|
بداية استميح آل السعيد وآل جبر العذر لعدم قصدي الأساءة الى روحي المرحومين نوري السعيد و صالح جبر الذين كانا غالباًً ما تداورا رئآسة الوزراء في العراق ابان العهد الملكي . و إنما أوردت اسميهما إشارة لتقلّبات المفاهيم و الأهواء منتقداً بلادة و سذاجة بعض الامعات من الناس ليس إلا . تدور أحداث قصتنا هذه أمام محل (جراخة ) خراطة المرحوم الحاج سعيد البغدادي في محلّة الدهّانة من العاصمة العراقية بغداد في بداية سني الثمانينات. و خراطة الخشب لها تأريخ مهني يمتاز بالفن و البراعة , وهي حرفة لا يجيد قديمها المستحدثون من أبنائها . و اقصد بالحرفة القديمة هي التي كان يجلس ( الجرّاخ ) الخراط فيها واضعاً مقعده على الأرض مادّاً رجليه محتضناً بها طرفي ( الدبل ) جهاز خراطة الخشب المحلي الصنع ماسكاً بيده السير الجلدي الذي يلفّه على القضيب الذي يدوّر قطعة الخشب الغير منتظمة التشكيل كي يشكّلها على هيئة مدوّرة مخروطية الشكل كـ أرجل الأرائك و الكراسي و بكرات النارجيلة و ( المكاوير ) الهراوات و مقابض أدوات المطبخ و ( ميالة الزورخانة ) ....الخ . أمّا الآن فالمكائن الحديثة و حتى شفرات قطع و تشكيل و تسوية الخشب أصبحت مستوردة بدل أن كانت يصنعها الحداد المحلّي من مواد محلية الصنع. جلس المرحوم الحاج سعيد البغدادي مفترشاً ارض محل ولده محمد دافعاً ( الدبل ) المخرطة بعد أن خلع ( كيوته ) و الكيوة باللغة البغدادية و تسمى ايضاً كالة باللغة الكردية تعني الحذاء الشعبي المصنوع من نسيج خيوط القطن الابيض . جلس الحاج سعيد إلى آلته القديمة رافضاً المكائن الحديثة التي جلبها له ابنه محمد وبينما انهمك الحاج سعيد بعمله كنت أنا انتظر قطعة خشبية منه لاستلمها بعد أن ينتهي من ( جراختها ) خراطتها و كان يقف إلى جانبنا شخص يدعى ( ص ) كان قبلها برتبة رئيس ضمن طاقم حماية المرحوم عبد الكريم قاسم عندما كان ( زعيماً ) للعراق , زمن كانت الرتب العسكرية آنذاك غير ما عليها اليوم من تسميات : فرتبة الرئيس تعني النقيب , اما الرائد فكان يدعى ريّس اول و العميد كان يدعى آنذاك بالزعيم . أخذ الرئيس السابق ( ص ) يسرد تأريخه النضالي الوطني مبتدءاً من مراحل الدراسة الابتدائية و كيف كانوا يخرجون وهم في سرايا فتوّة الجهاد التي تشكّلت في العهد الملكي اثر حركة الاستيطان الصهيونية في فلسطين , ثم استطرد الريس ( ص ) ليذكر حادثة معاهدة بورتسموث و كيف ان فتوة المدارس خرجوا بمظاهرات كان الأخ ( ص ) أحد قادتها و هم يهتفون : ( نوري السعيد القند ...؟ آو صالح جبر قيطا ...؟ ) . فما أن سمع المرحوم الحاج سعيد و هو الرجل الثمانيني آنذاك , وكلنا نجلّه و نحترمه كأب كبير لنا إلا و استشاط غضباً و قال بحدّة شديدة للأخ ( ص ) : ولك أي ابن القح ...؟ هل بقيت على كلامك هذا أم أبدلته بعد أن أعطوا كلّ واحد منكم قران و كليجاية ؟ , ثم أردف قائلاً له بغضب شديد : لو انته زلمه قول لهم ماذا هتفت بعدها ....؟. و بالطبع تخلل ذلك الكلام ضربة من الحاج سعيد الى ( ص) بالكيوه ( الكاله ) . و القران هو عبارة عن قطعة نقود معدنية من ذوات العشرين فلساً , امّا الكليجة فهي عبارة عن معجنات مشوية مكورة بالفرن أو بالتنور البيتي محشوة بالتمر أو السكّر و الجوز , وتسمى ببلاد الشام بـ المعمولة. عند ذاك ما كان من السيد ( ص ) إلا وأن اجبر على الاعتراف بأنه بعد أن أخذ القران و الكليجة إلا و هتف مثل ما لقنوه بشعار هو مخالف تمام الاختلاف عن الشعار الأولى , وكان مفاد هذا الشعار الجديد هو : نوري السعيد شدّة ورد .... او صالح جبر ريحانه . ضحكنا كلنا على هذا الاعتراف الذي برره الأخ ( ص) بأنه هو الغالب فيه لانهم جميعاً ( طلاب تلك المدارس الابتدائية و الثانويات ) قد استلموا القرانات و الكليجات وذلك حسب مستوى فهمهم و تفكيرهم كرابحين في تلك الصفقة . و ألان عزيزي القارئ الكريم : لو دققنا النظر و تمعّنا بهؤلاء الأولاد ( الصبية ) الصغار الأبرياء و هم في سن الدراسة الابتدائية او حتى الثانوية , يا ترى من اعدّ لهم طريق المسيرة و اعدّ لها اللافتات , ثم من جعلها تغير طريقة احتجاجها و تفكيرها بـ 180 درجة معاكسة , ثم من اين الدعم المالي , أي من دفع القرانات و ثمن الكليجات , وكم بيت من البيوت أو كم من الأفران انشغلت بعمل هذه الكليجة ؟ يجيب على كل تلك التساؤلات الجراخ المرحوم الحاج سعيد البغدادي : بأن كل ذلك من عمل ( السعلوّة ) ! ... و لكن من هي السعلوّة ؟ إنها السفارة البريطانية التي يسميها العراقية بـ ( بيت أبو ناجي ) ويسمي الحاج سعيد مركز الاستعلامات البريطاني ( إدارة المخابرات البريطانية ) بالسعلوّة نسبة لحيوان السعلوّة التي تدعى بالعربية الفصحى بـ ( السعلاة ) و المتعارف عليها في الحكايات الشعبية إنها تشبه المرأة التي تلبس العباءة السوداء وتخطف الأطفال لتختفي بعدها عن الأنظار . عزيزي القارئ الكريم : رحم الله تلك الأيام , وسعلوّة تلك الأيام , إذ كانت مقالبها و مكائدها بسيطة و هادئة و لا تقاس بأيامنا هذه , حيث سعلوتنا اليوم لا تخطف الأطفال فقط ! إنها تقتل السنة لترمي بجريمتها على الشيعة , وتقتل الشيعة لترمي بجريمتها على السنة لتؤجج الحرب الأهلية فيما بين شرائح الشعب العراقي المتآخي أصلا ! إنها تنسف و تهدم البنى التحتية لمؤسسات المجتمع العراقي و تفجر محطات توليد الكهرباء و محطات تصفية الماء , تهدم المستشفيات و تنسف دور العبادة , تقتل العمال الكادحين الباحثين على لقمة عيشهم ! إنها تارة تفجر أنابيب النفط , وتارة تهربه إلى الخارج ! انها لم تبق شيئ من القتل و الابادة و الخراب و الدمار لم تفعله . ألا لعنة الله على السعلوة ..... ألا لعنة الله على السعلوة ..... الا لعنة الله على السعلوة ! و ليرحم الله شعبنا المظلوم من مكائد و أحابيل السعلوة الملعونة ! و لكن هل يكفي اللعن و الدعاء لوحده ؟ المطلوب عزيزي القارئ الكريم العمل الجاد لأجل طرد هذه السعلوة الملعونة ! العمل الجاد هو الذي قام به الصدريون في البصرة عندما شيعوا جنازات علمائنا السنة الذين قتلهم الارهاب الحاقد ! العمل الجاد هو الذي قامت به مرجعية السيد السيستاني عندما اغلق مساجد الزبير احتجاجاً على مقتل الإمام السني ! العمل الجاد هو الذي يدعونا نحن أبناء عشائر السنة بان نشد حزام النخوة العراقية و نذهب بأنفسنا لنجلب اخوتنا أبناء الشيعة التي هجرهم السفهاء منا باسم السنة لنرجعهم الى جوارنا معززين مكرمين! العمل الجاد هو الذي يدعونا نحن أبناء عشائر الشيعة بان نشد حزام النخوة العراقية و نذهب بأنفسنا لنجلب اخوتنا أبناء السنة الذين هجرهم السفهاء منا باسم الشيعة لنرجعهم إلى جوارنا معززين مكرمين ! و عندها سنكون قد بدأنا أول الطريق للقضاء على السعلوة الملعونة . ودمتم لأخيكم
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |