جلسة مجلس النواب بين السياسة والدستور

 

الباحث الحقوقي ضرغام الشلاه

dshalah@msn.com

بعد نجاح الاستفتاء على الدستور   بموجب المادة 61 من قانون ادارة الدولة لف الوضع الدستوري في العراق غموض  في شرعية اعمال الدولة ودستوريتها بسبب نشوب نزاع بين قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية والدستور الدائم في المرحلة التي تفصل بين المصادقة على الدستور الدائم والبدء في تشكيل الحكومة  الدائمة   حيث ذهب البعض الى القول ان العراق يعيش في حالة فراغ دستوري . الا ان المجلس الاعلى للقضاء حسم الامر لصالح قانون ادارة الدولة .

 في هذا الصدد لابد من الاشارة ال ان المادة 139 من الدستور حدد تاريخ نفاذه   في نشره في الجريدة الرسمية بعد موافقة الشعب عليه بالاستفتاء العام بموجب المادة 61 من قانون ادارة الدولة

يُعدُ هذا الدستور نافذاً، بعد موافقة الشعب عليه بالاستفتاء العام، ونشره في الجريدة الرسمية، وتشكيل الحكومة بموجبه.

اما قانون اداة الدولة فانه حدد المرحلة الانتقالية في المادة  الثانية منه  - إن عبارة "المرحلة الإنتقالية" تعني المرحلة التي تبدأ من 30 حزيران 2004 حتى تشكيل حكومة عراقية منتخبة بموجب دستور دائم كما ينص عليه هذا القانون وذلك في موعدٍ أقصاه
31 كانون الأول 2005, إلا في حالة تطبيق المادة 61 من هذا القانون

 كذلك فان تاسيس مؤسسات دائمة للدولة تمثل السلطات الثلاث يتم بموجب دستور دائم وليس انتقالي لذا فاننا نرى ان   الدستور الدائم يعد نافذا منذ نشره في الجريدة الرسمية وبدا تطبيقه عمليا مع اول جلسة  لمجلس النواب  . كما اشارت المادة 139 من الدستور الدائم سالفة الذكر

  بعد مفاوضات سياسية عصيبة جعلت البلاد تعيش في حالة من الفراغ السياسي انعكس على اداء السلطات واضعف ثقة الشعب في تعامل الكتل السياسية مع الديمقراطية بمسؤولية  واحترام الدستور  انعقد مجلس النواب من اجل انتخاب من يمثل السلطات  .هنالابد من الاشارة الى مايلي

  لم يتم ذكر مواد نصوص الدستور التي يستند عليها  مجلس النواب في عمله في اختيار   مجلس الرئاسة او رئيس البرلمان  ونائبيه او تكليف رئيس الجمهورية رئيس الوزراء تشكيل الحكومة, بحيث  تسارع بعض الجالسين من الحضور الى  الاختلاف حول بعض بنود  الدستور التي يستند عليها المجلس في عمله|,  ذلك يؤشر الى  غياب دور المسشارين القانونين في الاعداد للجلسة وكان العمل في مجمله مهمة  سياسية فقط

  بموجب الدستور يشترط من يتولى منصب  رئيس الجمهورية او رئاسة الوزراء او  الجمعية الوطنية او المناصب السيادية والوزارية الاخرى  عراقيا  دون الاشارة الى الطائفة او الدين او العرق ,  الا انه ما تم في  جلسة مجلس النواب يكرس عرف سياسي اذ تم توزيع  المناصب على اساس طائفي وقومي خلافا للدستور .

 بعد انعقاد جلسة البرلمان  انطلقت لعبة الديمقراطية في توزيع ادوار العمل السياسي بين الحكومة والمعارضة  في مسرح سياسي تقيده عدة عوامل منها

  1ان طبيعة التغيير  في العراق وان تم بارادة عراقية  الا انه ما كان  للعراقيين ان يقطفوا ثماره لو لا ارادة المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة هذا  يعني ان الملعب السياسي له محكم دولي ومراقبي خطوط  دوليين  يبحثون عن ادارة اللعبة وفق  مشروعا جديدا في المنطقة  يحررها  من الفاشية القومية والتطرف الديني كاحزاب الفاشية العروبية او احزاب ولاية الفقيه والتكفير

 2تردي الوضع العام في العراق بسبب الحروب والدكتاتورية ذلك يعني ضرورة ادارة لعبة سياسية تضمن اعادة بناء بنية تحتية اقتصادية واجتماعية بموجب دولة مؤسسات ومجتمع مدني  هذا  يستوجب اعطاء دور للمختصين الفنيين في ادارةالدولة اي التكنوقراط المستقل دورا مهما في العمل التنفيذي  من اجل تجاوز مرحلة اعادة الاعمار باعتبارها مرحلة انتقالية .

  3فتكت ثقافة الدكتاتورية في البنية التحتية للمجتمع العراقي ثقافيا واجتماعيا وسياسيا , مع وجود فراغ فكري سياسي بعد السقوط وتردي  الوضع الامني مع حضور العامل الدولي على الساحة السياسية ادى الى تفكك المشروع السياسي في االعراق الى ما يمثل مكوناته الاجتماعية والدينية والطائفية ذلك غيب المشروع السياسي عن عمل الاحزاب التي شكلت العدد الاكبر من المقاعد.كما ان هنالك نوع من التصور ان من يحكم هو من في الحكومة فقط خلاف ما  يضمنه الدستور من توزيع متوازن للسلطات بين الحكومة والبرلمان في دور المعارضة من خلال الرقابة على اداء الحكومة وتشريع القوانين .

  مما تقدم يمكن القول ان الخارطة السياسية بين البرلمان والحكومة.  مرهونة في اين يوجد المشروع السياسي العراقي او من يمثل الاداء الفني المهني للدولة وليس المتحزب.

 طالما ان دور المحاصصة الطائفية والقومية في مجلس النواب واضحا ذلك يعني اننا امام حالتين اما ان يتم شل عمل الحكومة  او عرقلة عمل مجلس النواب في الرقابة على الحكومة بشكل مسؤول لذلك  يتحتم على اصحاب المشروع  الوطني او صناع الدولة ان يتخندقوا  سوية في البرلمان لضمان عمل متزن للحكومة كماانه في ظل التخندق الطائفي في البرلمان لايستطيع هؤلاء اداء مهمة الحكومة بنجاح طالما عملهم يظل يعتمد على مساندة برلمان مشتت  الى طوائف واعراق.

عليه فان فعالية  اداء الكتل السياسية ذات الثقل السياسي في المشروع الوطني يكون في المعارضة البرلمانية  تستطيع ان تعمل بحرية اكبر وتعد تحالفات سياسية جديدة للمرحلة القادمة او تلتف على التشتت الطائفي في مجلس النواب من اجل تجاوز الازمة.

 ربما رافق جلسة مجلس النواب  وجوم في الوجوه وتشدد في المواقف  الا انها طرحت نموذجا جديدا في تجاوز معضلة سياسية كبيرة بلغة ونفس بغدادي, كما ظهرت الفطرة البغدادية في اداء وكلمات د محمود المشهداني اذ تجاوز البروتوكلات المرعية من اجل جلسة وفاق عراقية برئاسة ملا عبود الكرخي ...يبدوا ان الخروج من الازمة في العراق يقتضي بساطة في الكلام والمعالجة  على الرغم من هول الاحداث  .

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com