حكم ديمقراطي فيدرالي أم حكم طائفي إثني!

رشاد الشلاه

rashadalshalah@yahoo.se

أخيرا استطاع قادة القوائم الكبيرة من الاتفاق على تقسيم مغانم نتائج الانتخابات النيابية، بعد جولات تفاوضية ابتزازية من الجميع ومع الجميع دامت قرابة أربعة اشهر، رافقها ضغط شعبي وإقليمي ودولي للخروج من المأزق الذي عصف بالعراق. وكان مطمح العراقيين الأول وما يزال، بعد أن هانت مطامحهم، هو تحقيق الأمن، والأمن فقط ، وجاء الاستطلاع الذي أعدته 125 منظمة من منظمات المجتمع المدني في العراق ونشر يوم25 نيسان ليؤكد هذا المطلب الملح حيث تضمن إحصاءات مذهلة عن الوضع الأمني في العراق خصوصا خلال الأربعة اشهر الماضية؛ منها وقوع 5 آلاف و743 عملية، و شمول العمليات العسكرية التخريب المتعمد لدور العبادة ومقار الأحزاب وتشريد العوائل والخطف والتهديد بالقتل والعمليات الانتحارية والهجمات بإطلاق مدافع الهاون وإطلاق النار على المدنيين، مضيفا أن 95 % من هذه الحوادث سجلت ضد مسلحين مجهولين وان 80 % منها كانت نتيجة للصراع السياسي بين الكتل المتنافسة، وقد احتلت بغداد المرتبة الأولى بأحداث العنف إذ شهدت 886 حادثا تليها بعقوبة 597 والأنبار 594 ثم كركوك 261 والموصل 234 وصلاح الدين 182 والبصرة 149 فيما توزعت النسب المتبقية بين محافظات كربلاء وواسط والنجف، أما عدد المخطوفين الذين ما يزال مصيرهم مجهولا حتى الآن فهو 25 ألفا و195 شخصا بينهم 12 ألفا و237 رجلا و9 آلاف و459 امرأة وألفان و355 طفلا. وأشار إلى أن عدد الجرحى بلغ 62 ألفا و415 من الرجال والنساء والأطفال، مرجحا أن يكون عدد العائلات التي تم تهجيرها من مناطق سكناها 6 آلاف و877 عائلة في عدة مناطق من بغداد بعد أحدات سامراء وما تلاها من استهداف للمساجد. و عزا الاستطلاع سبب هذا التدهور المريع إلى وجود المليشيات المسلحة للأحزاب بالإضافة إلى ترك الحدود مفتوحة، معتبرا أن هذه الحالات هي ليست الرقم الدقيق بل هي اقل مما هو موجود فعلا!!.

 فما الذي سيقوله و يفعله حكامنا إزاء هذا المشهد المأساوي، وهل هناك ابلغ من لغة الأرقام لحملهم      على اعتماد مبدأ المواطنة والكفاءة والنزاهة في تحمل المسؤولية بدل المؤهل الطائفي أو الإثني الذي تأكد عجزه في إنقاذ البلاد بل زادها خرابا فوق خراب؟ وهل يستطيع أركان الحكم؛ وهم رئيس الجمهورية ونائباه ورئيس مجلس النواب ونائباه ورئيس الوزراء المكلف، ثم الحكومة المنتظره تحقيق الأمن بعد الفشل الصارخ الذي عانى منه الحكم والحكومة الحالية؟

 إن ما يبعث على القلق المبرر هو إن أركان حكمنا للسنوات الأربع القادمة تقلدوا مناصبهم وفق مبدأ المحاصصة الطائفية والعنصرية بإصرار و دون أدنى مواربة،  وفوق ذلك يطالب رئيس مجلس النواب د. محمود المشهداني "بتكريس مفهوم المواطنة ونبذ الطائفية وبناء دولة المؤسسات". ويصرح رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي قائلا" إننا سنشكل عائلة وكتلة واحدة لقيادة العملية السياسية لهذا البلد لا على أساس التمايزات أو الطائفية أو العنصرية و سيكون جهدنا إلغاء كل هذه المفاهيم والعمل على الهوية والشراكة الوطنية”. فهل يستطيع نبذ وإلغاء هذه الطائفية أو العنصرية وتأكيد الهوية والشراكة الوطنية من كان مؤهله الأساس إنتماءه الطائفي او إنتماءه القومي لتقلد المنصب الحكومي ؟

 إن تكريس الطائفية والعنصرية أصبح سنة في اختيار مسئولي الدولة، ومن المتوقع تأسيسا على هذا الولاء، فان أعضاء الوزارة الجديدة سيتم تعيينهم وفق ولائهم الطائفي أو العنصري، وهذه سنة قميئة ذي تداعيات خطيرة، و لا تنسجم حتى مع التظاهر بالحرص على بناء العراق الديموقراطي الفيدرالي.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com