حُكومَتُنا

قاسم محمد الكفائي / كاتب عراقي – كندا

iraqisiraq@yahoo.com

كان العراقيون في سابق العهد يتمنَونَ الحرية ويحلمون بها ولم يجدوها . مع هذا الحلم كان الموتُ بكل أوجهه متوفرا ، وكذلك الحرمانُ ، والفاقة ، والبؤس ، وفقدُ عزيز . فكم من العراقيين رحمهم الله أُعدِموا لا لذنبٍ سوى أن بعضَهم تحدَّثَ لنديم لهْ عن حلم  في المنام رأى فيه سقوط نظام صدام حسين . ولما استفاق صباحا لم يجد غيرَ وسادتِه تحرَّكتْ من تحتِ رأسِه وابتعدَت عنهُ مما سبَّبَ لهُ إزعاجا في نومِه ، َحلِمَ وعساهُ لن يَفيق . ولما عرفت اجهزةُ أمن النظام بطريقة وأخرى سارعت الى اعتقال ( المُتهم ) ، والتحقيق معه بتهمةٍ مخلةٍ  بالشرف ،  (يكره السيد القائد – أو ضد الحزب والثورة ) بدليل حلمهِ . فكانت الضريبة هي الأعدام ، والمحظوظ ( اليَخَلصْ ابعشرين  سِنه سِجن بشرط بعد ما يحْلم بَعَدْ مِثل هيجي حِلِمْ ) . اليوم غابت لغةُ الموت في العراق بشكلها الرسمي ، وغابت كلُّ مظاهر الأستبداد ، وما بقت غيرُمطايا ذلك النظام  يتحركون في مستنقع عدوانيتهم ويأسِهم ، محاولين عملَ المزيد من الخسائر في صفوف أبناء العراق الصابرين ، تساندهم ( شلة ) من الوهابيين المستورَدين من دول الجوار ، و حفنة من منافقي الداخل . لقد إنقضى ذلك العهدُ المظلم ، وأشرق علينا عهدٌ جديد ، وأشرقت شمسُ الحرية فتوهجت دروبُنا بأنوارِها ، وصارَ لنا مزاجٌ ، ومشروعية ، وممارَسة ، وحقُ تعبيرٍ ، نمارسهم كحقٍ من حقوقنا وليس مكرُمة علينا من قائد ولا ضرورة . بهذه المشروعية رَسَمْنا شكلَ حكومتِنا التي نُريد بخطِها العام ، أما التفاصيل فهي شأنُ مَن حَمَلَ الأمانة000000000000000000000 سيادة رئيس الوزراء .

تبقى وجهات النظر التي يطرحُها الجَمهور بشأن تشكيل الحكومة ( التفاصيل ) هي حالة صحيّة غير مفروضة ، الغرض منها عملية تلاقح ، وخلق أوسع مناخ أمام تصورات واختيارات رئيس الوزراء لأعضاء وزارته . من هنا نطرح وجهة نظرنا ( فقط بأشارة ) على أساس هذا التلاقح مع وجهات نظر الآخرين ، ونتمنى أن نكونَ قد وفينا بها قسطا من الدَين .

واقعنا الذي عشناه من قريب  خيرُ شاهدٍ على المصائبِ التي ألمَّت بشعبِ العراق على المستوى العام إبان حكم نظام البعث . لكنَّ الذي وقعَ على شريحتين من شرائح المجتمع العراقي هما الشيعة ، والأكراد كان أعظم ، وأدهى ، وأَمَرْ . فليس من الأنصاف أن يتسلل أبو ( كلاش ) ليسرق حقَّ هذين الشريحتين تحت سقف خزعبلات التوافق أو المحاصصة اللذين يُعدّان أقبح وجهين من أوجِه الديمقراطية . فالأستحقاقُ الأنتخابي هو المُحرِّكُ الفاعل لعجلةِ المسيرةِ الديمقراطية لدى الشعوب في سائر البلدان ، وهو التعبير الناجح الذي خاضه الشعبُ العراقي وأعلن من خلاله كلمته . فكيفَ يُمكن لهذه الكلمة أن تذوب في صخب السياسيين الجياع ، ومنافقي الطائفية ، والمتطرفين كي يحصلوا على مناصب وزارية لا يستحقونها ؟ نتمنى أن تبقى ذراع المستحقين قوية دون أن تلويها ذراع . وعندما أجدُ نفسي أنا العراقي مسؤولا بحكم المواطَنة للدفاع عن وطني وبناءه  لابدَّ لي أن أتحرك بصدق نيَّة في عملية البناء السياسي والأقتصادي  لتكون مواطَنتي هي المنظار الأمثل في التقييم . فمثلما أعتز بشجاعة وصبر الأخ باقر الزبيدي وزير الداخلية ، كذلك أعتز بحكمة وعقل وأخلاص الدكتور أحمد الجلبي ، وبهمَّة وحماس ووطنية الأستاذ مثال الآلوسي ، أو وفاء الزيباري . انا لا اريد أن انتمي لشخص وألغي الآخرين من المخلصين . في الأيام القليلة القادمة سَيُسَلِم السيد الجعفري الأمانة التي في عهدته الى خلفهِ الأستاذ المالكي بروح حريصة على إنجاح العملية الديمقراطية ومتعلقاتِها ، ليكون الجعفري الرجل الأول الذي مارس هذا الدور العظيم بشرف ونبل وشجاعة القائد والمواطن المُهذب . إذن أين سيكون موقع رئيس الوزراء المنتهية ولايته في العراق ؟ هذا السؤال يدلنا على بابٍ واسع وكبيرٍ لابدَّ من الدخول من خلالِه حتى نصل الى الغاية المرجوَّة في حياتنا بتفاصيلها . فعندما نقول أن عصر التسلط ولّى دون رجعة ، عندها يحكمنا التمسك بمصلحة الوطن العليا ، بمعنى أن السيد ابراهيم الجعفري عليه أن يواصِل نشاطه من موقع مُختلِف سعيا منه لتقديم المزيد من الجهود المخلصة لخدمة العراق وشعبِه . فالعمل قد يكون من باب أنه مستشارا في موقع ما ، أو متابعا لأحوال الحكومة لنقدها أو الثناء عليها . فالمسؤولية  لا تنتهي ونتمنى أن يجدَ الجعفري هو وأخوتُه من الوزراء مكانهم اللائق لمواصلة مسيرتهم بروح المواطنة لا بانتفاخ ذاتٍ أو توجّس . من هنا يتوجب على ممثلي الشعب في البرلمان أن تثمن الدورَ الذي لعبَهُ رئيسُ الوزراء المنتهية ولايتُه ، وتثمن دور الوزراء ، والوكلاء ، والمدراء العامين لتكريمهم بمكرمة سخية تأمِّن لهم حاجتهم بكل تفاصيلها حتى يعيشوا مكرَّمين ، تملأهم الغبطة وهم يحظون بحب واحترام شعبهم لهم . المكرمة هذه يقدمها لهم رئيسُ مجلس النواب نيابة عن الشعب . حتى رئيس الجمهورية له نصيب من هذه المكرمة كما للآخرين . أما اذا كان من بين هؤلاء مَن انحدر في هاوية التبعية للخارج  ضد مصلحة بلده وشعبه ، أو أفسد ، أو استباح  ، نتمنى أن تكون حصته ( قازوقا سخيا ) وبأسم الشعب تثمينا لتبعيتِه وفسادِه واستباحتِه مهما كان حسَبُه أو نسَبُه ، ولا تهاون فيها أو مجاملة . كذلك جل ما نتمناه هو أن تختلط الأرواح والنفوس ، وتذوب الفوارق الطائفية والقومية ، فتكون هوية المواطن عراقيته لتجاوز كل الصعوبات التي تعترض تشكيل حكومة نوري المالكي لبناء دولة القانون.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com