|
عندما نتَفَهّم واقع العراق نعش بأمان
شوقي العيسى
العراق بلد كسائر البلدان العربية المنهكة والمتعبة سواء في المجال الإقتصادي أو السياسي أو حتى على مستوى تبلور الأفكار السائدة في المجتمعات البسيطة ، حيث أن العراق خضع لكثير من الهزّات والإرتجاجات السياسية التي كانت السبب الرئيسي في تقطّع أنفاس هذا البلد ومنها الإحتلالات التي شهدها والحروب الدامية التي أتخم فيها. فعندما ندرس واقع العراق يجب علينا أن نعلم مَنْ هم العراقيون؟؟؟؟ حتى نبدأ بتصنيف الشعب العراقي نضع بنظر الأعتبار أن العراق بلد مابين النهرين ويمتلك حضارة عمرها سبعة آلاف سنة وهي الحضارة البابلية والآشورية والكلدانية العراقيون يقسّمون الى طوائف وأديان ومذاهب وأعراق وكل هذه الفئات التي يتكون منها الشعب العراقي لها آفاق أستراتيجية في منطلق حياتها ، إذن فهناك أكثر من جهه هي المسؤولة أو لنقُل عليها واجبات وحقوق مازالت تعيش تحت سقف هذا البلد ، فبعد الإرتجاجات الأحتلالية التي حدثت في العراق منذ زمن أحتلال المغول ومن ثم العثمانيين والأنكليز حتى أنتهت بثورة العشرين التي قادها الشيعة في العراق . تولدّت لدى كافة العراقيـين حالة عدم الثقة بآراء الآخر والأطراف المشتركة في عنوان الشعب العراقي وهذا ماولده الإحتلال الإنكليزي حيث جعل من التقسيمات الإدارية للعراق نموذجاً أستفاد منه طيلة بقاءه في العراق حتى أتسعت الرقعة وأزداد هيجان الإختلاف عندما تولى البعث السلطة في العراق فكانت الفجوة الكبرى عندما تمكن النظام من إستغلال الفئات التي تخدمه ضد الفئات التي كانت تأخذ مأخذ الحياد لتراقب المسيرة فلم يسع الوقت لذلك حتى فتحت براكين كثيرة ضد الشعب العراقي وأتسعت رقعة الحديث هذا سني وهذا شيعي من خلال المناصب الإدارية التي كانت في مؤسسات نظام البعث حتى بات الأمر جداً مختلج الجوانح بطابع طائفي . وفي غمرة هذا الصراع الذي أوجده نظام صدام بين الشيعة والسنة في العراق يقبع الأكراد في صراع مرير مع هذا النظام نفسه لأجل نيل إستقلالية أو لطرد شبح الخوف والقتل والدمار الذي أصيبوا به فلم يستقر الوضع فقد وضع النظام البعثي أسس لقتال الأكراد للسيطرة عليهم ودام هذا الصراع لسنوات عجاف أستغل فيها صدام لمحاربة الأكراد الجيش العراقي وبهذا ضرب عصفورين بحجر بزرع نقاط الخلاف بين الأكراد والعرب داخل العراق سواء كانوا سنة أو شيعة أو حتى من المسيحيين الذي كانوا في صفوف الجيش العراقي فنشأت حدة الغضب والخلاف من الأكراد ضد العرب العراقيين وبالعكس وبهذا فتحت هوة كبيرة يصعب على الزمن إلتآمها بسهولة ومنها أستفاد النظام من الضحايا التي تتساقط من كلا الجانبين حتى يكون لدى كل منهم شعور بالحقد والضغينة ضد الآخر. نعود لكي نصنف الشعب العراقي الذين هم من المسلمين الذين ينقسمون الى السنة والشيعة ومن الأكراد الذين هم من السنة والشيعة ومن المسيح الذين هم من الآشوريين والكلدانيين ومن الصابئة المندائية ومن اليهود الذين كانوا يعيشون في العراق قبل تهجيرهم ومن التركمان والشبك إذن فنحن أمام جمة من الطوائف والقوميات والأديان وهي بطبيعتها لها أختلافات قد تكون واسعة الأفق فيما بعضها ولكن هناك حقيقة قد تكون مشتركة ألا وهي الظلم والمعاناة في زمن صدام قد ينفرد بعض من هذه الجهات ممن لم يمسه الضيم والقهر والإضطهاد ولكن بشكل عام الواقع كان مريراً والكل كان يأمل بالأطاحة بهذا النظام وأستمرت النضالات من كافة الجهات طيلة بقاء صدام بالسلطة ولكن دون جدوى من ناحية عدم الأتفاق على صيغة تجمع الأطراف المعارضة لأسقاط النظام ولوجود التخوّف من الآخرين من عدم الوفاء بالعهود فأستمر الصراع حتى جاءت أمريكا لتحسم هذا الصراع المرير وتسقط صدام بأحتلال العراق عام 2003 فما كان من جميع المعارضة إلا أن ترتضي بهذا الواقع وتعمل على تجاوز كل أخفاقات الماضي لتسطرها في حلقة جديدة مفرغة من الخلافات. إذن فقد تولدت المعارضة وأنجبت شبه حكومة ولكن هناك لازال الصراع وعدم الإنجذاب بشفافية لعمل هذه الحكومة أو تلك وذلك لكون الكل يخشى الكل ودائرة الصراع مستمرة وذلك لعدم المعرفة الحقيقية بماهية الطوائف ومن هم العراقيون لكون المعادلة ليست صعبة فمازالت هناك عدة طوائف وقوميات فهناك مختلف التوجهات فعندما نعرف أن هذه الطوائف والقوميات هي العامل المشترك في إدارة الشعب العراقي سوف نعش في أمان وأستقرار وعندما يذهب عامل الخوف والتخوّف من الآخرين ونتعامل بشفافية سوف يأمن العراق وعندما نحاول جاهدين نزع مخلفات الأحتلال ونظام صدام في رفع سقوف الإختلاف في الآراء سوف نرتقي الى عالم البراءة وأعتقد أن الجميع بدأ يتفهّم هذه المعادلة في الآونة الأخيرة وأعتقد أن المشتركات الكبيرة هي التي تجمع الفرقاء، وأن الدخول في الصغائر سوف يفرّق الجماعات وتقبلوا التحيات.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |