|
في أي طريق نحن سائرون ؟ فؤاد المازني – عضو مجلس محافظة البصرة الخير والشر خصلتان متنافرة ومتقاطعة وهما متجذرتان في النفس الإنسانية منذ القدم وديمومتهما متواصلة بإمتداد الحياة البشرية عبر الأزمان والاقصاع وتقاطع هاتان النزعتان داخل النفس يولد الارجحية لاحداهما على الأخرى في إمتلاك زمام الأمور في اللحظة الحياتية التي يمارسها الإنسان وقد تتواصل تلك النزعة في هيمنتها على مسيرة الحياة لذلك الإنسان لأكثر من زمن اللحظة التي يعيشها وتصبح سلوكية ميدانية متأصلة ومستديمة تصل الى حد الهوية التعريفية له داخل الوسط المجتمعي المحيط به والمتعامل معه ، وهذا لايعني أن لا تحصل توقفات في تلك السلوكية وتتحول نحو نقيضها في فترات تقصر أو تطول تبعاً لما يتعرض له أو يواجهه صاحبها من متغيرات نفسية أو بيئية ضيقة ومحدودة أو شاملة واسعة ويؤخذ في الاعتبار الضغوطات الداخلية أو الخارجية المؤثرة فيه أو عليه من تأثيرات إجتماعية وثقافية وإقتصادية وحتى سياسية . ولو سلطنا الأضواء على مكامن النفس لرأينا أرجحية الخير واضحة جلية والسبب يعود الى أن أصل خلقته لأجل إصلاح الدنيا وإعمارها وتمثيل خلافتها على أكمل وجه في الأرض ، ولما كانت خصلة الخير متعمقة فلابد من إظهارها لتطفو على واقع ملموس في حياة النفس البشرية وبطبيعة الحال لكي تطفو على السطح لابد لها من المرور عبر بوابة النزعة الأخرى ألا وهي نزعة الشـر ونتيجة ذلك التقاطع لكلتا النزعتين تصل المحصلة النهائية الى السلوكية العملية لذات الإنسان . فقد تتغلب الأولى وتنتصر إرادة الخير بنحو الفلاح والصلاح وتحصل على المطلب المنشود في خلافة الأرض بالطريق المخطط لحياة الإنسان في نيل السعادة والرفاه والهناء ، وربما تندحر وتخسر على حساب الأخرى فتنتصر إرادة الشر فتصبح السلوكية العملية لذات الإنسان بنحو الفسـاد والدمار . أصل الموضوع الذي نريد أن نعرج عليه ينطلق من بديهية الأيمان بأن الصحيح خطوة نحو الخير والخطأ خطوة نحو الشر.. النقطة الاولى إذا كانت الخطوات الصحيحة متوالية ومتسلسلة فبالتالي يصبح طريق الخير سالكاً وينعم كل من فيه بشمس الحياة وإشراقاتها السعيدة ويتحقق هدف خلقتهم وخلافتهم على الأرض . وإذا تصورنا حصول الخطأ في ذات طريق الخير فهو عثرة يستطيع المرء الوقوف ومواصلة الخطوات الصحيحة من حيث عثر ويواكب مسيرة النجاح والفلاح وعلينا أن نؤمن بأننا لسنا مثاليين أو مبالغين فليس فينا من هو معصوم من الخطأ ولكن في ذات الوقت علينا أن نؤكد لابد أن يكون الاعتراف بالخطأ وتصحيحه سبيلاً لمواصلة المسير دون تلكأ أما تبرير الخطأ فهو تزيين الباطل له على فعله وتشجيعه لتكراره والإصرار عليه . وبنتيجة الحال يصبح المجتمع متماسكاً يسوده الأمن والأمان وحياة هادئة مستقرة بنحو الإجمال ...النقطة الثانية إذا كانت الخطوات الخاطئة متوالية ومتسلسلة فبالتالي يصبح طريق الشـر سالكاً وينتج عن ذلك إنزلاق الإنسان في دهاليز ظلمة الحياة وكهوف الصراعات والمعاناة تصل الى حد شريعة الغاب ، وإذا إعتقدنا وقوع الصحيح في ذات طريق الشـر فهو صحوة ينبغي على صاحبها مراجعة النفس والعدول عن ذلك الطريق الوعر والاتجاه نحو طريق الخير بكل ما يملك من قوة وعزيمة وشجاعة وإقتدار قبل أن يراوده الباطل من جديد ويؤنبه على فعله ليجعله يعاود المسير في طريق الخطأ ويصبح المجتمع دون إستقرار أو أمان والحياة يسودها الفساد على نحو الإجمال . هناك منهجية فكرية عقائدية لكل من الخصلتين الخير أو الشـر تعتبر مصدراً لتنشيط وتفعيل تلك الخصلة وتمكينها من الأخرى ، فمن جانب إذا كانت المنهجية العقائدية لنزعة الخير مثلاً متأصلة وراسخة فكرياً تصبح مصدراً فاعلاً لهيمنة الخير على الشر في ذات الإنسان وخير دليل على ذلك جميع الرسالات السماوية تدعو الى الخير والمحبة والصلاح للإنسانية جمعاء دون النظر الى الهوية أو الجنس أو اللون أو العرق . وعكس هذه المفاهيم فإن النزعات الشيطانية تمني النفس الإنسانية بمنهجية عدائية تجاه الآخرين وعلى ضوء ذلك تدعو الى إصلاح وهمي يؤدي في نتيجته الى فساد في الأرض . ومن جانب آخر هناك وسائل ودلائل ومفاتيح عملية ترشد الى كلا الطريقين .. فالصدق والأمانة والإخلاص والثقة المتبادلة والحرص والالتزام والاحترام والحب وعلى شاكلة هذه المفاهيم جميعها تساهم في الهداية الى طريق الخير.. وبالمقابل الكذب والخيانة والغيبة والنميمة والتدخل في شؤون الآخرين والبهتان والنقد الهدام والرشوة والمحسوبية والفساد والبغض والحسد وعلى شاكلة هذه المفاهيم جميعها تساهم في الغواية في مهالك طريق الشـر .. وأخيراً أين نحن من هاتين الخصلتين ؟ أي منهجية نعتقد ونفكر ونتبنى ؟ وفي أي طريق نحن سائرون ؟
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |