الجريمة والدجاج

حامد الحمراني

hamedalhumraney@yahoo.com

عاد الدجاج الى حياته الطبيعية في اسواق العراق  بعد الاتهامات المغرضة والاخبار الملفقة زورا وبهتانا وبتحريض  من جهات اجنبية تريد النيل من دجاجنا الوطني وبث الفرقة في أمننا الغذائي  عندما اتهمته بالتورط بانفلونزا الطيور او الاشتباه بانه يعمل لحساب هذا الفايروس العميل..

عاد هذا المكون المهم في مائدة العراقيين جميعا ليدخل من جديد الى بيوتهم ومطابخهم المنزلية وليس مطابخهم السياسية وهو مرفوع الراس وابيض الوجه

رغم الحملات التعسفية من قبل وسائل الاعلام التي تسببت باعدام الاف الدجاج في مقابر جماعية خالية من حقوق الحيوان مستفزين بذلك " برجيت باردوا " زعيمة منظمة حقوق الحيوان  وخاصة من بعض الصحفيين الجدد الذين يبحثون عن الاثارة ويغفلون الحقيقة ويريدون ان يفرقوا بين المرء وغذائه  ودق اسفين الحرب بين العراقيين ودجاجهم الذي الفوه في مطابخهم وتعاملوا معه منذ قرون واكلوه وبكل الطرق حرقا في النار " وعلى البارد " وفي الدهن وعملوا منه " المرق " واكلوه مسلوقا " ولعبو بخلقته وهلسو جلده وقطعوا اوصاله "  ولم يجدوا منه تذمرا او اعتراضا او شكوى..

 الدجاج ومن خلال تاريخه العريق يمثل قمة الشفافية في حياة العراقيين ..  كان يكبر ليطعمهم و يسمن  ليغذيهم لم ينافسهم  يوماعلى شىء ولم يزاحمهم يوما على نفط او غاز  ودخل بيوتهم جميعا ولم يفرق بين غني او فقير ولم يفرق بينهم على اساس الطائفة او العرق او القومية   وهم بدورهم كانوا اكثر انصافا وردا للجميل  فلم يصنفوه على اقليم او منطقة  فادخلوه بيوتهم سواء كان من النجف او من بيجي او من اربيل ولكن الاعلام وما ادراك ما الاعلام فقد صور بحملته الدعائية المثيرة للاشمئزاز بان الطيور وفايروساتها قدمت بشكل فيدرالي عندما وصفت الاصابة في السليمانية والعمارة بانها فايروس لاقليم الشمال واقليم الجنوب ..

لم يمضي اقل من شهرين على الحملة المسعورة ضد الدجاج حتى عاد الى طبيعته بريىء معافى نظيف الساحة   لانه يعرف جيدا ان ما يتعرض له الشعب العراقي من الضغوط السياسية والاقتصادية وانعدام الامن فان من العيب ومن العار ان يزيد احدا في معاناتهم او يسبب لهم حرجا سواء مائدتهم الطعامية او ثقافتهم المطبخية او نسيجهم الاجتماعي ..

 وكلنا يعرف ان الدجاج لم يتعرض طيلة فترة حياته مع المجتمع العراقي الى مثل هذه الازمة  - ازمة الثقة – التي كادت ترجعنا الى المربع الاول كما يقول السياسيون   الحمد لله فان العراقيين كانوا اكثر المجتمعات ضبطا للنفس واكثر المجتمعات عرفانا للجميل فان الدجاج وما يتمخض منه  اعني البيض سواء الابيض او الاحمر كان اكثر الحيوانات الداجنة صميمية والفه .. فقد تحمل ما تحمل ، تحمل حرب البسوس التي تستمر الى الان والدكتاتوريات التي حالت بينه وبين دخوله بيوت  الفقراء في النظام السابق  لكنه الان بدأ يرفع هامته شيئا قشيئا ولو بشكل تدريجي  ليصل الى قيمته " ثلاثة الاف دينار " التي تتناسب وما يقدمه من خدمات بروتينية وسعرات حرارية ..

يبقى عتبنا الغذائي على الاغنام العراقية ولحومها  التي انتهزت فرصة انشغال الدجاج بالدفاع عن نفسه والبراءة من تهمة الفايروسات حتى ارتفعت اسعارها ولكن العراقيين ايضا ضبطوا انفسهم بالرغم من ان قسم منهم تمنى ان تصاب بجنون البقر حتى تعرف حجمها الحقيق عند انخفاض اسعارها بشكل مهين ..

وهذا ما لا نريده لا لدجاجنا ولا لاغنامنا العراقية ..

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com