهاد والإنهيار . إن على شعوب المنطقة الإنتباه لخطر تركيا.. وكل محاولة تركية لزعزعة الأمن وإشاعة الرعب ونشر الدمار في الزرع والضرع في كوردستان، تعني بالتالي إفشال عملية تحقيق الإنجازات التي تاقت إليها الأطياف بعد عهود من الظلام من قوى الظلام والتي جعلتها لا تصل يدها حتى إلى ذيل قافلة الدول شبه المتحضرة.. وإن تركيا التي أذاقت الكورد في بلدها الموت والسحق، سوف لن تكون بشير سلام بجيش تنعدم فيه كل خصلة إنسانية سواء في داخل حدودها أو في خارجها . ولعل تركيا تعلم جيدا بان الكورد الذين باصرارهم وعنادهم، تهشم بنيان أكبر طاغية في الأرض، ومن ثم اصبحوا رسل سلام وعامل إستقرار لمن مدوا إليهم يد الاخوة والسلام ، قادرون على خوض جولة قد تكون أخيرة بالنسبة لتركيا، من خلال ضربة معلم لغزوهم !
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |