|
تقييم محايد لمسيرة الائتلاف العراقي الموحد! (الجزء الرابع) رياض الحسيني / كاتب صحفي وناشط سياسي عراقي مستقل ليس سرا اذا ماقلنا ان "حالة كركوك" كانت السبب الرئيس للخلاف بين الدكتور الجعفري والقائمة الكردستانية ممثلة بزعيمها السيد جلال الطالباني! وليس سرا ايضا اختلاف الرؤى بين حزب الدعوة الاسلامية ممثلا بشخص الدكتور ابراهيم الجعفري والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق ممثلا باية الله السيد عبد العزيز الحكيم وهو مايتعلق برفض الاول لفكرة "اقليم الوسط والجنوب" التي يطرحها الثاني ويدفع باتجاه تحقيقها بشكل جدّي باعتبارها مطلبا شعبيا! الواضح ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية لديه اكثر من سبب لاستبدال الدكتور الجعفري بمرشحه الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية او اي مرشّح اخر يمتلك حظوظ ممثالة. فوحدة الائتلاف تحتّم على رئيس القائمة اتخاذ كل التدابير اللازمة لحفظ وحدة قائمته، هذا من جهة. من جهة اخرى حينما تأكد للسيد عبد العزيز الحكيم اصرار القوائم الاخرى على استبدال الجعفري بشخص اخر وحتى لايخسر الائتلاف العراقي الموحّد تحالفه الاستراتيجي مع الاكراد بسبب تلك القضية ولانه ليس بوسع احد تنحية الجعفري رغما عنه لذا فقد لجأ السيد الحكيم الى دبلوماسية ضرب عصفورين بحجر واحد! فطرحت القضية على الهيئة العامة للائتلاف للتصويت على اختيار مرشح الائتلاف لمنصب رئاسة الحكومة وبذلك يكون السيد عبد العزيز الحكيم قد حافظ على وحدة الائتلاف من جهة وحافظ على تحالفات الائتلاف مع الاخرين وهيبته امام الجميع من جهة اخرى خصوصا وان مبدأ التصويت قد بدا عمليا وحلا مقنعا لكل الاطراف. بيد ان نتيجة التصويت كانت مفاجأة للجميع حيث اظهرت فوز الدكتور ابراهيم الجعفري بفارق صوت واحد فقط على الدكتور عادل عبد المهدي الامر الذي زاد في تفاقم الازمة لاحقا. فالجهد الذي بذله السيد عبد العزيز الحكيم وباقي شخصيات الائتلاف العراقي الموحّد مع القوائم الاخرى لم تأت بجديد حيث اصر الاخرون على موقفهم من ضرورة استبدال الجعفري بشخصية اخرى الامر الذي اخّر اتمام الصفقات السياسية الاخرى اشهر ثلاث. بيد ان اصرار الدكتور الجعفري على احترام الاليات الديمقراطية التي جاءت به الى رئاسة الحكومة من جهة واصرار القوائم الاخرى على ضرورة انتهاج مبدأ "التوافق" من جهة اخرى لم يكن بينهما ادنى تقارب. لذا فكان لابد لاحد الفريقين من التضحية لاجل العراق والشعب المنهوك، ولان الائتلاف العراقي الموحّد المعروف بسياستة التسامحية ومنهجه التواضعي وسيرته الايثارية ولانه اكبر كتلة برلمانية يقع على عاتقها مسؤولية لم الشمل فقد اثر على نفسه ان يبقى موحّدا ويوحّد الاخرين معه فجاء التنحي الذاتي للدكتور ابراهيم الجعفري بمثابة رفع العصي التي وضعها البعض في دولاب العملية السياسية في محاولة مفضوحة لاستعادة العملية السياسية الى المربع الاول. وبذلك آثر الدكتور الجعفري لاجل العراق والشعب العراقي ولاجل وحدة الائتلاف. اما الائتلاف العراقي الموحّد وبسياسته العقلانية فقد جازى الدكتور الجعفري على موقفه المشرّف هذا بموقف مقابل وذلك باختياره لشخصية ليس اقل وطنية ولاهمة من الجعفري وذلك باسناد رئاسة الوزراء الى الشخص الثاني في حزب الدعوة الاسلامية فيما هو الاستاذ نوري كامل المالكي (ابو اسراء المالكي). هذه الالتفاتة الناضجة حقيقة لم تزد الائتلاف العراقي الموحّد الا تماسكا وتعاضدا وقوة واصرارا على خوض غمار الصراع ككتلة واحدة يشد بعضها بعضا كالبنيان المرصوص. لقد اثبت الائتلافيون في هذا الامتحان انهم جسدا واحدا اذا اشتكى منه عضوا تداعت له سائر الاعضاء بالسهر والحمّى تماما على وصف الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلّم للمؤمنين في توادهم وتراحمهم. حقيقة لقد احرج الائتلاف من ارادوا به سوءا وحشرهم في زاوية لم يكن يتوقعوها فلم يكن امامهم الا القبول بالواقع والرضا على مضض. وبذلك يكون الائتلاف قد قطع شوطا كبيرا في سلّم المحادثات الثنائية مع الاطراف الاخرى لتشكيل الحكومة من جهة وحافظ على وحدته فيما هي وحدة للعراق في النهاية من جهة اخرى. للامانة التاريخية وللانصاف نقول ان الماخذ والملاحظات التي تشكلت على اداء حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري لم تكن قد صدرت من المناوئين فقط وان كانوا يرمون من وراء ذلك حصد مكاسب سياسية من جهة واغراق العملية السياسية برمتها بالمغالطات والمناكفات من جهة اخرى، بل كان لانصار الدكتور الجعفري وناخبي الائتلاف عتب وامتعاض ايضا للطريقة التي اديرت بها مفاوضات الائتلاف مع بقية القوائم من جهة وماتمخض عن المحادثات مع تلك القوائم من جهة اخرى. لكن يمكن حصر اغلب العتب الصادر من القواعد على القيادات بالاتي: 1. قيادة الائتلاف العراقي الموحّد كانت سببا في صعود بعض المغمورين من التكوينات الاخرى الى مستوى القيادات في مناطقهم والذين كانوا سببا في تدهور العملية السياسية فيما بعد. حيث استجلبت قيادة الائتلاف بعض الاشخاص من المناطق الغربية مثلا في محاولة منها لتعديل التوازن الطائفي الذي بدا مختلا بعد نتائج الانتخابات الاولى. 2. التنازلات التي قدّمتها لجنة التفاوض عن الائتلاف للمحافظة على حكومة الجعفري لم تكن في محلها وليس لها من مبرر. فمثلا تشكيل "المجلس السياسي للامن الوطني" لم يكن الا خدعة وحفرة قد اعدت للائتلاف وقد وقع فيها! حيث استدرج الائتلاف الى فكرة مجاراة القوائم الاخرى والنزول عند رغباتها املا في غض الطرف عن المطالبة باستبدال الجعفري كرئيس للوزراء! لكن اثبتت المشاورات ان الائتلاف لم يكن على درجة من الحزم مع الاخرين ليدير المفاوضات وفق شروط مسبقة. 3. لم يكن المفاوضون عن الائتلاف العراقي الموحّد بمستوى الحزم والشدة التي تعاملت بها القوائم الاخرى معه لينتزع منها تنازلات بمستوى تلك التي انتزعت منه. فانتزاع بعض صلاحيات رئيس الوزراء واضافتها الى صلاحيات رئيس الجمهورية مثلا لم تكن وفق صفقة يمكن القول عنها انها "مصلحة متبادلة"! 4. ضعف الاداء الاعلامي للائتلاف وبالتالي ضياع الكثير من الحقوق فضلا عن غياب الموقف الاعلامي الموحّد وتحديد الاهداف والمنطلقات ومناطق الضرب، في وقت كان فيه المناوؤن يضربون الائتلاف وانصاره تحت الحزام وفوقه. هذا فضلا عن غياب الناطق الرسمي باسم الائتلاف في مواقف الحرج عن المؤتمرات الصحفية وترك القضية للاجتهادات الشخصية لاعضاء الائتلاف البالغ عددهم 128 لكي يعبر كل منهم عن رايه! 5. اعتماد الائتلاف النهج المفضوح للمشاورات سواء بين قياداته او مع المرجعية في النجف الاشرف الامر الذي ادى الى تكالب القوى الاخرى على الائتلاف بما فيها الدول العربية كمصر والاردن والسعودية مثلا. 6. التصريحات الغير مدروسة العواقب بشكل جيد والغير منسّقة بين تشكيلات الائتلاف السبعة في اشارة قد تلاقفها المنافسون غياب الراي الموحّد للائتلاف وهو ماكان سيؤدي الى شق صفوف الائتلاف وتحويله الى اقلية في البرلمان لولا تدخل المرجعيه في النجف بالقضية في الوقت المناسب. هذه المؤاخذات ليست كل شئ ولم ينته الامر عند هذا الحد فلازالت المباحثات جارية لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي يمكن ان تحمل بعض المفاجئات الغير متوقعة. اما رئيس الوزراء المكلّف السيد نوري المالكي فقد تعهد بانجزاء المهمة في اربعة عشر يوما فقط. لكن هل سيتوقف مسلسل المؤامرات ضد الائتلاف والطعن بشخوصه؟! وهل سيفهم الاخرون ان الائتلاف العراقي الموحّد هو من رحم هذا الشعب وليس دخيلا عليه؟! ربما سيفهم هؤلاء يوما ولكن هل ستتركهم القوى الدولية والتي لايروق لها اي تقارب بين القيادات والقواعد كما ويقلقها زيادة اللحمة الوطنية بين المكونات السياسية والاثنية للشعب العراقي؟!
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |